جيب المواطن
الحكومة ماضية قدماً في تنفيذ حزمة سياساتها المنحازة الواردة في خطتها "التنموية"، وأيضا في وثيقتها الاقتصادية والمالية، مما يعني أن جيوب المواطنين ذوي الدخول المتوسطة والمنخفضة ستُمس مباشرة، أي أن مستوى معيشتهم سيتأثر سلباً تحت ذريعة معالجة عجز الميزانية العامة للدولة.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
والسياسات المالية التي نفذتها الحكومة في الآونة الأخيرة، والتي تمس مباشرة جيوب غالبية المواطنين تشمل بالإضافة إلى تحرير أسعار البنزين التي تمت مؤخراً (أي ربطها بأسعار السوق العالمي المرتفعة)، زيادة أسعار الكهرباء والماء، والمشروع الجديد المتعلق بتحويل التعليم إلى سلعة، وذلك عن طريق خصخصة التعليم العام (عدد 9 من مدارس وزارة التربية كمرحلة أولى)، وعدد من محطات الوقود ومشتقاته (ثماني محطات تعبئة ووقود)، علاوة على فرض رسوم جديدة وزيادة الرسوم الحالية، وفرض ضريبة غير مباشرة على الدخل (القيمة المضافة)، والتوجه الحكومي لخصخصة كل شيء تقريباً بدءا من النفط إلى الخدمات الصحية مروراً بالمطارات، والموانئ، والاتصالات، والبريد والصرف الصحي، والخدمات الحكومية. والمضحك هنا هو أن أعضاء مجلس 2013 المُنحل يصرحون دائماً بأن "جيب المواطن خط أحمر" رغم أن المجلس قد وافق على "الوثيقة الاقتصادية"! بل إن الحكومة ذاتها تردد مع المُرددين للتصريحات الإعلامية بأن جيب المواطن لن يُمس، ولسان حالهم جميعاً يقول ما دام المصطلح فضفاضا، والمساءلة العامة غائبة، والقضية مقتصرة على تصريحات صحافية تذهب مع الريح، فلمَ لا نكون أول من يُصرّح حتى لو أدى ذلك إلى تضليل الرأي العام؟! من هذا المنطلق تأتي أهمية ضبط مصطلح "جيب المواطن" الذي يختلف تعريفه من قوى سياسية لأخرى، نظراً لاختلاف مصالح القوى الاجتماعية-الاقتصادية التي تُمثّلها، فجيب المواطن المليونير يختلف عن جيب المواطن الفقير أو متوسط الدخل، والأمر هنا يتعلق بسياسات اقتصادية ومالية لها مضامين وانحيازات اجتماعية لا مجرد كلام إنشائي عام يردده الجميع.