خارج السرب: «takfoon»
الجغرافيا حظوظ، خريطة لك وخريطة عليك، أوباما مثلاً رئيس الولايات المتحدة لو كان مولوداً في كينيا فلربما كان يقضي أيامه الأخيرة الآن في سجون الانقلاب يغسل "هدومه" و"خلاجينه" بيده، ويحفر بأظافره الأيام والساعات والثواني على جدران الزنزانة مستذكرا ميشيل و"ورعانها"، بالمقابل رئيس منتخب لدولة عربية و-إفريقية أيضاً- لو كان مولودا في أميركا لكان الآن يسلم خلفه مبتسماً مفاتيح الرئاسة، ويمضي لحال سبيله ليقضي باقي حياته بين أولاده وأحفاده و"قروبات الواتساب".تالله وبالله الجغرافيا ظلوم غشوم تظلم حتى الناجحين أحياناً، فترامب الرئيس الأميركي الجديد أيضاً ظلمته الجغرافيا، فالتعب والجهد العظيم اللذان بذلهما طوال شهور وشهور لإقناع الأميركيين بأفكاره كان من الممكن أن يكونا مجرد نزهة في حال كان مرشحا هنا في انتخاباتنا. دعونا نعترف أن شعارات ترامب ووعوده تلقى قبولا واسعاً عندنا رغم أنف مثاليتنا وسفسطائيتنا الأخلاقية، شعارات مثلها أوصلت قبلاً مرشحين لا يملكون قواعد قبلية ولا عائلية ولا فكرية ولا حلزونية، وبلمح البصر للكرسي الأخضر.
ماذا قال ترامب؟ أميركا للأميركيين، هذه العبارة وضعت يوماً بصيغتها الكويتية على المنصة تحت قبة عبدالله السالم، و"على عينك يا دستور" و"وين إذنك يا شعب"! ترامب وصف الهاسبان أو المكسيكيين والسود والأقليات بأنهم طارئون، هذه أيضا كانت شعاراً وبرنامجاً انتخابيا لمرشحين ناجحين تحت ترجمة "اللفو والطراثيث والهيلق"! ترامب كان طائفياً، يا سلام يا سلام اللعب على وتر الطائفية هنا بمثابة وقود صاروخ النجاح الخارق لسرعة الصوت الانتخابي، أو قل هو سيمفونية الطموح الأولى، و"فتح جروح طائفتك تأكل ملبن"، ترامب كان شتاما لعاناً و"مالوه" كما يقول المصريين، الشتم وامتهان الكرامات والطعن بدون دليل ديدن طقوس عمليتنا الانتخابية حسب توقيت ديمقراطيتنا وضواحيها. وللأمانة الشيء الوحيد الذي لم يقله ترامب في حملته هو "تكفون" تلك الكلمة التي دخلنا بها موسوعة غينيس كأكبر وهم ديمقراطي في العالم، ولكن أتوقع أن يقولها ترامب مستقبلاً إن اكتشف يوما ما جنّتنا الانتخابية الموعودة "لمثله وشرواه"، عندها سيصرخ أبو إيفانكا وبأعلى صوته "Takfoooon"، وسيلعن اليوم الذي ظلمته فيه الجغرافيا والخرائط والحلم الأميركي. داخل السرب: عزيزي الناخب: لا تنه عن "انتخابات" وتأتي مثلها ... عار عليك إذا فعلت عظيم.