نفى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب معلومات إعلامية مفادها أن مشاوراته الجارية بسرية تامة لرسم معالم إدارته تدور وسط الفوضى، وتشهد مواجهات حادة.

وغرد ترامب أمس الأول قائلا: "اختيار حكومتي ومناصب أخرى يتم بتنظيم كبير. أنا وحدي أعرف من هي الأسماء النهائية!"، علما بأنه لم ينظم أي مؤتمر صحافي منذ انتخابه. واختار ترامب التواصل عبر الشبكات الاجتماعية لنفي معلومات وتقارير عدة مفادها أن المشاورات "تشهد مواجهات حادة"، بينما ذهبت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى حد التأكيد أنها تجري وسط الفوضى.

Ad

وفي مؤشر على صعوبة المشاورات، غادر نائب الرئيس المنتخب مايك بنس برج ترامب في مانهاتن مساء أمس الأول من دون الإعلان عن أي قرار يتعلق بمناصب استراتيجية، فيما عاد تداول اسم رئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني لمنصب وزير الخارجية هذه المرة.+

وأمس الأول تمكن ترامب الذي لم يخاطب الإعلام منذ انتخابه في 8 نوفمبر من الخروج إلى المطعم، متجنبا الصحافيين الذين أبعدوا قبلها بقليل من محيط برج ترامب.

فريق ترامب

كما قرر عدد من المقربين من ترامب، بينهم مايك رودجرز مستشاره للأمن القومي أمس الأول، مغادرة الفريق الانتقالي فيما تواصلت زيارات الشخصيات إلى برج ترامب الذي يضم مقر سكن ومكاتب ترامب.

وشوهدت حوالي 20 من هذه الشخصيات تدخل إلى المبنى، بينها الزوجة السابقة للرئيس المنتخب مارلا مايبلز، والسيناتور عن تكساس تيد كروز المرشح الذي هزم في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين.

ولليوم الثاني على التوالي، حضر الرئيس السابق لمصرف الأعمال غولدمان ساكس، ستيف منوتشين، المرشح لتولي وزارة الخزانة إلى برج ترامب.

وقال للصحافيين: "نعمل على برنامج اقتصادي (...) لنتأكد من أننا سنمرر أهم قانون حول الضريبة وأكبر تغيير في القطاع الضريبي منذ عهد الرئيس الراحل رونالد ريغان، لذلك سيكون لدينا الكثير من الأمور التي تثير الحماسة في الأيام المئة الأولى من رئاسته". ورغم ابتعاد جولياني عن أي منصب رسمي منذ 15 عاما وافتقاره الى الخبرة في القضايا الدبلوماسية، احتل رئيس البلدية السابق لنيويورك صلب التكهنات أمس الأول. واحتفظ هذا السياسي الذي يدعم ترامب بقوة بصورة رئيس بلدية أميركا الذي دفع نيويورك إلى النهوض مجددا بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 وأدرج مكافحة الإرهاب على لائحة صلاحيات هذا المنصب.

وقالت مديرة حملة ترامب كيليان كونواي التي مازالت تشارك في المفاوضات حول الإدارة المقبلة إن "اسمه طرح جديا لتولي منصب وزير الخارجية، وهو مؤهل لهذه المهمة ولعمل يمكن أن يؤديه فعليا بشكل جيد".

وطرح اسم جولياني (72 عاما) المدعي السابق الذي اكتسب شهرة واسعة عندما كان رئيسا لبلدية نيويورك (1994-2001)، لمنصب وزير العدل أيضا، بعد أن أبدى دعما ثابتا لترامب الذي يعرفه منذ عقود، وكان خلال الحملة الانتخابية أحد أقرب مستشاريه.

ويصل ترامب إلى البيت الابيض مع هامش مناورة واسع، إذ إن الجمهوريين يسيطرون على الكونغرس. وقد قاموا أمس الأول باختيار بول راين مجددا رئيسا لمجلس النواب.

