غداة إعلان موسكو عن حملة عسكرية جديدة في سورية، استهدفت غارات روسية وسورية كثيفة طوال يوم الثلاثاء حتى صباح أمس، محافظة إدلب وحلب الشرقية المحاصرة، وفق مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن، الذي أوضح أن قصف إدلب طاول مناطق عدة بينها مدينتا جسر الشغور وخان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وأريحا، وأسفر عن مقتل «6 على الأقل، بينهم طفلة» في قرية كفرجالس في الريف الشمالي.وفي حلب، استهدفت قوات الرئيس بشار الأسد أمس، حي الشعار بالبراميل المتفجرة والقصف المدفعي، وقبله أحياء المشهد والزبدية وسيف الدولة والراشدين»، مما أسفر عن مقتل «ثمانية أشخاص بينهم طفل وإصابة العشرات بجروح»، بحسب المرصد.
واستأنفت قوات الأسد بعد توقف لنحو شهر قصفها الجوي لحلب الشرقية، بالتزامن مع إعلان روسيا عن حملة واسعة النطاق في إدلب وحمص بمشاركة غير مسبوقة لحاملة الطائرات «أميرال كوزنتسوف». وخلال اجتماعه لليوم الثاني مع قيادات وزارة الدفاع بمنتجع سوتشي، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة الاستفادة من الخبرة القتالية التي اكتسبها العسكريون الروس في سورية، والاعتماد عليها لدى إعداد الجيش وتطوير أسلحة جديدة، مشدداً على «ضرورة أن يأخذ المصممون والمهندسون في قطاع الإنتاج الحربي هذه الخبرة بعين الاعتبار لدى تطوير أنواع واعدة من الأسلحة».
موقف دولي
وبعد تبني اللجنة الثالثة لحقوق الإنسان المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ثلاثة قرارات تدين دمشق وموسكو وطهران أعدته السعودية مع 60 دولة ووافق عليه 116 عضواً، نددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية إليزابيث ترودو «بشدة استئناف الغارات الجوية من قبل الروس والنظام السوري»، معتبرة أنها غير مقبولة وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.وقالت ترودو، إن «آخر هذه الهجمات استهدف خمسة مستشفيات وعيادة نقالة»، متهمة موسكو «بأنها تسمح بتجويع سكان حلب الشرقية، فيما تريد إشادة من المجتمع الدولي بوقفها الغارات الاعتباطية».وأضافت المتحدثة: «حاولنا باستمرار تهدئة العنف، وسنكون اليوم إلى طاولة التفاوض مجدداً في جنيف لبحث ذلك»، لافتة إلى «أننا ما زلنا نعتقد بأن الطريق الوحيد للمضي قدماً هو التوصل إلى تسوية سياسية».واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، أن قرار لجنة حقوق الإنسان معاد لدمشق ولن يسهم في تيسير إيصال المساعدات الإنسانية إلى حلب الشرقية.إلى ذلك، وجه الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند أمس اتهاماً للأسد بأنه يستغل «الإسلام المتطرف» من أجل بقائه في السلطة، كاشفاً، في حديث مع قناة فرانس 24» على هامش قمة مراكش للمناخ، عن وجود نحو 600 فرنسي أو مقيم في فرنسا في سورية والعراق يقاتلون ضمن صفوف «داعش»، بالإضافة إلى 220 قتلوا في الحرب.أخبار الرقة
وفي الرقة، شدد تنظيم «داعش» القيود على تنقلات سكان المدينة البالغ عددهم نحو 300 ألف، ووضعهم «تحت الإقامة الجبرية» وفرض تعتيماً كاملاً على أخبار المعركة الجارية على بعد كيلومترات عنهم لعزلهم تماماً، وذلك منذ بدء قوات سورية الديمقراطية (قسد) هجوماً باتجاهها.ووفق حملة «الرقة تذبح بصمت» التي تنشط سراً في المدينة منذ أبريل 2014 وتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم، فإنه «بحكم الرقابة الشديدة على الإنترنت ومنع أجهزة الاستقبال الفضائي، فإن متابعة أخبار معركة الرقة» الجارية «أمر صعب جداً».ويقتصر الإنترنت في الرقة على مقاه معدودة بعدما قطع «داعش» خدمته عن المنازل والمحال منذ فترة طويلة. كما ينفذ دورياً مداهمات على تلك المقاهي لبث الرعب بين السكان. ولا تكمن الخطورة فقط في الوصول إلى الأخبار بل في الحديث عن المعركة بحد ذاتها.وضع حقيقي
ويقتصر ما يروجه التنظيم عن المعركة الدائرة في ريف الرقة الشمالي، بحسب نشطاء الحملة، على «قتل وتفجير عربات مفخخة بالأكراد» وتقدم عناصره وتكبيدهم الخسائر للطرف الآخر الذي لن يتمكن من دخول الرقة على حد قولهم». أما وضع المعركة الحقيقي «فلا يمكن الحديث عنه لانه يؤدي للاعتقال وربما الموت».وبرغم أن «داعش» حصن على مراحل معقله بالأنفاق وزنره بالألغام لإعاقة أي تقدم محتمل نحو المدينة، لكنه، بحسب المرصد السوري، استقدم أخيراً مقاتلين جدداً مكلفين زرع الغام إضافية حول المدينة.منبج والباب
وفي سياق هذه المعركة، قررت وحدات حماية الشعب الكردية سحب قواتها من مدينة منبج إلى شرقي نهر الفرات من أجل المشاركة في حملة تحرير الرقة، في خطوة وصف المبعوث الأميركي بريت مكجيرك بأنها «حدث مهم» جاء بعد تدريب الوحدات المحلية على الحفاظ على الأمن في مواجهة «داعش» ودعت تركيا مراراً لها.وفي إطار عملية «درع الفرات» المدعومة تركياً، سيطرت فصائل «الجيش الحر» ليل الثلاثاء- الأربعاء على بلدة قباسين الاستراتيجية، التي تعتبر مفتاح معقل «داعش» في مدينة الباب.ولاحقاً، قال الرئيس رجب طيب إردوغان، في مؤتمر صحافي في أنقرة قبل سفره في زيارة رسمية إلى باكستان أمس، «الجيش السوري الحر وصل بدعم من قواتنا الخاصة إلى مسافة كيلومترين من الباب والحصار مستمر كما هو مخطط له»، مضيفاً: «هناك مقاومة الآن لكنني لا أعتقد أنها ستستمر لفترة أطول».وأكد إردوغان أنه على ثقة من أن الوحدات الكردية ستنسحب إلى شرقي نهر الفرات من مدينة منبج تنفيذاً لما تطالب به تركيا منذ فترة طويلة.