مساعي إنجاز التركيبة الحكومية لم تجد السكة النهائية التي ترضي الجميع بعد، رغم أن كل التسريبات تشير إلى أن العمل جار لإخراج الحكومة خلال 48 ساعة، لكن المسار الإيجابي الذي طبع عملية التأليف خلال الأيام الماضية تعرض لنكسة لا تزال آثارها غير واضحة على المخاض الحكومي، إذ صوب رئيس الجمهورية ميشال عون والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أمس سهامهما تجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري، على خلفية «التمديد» و«استبدال سلة الشروط بصيغ التشبث بحقائب». وأشعل كلام البطريرك والرئيس سجالا طائفيا، إذ لم يكتف بري بالرد على عون، بل «أوعز» لنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان للرد على تصريح سيد بكركي.

والتقى عون، في أول زيارة له خارج القصر الجمهوري، وفي خطوة تقليدية، الراعي أمس، وشارك في قداس إلهي، واعتبر الراعي في كلمة أن «رئاسة الجمهورية والبطريركية المارونية تعملان معا بوحدة الكلمة والتعاون والسعي الدؤوب من اجل لبنان». وأضاف الراعي: «نؤكد دعمنا الكامل لكم بوصفكم رئيس الدولة، ورمز وحدة الوطن، ولكونكم تسهرون على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقا لأحكام الدستور».

Ad

وزاد: «اولى الأولويات ان يوفق رئيس الحكومة المكلف، بالتعاون مع فخامتكم، في تأليف مجلس الوزراء الجامع، بروح المشاركة الشاملة لا المحاصصة. لا يجوز في أي حال استبدال سلة الشروط بصيغ التشبث بحقائب وباستخدام الفيتو من فريق ضد آخر».

وتابع: «هذا امر مخالف للدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ويدخل أعرافا تشرع الباب أمام آخرين للمبادلة بالمثل، وتعرقل مسيرة قيام دولة الحق والقانون، ونحن نأمل إزالة هذه الغيوم السوداء عن بداية عهدكم. من مقتضيات قيام الدولة، التي ترغبون فيها، محاربة الفساد، ووضع حد لتدخل أهل السياسة في الإدارة العامة والقضاء والأجهزة الأمنية، واعتماد الكفاءة في مؤسسات الدولة والمساءلة والمحاسبة والثواب والعقاب». وأكد الرئيس عون أن «كل المؤسسات أصيبت بالوهن بسبب التمديد»، مشيرا إلى أن «لبنان يتألم من الفساد الذي سد شرايين الدولة، والسبب هو انحطاط في المجتمع»، مشددا على ان «الاخلاق أعلى من القوانين». ولفت الى ان «المشرق يمر اليوم بفترة هي الاصعب، بسبب محاولة اقتلاع المسيحية منه».

وعلق بري على كلام عون قائلا: «فعلا، التمديد سيئ والمؤسسات اصيبت بالوهن كما قال فخامة الرئيس، ولكن تعطيل انتخاب الرئيس كان أسوأ على المؤسسات بما في ذلك المجلس النيابي». كما رد الشيخ عبد الأمير قبلان على الراعي، قائلا: «كان المسلمون الشيعة وما زالوا أكثر حرصاً على إقامة دولة العدالة والمساواة، وهم قدموا التضحيات والتنازلات لإنجاز الاستحقاقات الدستورية وتحقيق الاستقرار السياسي، وعلى مر التاريخ كان الشيعة مقهورين ومظلومين ومحرومين حتى حق الدفاع عن مناطقهم، ولم نسمع مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم، لأننا نطالب بشيء هو مشاركة حقيقية في السلطة». وأضاف: «نعم، إنه حق من حقوقنا، وعند إلغاء الطائفية السياسية تروننا الأولين، ونحن لم نأل جهدا ولم نوفر فرصة لتحقيق الشراكة الحقيقية بين المكونات السياسية والطائفية، ليظل لبنان الوطن النهائي الجامع لكل بنيه».

وختم: «حرصنا على الدوام على تذليل العقبات وإزالة العراقيل أمام العهد الجديد حين طرحنا ضرورة إنجاز تفاهمات جديدة ضمن سلة حل متكاملة لتجنب أزمات نحن في غنى عنها، ولإزالة الغيوم السوداء عن سماء هذا الوطن».

في موازاة ذلك، يسعى المعنيون بالمفاوضات إلى حل كل العقد الحكومية اليوم، مع وجود صعوبات في أخذ تنازلات إضافية من بعض الأطراف كـ«التيار الوطني الحر» والتحالف الشيعي وتيار «المستقبل»، في حين يراهن البعض على إيجاد صيغة ترضي «المردة» و»الكتائب»، بعد إقناع «التيار الوطني الحر» بالتخلي عن الطاقة، وهذا ما لا يبدو واردا إلا بمصالحة شاملة بين الطرفين.

الأسماء المحسومة على حقائب محددة، تبدأ بجبران باسيل للخارجية، علي حسن خليل للمال، نهاد المشنوق للداخلية، مروان حمادة للصحة، طلال إرسلان للبيئة، إلياس بو صعب للدفاع، غطاس خوري للاتصالات (في حال بقيت الوزارة مع المسيحيين بالتوزيع الطائفي). أما الأسماء المحسومة للتوزير بغض النظر عن الحقائب فهي ياسين جابر، بيار رفول، علي عبدالله، محمد كبارة، جمال الجراح.

وتفيد آخر التسريبات بأن «القوات اللبنانية» تخلت عن مطالبتها بوزارة سيادية مقابل حصولها على نائب رئيس الحكومة، والاسم المرشح هو غسان حاصباني.

وكان لافتاً محاولة كل الأطراف تجنب الحصول على وزارة الشؤون الاجتماعية، إذ رفض «الاشتراكي» استبدالها بالصحة، وكذلك رفضتها «القوات» و»الكتائب».