ما يثير التعجب مع كل انتخابات برلمانية تجرى بالكويت وجود عدد كبير من المواطنين «الصامتين أو السلبيين» الذين لا تستهويهم الانتخابات والقضايا السياسية رغم قدرتهم على تحقيق المعادلة الصعبة في ترجيح كفة مرشحين يقاومون احتكار مقاعد البرلمان.

Ad

ويسعى عدد من المرشحين إلى اخراج هذه الفئة عن صمتها وتحفيزها للمشاركة في العملية الانتخابية المرتقب اجراؤها في 26 نوفمبر الحالي للمساهمة في تحديد هوية البرلمان الجديد وذلك من خلال تبني برامج واقعية جاذبة تتماشى مع حجم التحديات الإقليمية والدولية وكذلك مع تطلعات وأفكار هذه الفئة لتحويلها إلى واقع.

وتختلف مسميات هذه الفئة وفق تعاريف السياسة وتصنيفاتها في كل دولة فهناك من يطلق عليها اسم (الأغلبية الصامتة) وكذلك (المترددون أو السلبيون) فيما يصفها المصريون بـ (حزب الكنبة) في إشارة إلى عزوفهم عن المشاركة في الحياة السياسية.

وتتراوح نسب هؤلاء في المجتمع ما بين 10 و50 في المئة وفق احصائيات شبه رسمية إذ أن مشاركتها مرهونة بالحالة المزاجية وبظروف اجراء انتخابات مجلس الأمة وتوقيتها أو نوعية القضايا المطروحة على الساحتين السياسية والإعلامية.

تأثير كبير

وفي هذا الصدد، قال الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور عايد المناع في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن الأغلبية الصامتة بمفهومها السياسي غير موجودة في الكويت «بيد أن هناك فئات مترددة في المجتمع لا يستهان بها متى ما قررت المشاركة في العملية الانتخابية».

وأضاف أن هذه الفئات التي لا تشارك في الحياة السياسية ولا تعير أي اهتمام بقضايا الرأي العام لا يقتصر وجودها في الكويت بل موجودة في معظم دول العالم وباتت اليوم مستهدفة من قبل رجال السياسة والطامحين لنيل ثقة الناخبين سواء في الانتخابات الرئاسية أو النيابية.

وعزا عزوف مثل هذه الفئات عن المشاركة في الانتخابات إلى أمور نفسية واجتماعية وسياسية ودينية أو لفشل رجال السياسة في الوصول إليها وإقناعها بأهمية مشاركتهم وتفاعلهم الايجابي مع قضايا الشأن العام.

وقال «من ما يطلق عليهم الفئة الصامتة غير مقتنعين بجدوى المشاركة في الانتخابات واتخذوا مواقف عدائية ضدها لأسباب عدة» ما يتطلب من المرشحين تبني برامج واقعية تجذب هؤلاء إليها.

وذكر المناع أن (السلبيين والمترددين) في الكويت سيكون لهم تأثير كبير في تحديد هوية البرلمان المقبل متى ما قرروا المشاركة في الانتخابات التي تجرى وفق نظام الصوت الواحد.

وأكد أن قانون نظام الصوت الواحد أعطى قيمة أكبر للناخب الأمر الذي دفع المرشحين إلى التفكير جدياً في كسب أصوات الجميع دون استثناء.

وعن الوسائل والأساليب التي قد تدفع تلك الفئات للمشاركة السياسية، قال المناع أن «العديد من الأدوار والمهام التي تقع على عاتق المجتمع لاسيما الإعلام والمدرسة والأسرة بالإضافة إلى قادة الرأي والفنانيين والرياضيين في سبيل اقناع هذه الفئات بأهمية المشاركة السياسية والاندماج في المجتمع».

وشدد على أهمية مشاركة جميع شرائح المجتمع الكويتي في الانتخابات المقبلة واختيار برلمان يعبر عن صوت الشعب، موضحاً «أن البرلمانات غالباً تمثل من شارك في انتخاباتها لا من امتنع عنها».

تداعيات سلبية

من جانبه، قال استاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور محمد الرميحي أن مفهوم (الأغلبية الصامتة) له تداعيات سلبية على المجتمع ككل وعلى الواقع السياسي على وجه الخصوص إذ أنها «جماعة أو فئة من المجتمع لا تريد أن تساهم في العمل العام ولا تهتم به».

وأكد الرميحي في تصريح مماثل أهمية دور الفرد المجتمعي في المشاركة والبناء والتنمية والتعمير في مختلف مناحي الحياة لاسيما في المساهمة في العملية السياسية، مشدداً على ضرورة اختيار خير من يمثل الأمة في الانتخابات البرلمانية المرتقبة.

ودعا إلى تسليط الضوء على هذه الفئات الصامتة ليستنى لها المشاركة الفاعلة والحضور السياسي ضمن الحراك الانتخابي وأجواء العرس الديمقراطي التي تعيشه دولة الكويت.

كما دعا إلى تغيير انماط الاتصال والوسائل المستخدمة مع هذه الفئات «لنحصل على أكبر مساهمة وحضور في هذه الانتخابات».

وقال الرميحي أن نسب المشاركة السياسية دائماً ما تعكس حالة النضوخ والوعي السياسي لدى الشعب الكويتي «فكلما كان الاقبال على الانتخابات كبيراً كان هناك وضع صحي ورأي يعبر عن صوت الأمة».