من يقرأ سيرة ستيف بانون، ضابط البحرية الأميركية السابق، يدرك جيدا لماذا اختارت مجلة «بلومبرغ» أن تطلق عليه وصف «أخطر مخطط سياسي في أميركا» في مقالة مطولة عنه في أكتوبر 2015 يوم كان يخطط لكيفية الإطاحة بهيلاري كلينتون وجيب بوش في الانتخابات التمهيدية لمصلحة بيرني ساندرز ودونالد ترامب. لم يكن بانون جمهوريا في صغره، ولكنه لم يكن مسيسا أيضا. كان ينتمي الى عائلة كاثوليكية ديمقراطية متوسطة صوتت لآل كينيدي. حين بدأ خدمته ضابطا في البحرية، وشهد كيف انتهت إليه البلاد في عهد جيمي كارتر أصبح من أشد المعجبين بالرئيس الراحل رونالد ريغان ولايزال. لكن ما جعله ينقلب على المؤسسة بكاملها على حد ما تنقل عنه «بلومبرغ» هو عهد جورج بوش الابن الذي كان أسوأ بكثير من كارتر.
أربع سنوات أمضاها بانون على متن مدمرة أميركية بصفة مهندس مساعد، ثم أصبح في مرحلة لاحقة المساعد الخاص لقائد العمليات البحرية في «البنتاغون»، بالتزامن مع دراسته في جامعة «جورج تاون» للحصول على شهادة في دراسات الأمن القومي. مع بداية عصر وول ستريت في عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان، والذي سرق من الجيش الأميركي بريقه، أراد بانون أن يقفز هو الآخر إلى هذا العالم. جواز عبوره إلى وول ستريت كان كلية الأعمال في جامعة هارفرد التي دخلها وعمره 29 عاما. وقاده القدر إلى «غولدمان ساكس» أشهر المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة. ظل بانون في عالم الأعمال، لكنه اتجه أكثر صوب الاستثمار في مجال الإعلام. واشترى العديد من مؤسسات الانتاج التي كانت على وشك الإفلاس، مسار أوصله إلى «هوليوود»، حيث أصبح منتجا منفذا للعديد من الأفلام. خلال هذه المرحلة تمكن بانون من جمع ثروة هائلة سخرها في خدمة أفكاره اليمينية التي تبلورت وترجمت على نحو أكثر وضوحا لاحقا.أخذت هجمات 11 سبتمبر 2001 بستيف بانون صوب اليمين أكثر من السابق، ترجم توجهاته الجديدة بإنتاج وثائقي يبجل ريغان بعد 3 سنوات من الحدث العالمي تحت عنوان «في مواجهة الشر»، وهو الذي قاده إلى اندرو بريتبارت، الذي أسس موقعا إلكترونيا لنشر الأخبار ما لبث أن تطور مع تطور التكنولوجيا.مع وفات أندرو عام 2012 أصبح بانون شريكا ومديرا لموقع «بريتبارت» الذي أصبح لاحقا المنصة الإعلامية لليمين البديل، والذي شكل في الانتخابات الأخيرة رأس حربة في الدفاع عن المرشح المثير للجدل دونالد ترامب.من الطابق السفلي لمنزله الذي كان يعرف بـ «سفارة بريتبارت» أدار بانون فريق الموقع الذي بات منبراً لحركة حزب الشاي الصاعدة في أعقاب فوز باراك أوباما، ومصدر مضايقة لزعماء الحزب الجمهوري، أما الديمقراطيون فقد تحولت حياتهم إلى جحيم بسببه. وتحول بريتبارت إلى أحد أكثر المواقع تأثيرا بواحد وعشرين مليون زائر شهريا.عمل بانون على تطوير الموقع ليس فقط في الشكل، بل في المضمون والأسلوب، وزادت شعبيته وسط اليمينيين البيض. وتشير تقديرات إلى أنه تجاوز في شعبيته خلال الحملات الانتخابية صحف «لوس أنجلس تايمز» و«نيويورك بوست» و«فوكس» و«سليت» و«نيويوركر»، إضافة إلى المواقع الإخبارية لشبكات «سي بي إس» و«إن بي سي» و«إيه بي سي».
بعض العناوين الصادمة لـ «بريتبارت»
يرأس ستيفن بانون، كبير مستشاري الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، موقع «بريتبارت» الإخباري الإلكتروني اليميني المثير للجدل... وفيما يلي بعض العناوين العنصرية والجندرية التي نشرها الموقع.• الحل للمضايقة الإلكترونية بسيط: عدم استخدام النساء للإنترنت.• السياسي بيل كريستول: مفسد جمهوري ويهودي متمرد.• نحتاج لإنجاب الأولاد إذا كنا نرغب في وقف الغزاة المسلمين.• هل تفضل أن يكون طفلك مناصراً لحقوق المرأة أم أن يصاب بالسرطان؟.• حقوق المثليين جعلت منا شعباً أغبى حان وقت التستر على ذلك مجدداً.• العلم يثبت أن معايرة الشخص بسمنته يؤدي لنتائج جيدة.• ليس هناك جندرة في مجال التكنولوجيا، لكن النساء فظيعات في المقابلات.