تتيح انتخابات السادس والعشرين من نوفمبر 2016 فرصة تاريخية للشعب الكويتي لتصحيح مسار البلاد، وإصلاح أحوالها التي تعاني وطأة تراكمات الاحتقان السياسي وجفوة المتخاصمين واصطراعهم المؤذي لمصالح الوطن، كما هي تئن من استشراء الفساد المالي والإداري الذي غدا بنيوياً في كيانات العديد من المؤسسات الحكومية، وأصبح الشرفاء كالغرباء في أوطانهم.البلاد تئن من حالة الرسوب التنموي، وخاصة في بناء الإنسان، والارتقاء إلى مستوى ما يليق به من خدمات، والتي انتهت إلى تمدد مشاعر الإحباط، وأصبح هو الهمّ العام للجميع.
ولعلها فرصة يمنحها لنا التاريخ للانتقال بمفهوم التمثيل النيابي في مجلس الأمة من نطاق الفئوية الضيق إلى رحاب التمثيل الوطني الشامل والقادر على حمل آمال جيل بأكمله بحياة أفضل، باعتبار شراكة الشعب في الحكم من خلال سلطته التشريعية والرقابية كما نصَّ عليها الدستور.الفرصة متاحة لنا، وخاصة في هذا الظرف الزمني، الذي تقف فيه الصراعات الدولية بالمرصاد للكيانات الهشة والمفككة، والتي لا تقوى على مواجهة التحديات، إلا من خلال التنمية والإنجاز والتلاحم المجتمعي.لعله من ظلمة الفساد والإفساد المتوالي الذي تشهده ساحة المعارك الانتخابية، أن عنصراً مهماً من عناصر الحسابات والرهانات الانتخابية الحالية كان غائباً أو مهملاً، وهو تنامي الوعي الانتخابي، وخاصة في أوساط الشباب، حيث إنه في هذه المرة تحديداً أصبح رقماً عصياً على من يتحداه في معادلات صناديق الاقتراع، ومن يراهن على ضعف ذاكرة الناس وقلة وعيهم فسيكون رهانه خاسراً لا محالة، ولعل الزحزحة المتوالية التي نشهدها في مراكز الكثير من المرشحين في شتى الدوائر الانتخابية تشي بأن الوعي العام، وخاصة الشبابي، لن تنطلي عليه ألاعيب السياسيين ولا تطلعاتهم المصلحية القائمة على أوهام الاصطفاف (القطيعي) الأعمى خلفهم حين يحجمون وحين يقدمون وحين يخططون لمكاسب لهم هنا أو مصالح هناك، كما لن ينطلي على وعي الناخبين إقحام الدين ومغاليق ومفاتيح الإثم والحسنات بقضية الاستدارة في الموقف والمشاركة في الانتخابات بعد المقاطعة.إنها فرصة الكويت لإعادة التوازن لأوضاع سياسية طال اختلالها، ولتباعد بين الأطراف جعل من العمل السياسي ذا صبغة واحدة واتجاهاً واحداً غاب عنه الاختلاف والتعارض المطلوب للعمل البرلماني الفعّال، وهي فرصة لإعادة الاعتبار للوعي الشعبي، ولضخ دماء جديدة من العناصر الشابة المؤهلة في جسد البرلمان، علها تحسن إدارة الدفة التشريعية والرقابية بالاتجاه الصحيح، لتحقيق الصالح الوطني لا المصالح الفردية، وكلنا أمل بأنها فرصة تاريخية لن تضيع، لأن هناك حزمة من المرشحين الانقياء بانتظار الفزعة الوطنية لحملهم إلى مقاعد النيابة الحقة.ملحوظة:كل الشكر لوزير الإعلام والشباب الشيخ سلمان الحمود، وللأستاذ كامل عبدالجليل الأمين العام للمكتبة الوطنية، للتحشيد الرائع الذي جرى الاثنين الفائت لتدشين كتاب عميد الإعلام الكويتي أ. محمد السنعوسي، حول تلفزيون الكويت تاريخ وحكايات، فكان ذلك الحشد بمنزلة تكريم واحتفاء بتلك القامة الإعلامية الباسقة، وسط حضور راقٍ من وجهاء البلاد وكوكبة من نجوم الفن والإعلام من أبناء جيل المحتفى به والأجيال اللاحقة، وتحية لحرمه الفاضلة الأخت باسمة سليمان، التي وقفت خلف نجاحاته وإبداعاته طوال مسيرة حياته.
أخر كلام
6/6 : كي لا تفوت الفرصة
18-11-2016