ويبدو الرئيس المنتخب في حيرة بين الوفاء بالوعد الذي قطعه أثناء الحملة بشأن زعزعة الطبقة التقليدية في واشنطن والحاجة الى الاستناد الى فريق محترفين يتمتعون بشبكة علاقات في الكونغرس.

وفي سياق متصل، أشارت تقارير إعلامية إلى أن صهر ترامب، ومستشاره المقرب جاريد كوشنر، هو في مركز الاقتتال الداخلي داخل الفريق ترامب الانتقالي.

وتقول مصادر إن كوشنر ضايق الحلفاء بجهوده الأخيرة لتطهير الفريق الانتقالي من شركاء حاكم ولاية نيو جيرسي، كريس كريستي، الذي ترأس فريق الانتقال قبل أن يستبدل بنائب الرئيس المنتخب، مايك بينس.

ويذكر أن والد كوشنر حوكم من قبل كريستي عندما كان وكيلا للنيابة في عام 2004 بتهمة التهرب من الضرائب، والتلاعب بتصريحات الشهود وحملة تبرعات غير مشروعة. في حين قال مصدر مقرب من كريستي، إنه لم يكن هناك تطهير لموظفي كريستي الذين بدأوا قبل أشهر العمل بفريق الانتقال، وإن مثل هذا الوصف مبالغ فيه".

الجدار والمسلمون

وفي شأن ملف الهجرة والمسلمين، قال كريس كوباش وزير الخارجية في ولاية كانساس الذي يقود جهودا مناهضة للمهاجرين إن الإدارة الأميركية الجديدة بإمكانها السير على عجل في بناء جدار فاصل على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، من دون الحصول على موافقة مباشرة من الكونغرس.

وأضاف كوباش الذي ساهم في صياغة قوانين صارمة بشأن المهاجرين في أريزونا ومناطق أخرى، ويقول إنه مستشار ترامب، في مقابلة، أن المستشارين السياسيين لترامب ناقشوا أيضا صياغة مقترح يقدم إلى الرئيس المنتخب بشأن إعادة العمل بقواعد تسجيل بيانات للمهاجرين القادمين من دول إسلامية.

وقال كوباش الذي تشير تقارير إعلامية إلى أنه عضو رئيس في إدارة ترامب الانتقالية إنه شارك في مؤتمرات دورية عبر الهاتف مع نحو 12 من مستشاري ترامب بشأن الهجرة على مدى الشهور الثلاثة الماضية. وأضاف أن مستشاري شؤون الهجرة يبحثون كذلك في كيفية تحرك وزارة الأمن الداخلي بسرعة فيما يتعلق ببناء الجدار الحدودي دون موافقة الكونغرس، وذلك من خلال إعادة تخصيص موارد مالية موجودة بالفعل في الموازنة الحالية. وقال "إن الأعوام المالية المقبلة ستتطلب مخصصات إضافية".

وقال كوباش خلال المقابلة إنه يؤمن بأن المهاجرين غير الشرعيين في بعض الحالات ينبغي ترحيلهم قبل إدانتهم في حال اتهامهم بارتكاب جرائم عنف.

مليار دولار

من جهة أخرى، أكد فريق خبراء بإشراف المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ليون بانيتا ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، أمس الأول، أن حكومة ترامب تحتاج إلى منصب جديد عالي المستوى بميزانية مليار دولار لمكافحة الأيديولوجيا الإسلامية المتشددة.

فبالرغم من إنفاق الولايات المتحدة المليارات على النزاع المسلح ضد "القاعدة" وتنظيم الدولة الاسلامية وغيرهما، مازالت تفتقر بشدة الى جهود منسقة في "الحرب المطولة" لمنع أيديولوجيات تلك الجماعات من التأثير على الشباب المسلم في البلد، بحسب تقرير جديد لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية حول مكافحة التطرف.

وأضاف الخبراء أنه يترتب على البيت الأبيض إنشاء منصب جديد لمساعد رئيس مزود بميزانية مليار دولار سنويا لتنسيق وتمويل جهود وقف التشدد حول البلاد، فيما لا يتجاوز الإنفاق الحالي على برامج مماثلة 0.1 في المئة من ميزانية البلاد لمكافحة الإرهاب.