استعرضنا في المقال الماضي قصيدة الشاعر فهد العبدالمحسن الفهد، رحمه الله تعالى، التي خاطب بها صديقه الشاعر عبدالله السعد اللوغاني، ويقول في مطلعها:

"حل الفراق وبيّح القلب خافيه

Ad

وعين الجفا عيّت ابجاها تكنّه"

واليوم، نستعرض "ردية" الشاعر اللوغاني على قصيدة الفهد، لكن قبل ذلك، أود أن أشير إلى أن الشاعر عبدالله السعد اللوغاني ترك خلفه مخطوطاً خطّه بيده، ونسخته الأصلية محفوظة عندي.

ويتضمن هذا المخطوط أكثر من 300 صفحة من القصائد النبطية للكثير من الشعراء القدماء من أهل الكويت ومن الجزيرة العربية، كما يتضمن مجموعة تزيد على الخمسين قصيدة من قصائد الشاعر اللوغاني.

ومن أهم الشعراء الذين وردت بعض قصائدهم في المخطوط محمد بن لعبون، الشريف بركات، العوني، الهزاني، وهؤلاء من فحول شعراء النبط في الخليج.

ووردت قصائد متناثرة لبعض الشعراء من الكويت، منهم إبراهيم بن خالد الديحاني، عبدالله بن غصّاب، أحمد مبارك العصفور، سلطان بن بشير، أحمد البشر الرومي، زيد الحرب، وغيرهم.

نعود إلى "ردية" اللوغاني على قصيدة الفهد، فنقول إن اللوغاني في مطلع رديته رحب بقصيدة صديقه الفهد، ثم بدأ يتناول تفاصيلها، ويبدي وجهة نظره تجاهها، فيقول:

أهلا بخطّن من صحيب امعنّيه

حيّه عدد ما روجع الطير فنّه

يا مرحبا بالجيل وأهلا براعيه

والفين ترحيبة لمن به تعنّه

يا بن فهد خطك على الراس نعليه

أقوم بالواجب ولا فيه منّه

الرد يلزمني ولاني امخلّيه

رد الشعر بين المحبين سنّة

لقد كان اللوغاني فرحاً وسعيداً بتسلمه قصيدة الفهد، فرحب بها وبصاحبها، وأكد لصديقه الفهد أنه يلزمه أن يرد عليها من دون أن يكون هناك فضل في ذلك، بل إن ذلك من شيم الزملاء والأصدقاء المحبين والمخلصين لبعضهم. وبعد ذلك يقول اللوغاني:

اتقول خلّي مزّع القلب بالتّيه

عليه قلبي يا فتى جر ونّه

الله يلِدّ الحبّ ما اكبرن دواهيه

وأهل الهوى جم عالمن سبهنّه

عثمان قبلك قال والهم طاغيه

محمل غرامي بالهوى اشترنه

هذا حال المحبين، يقول اللوغاني، فهم ضحايا لعواطفهم، وأنت يا فهد لست أولهم، إنك تعرف جيداً عثمان وما قاله في الغرام الذي يستطيع أن يسلب عقول العلماء والعقلاء.

ويمضي اللوغاني في بيانه عن الهوى والعشق، فيقول لصاحبه الفهد إنه ليس وحده الذي يتألم من العشق والغرام، بل إنه - أي اللوغاني - يعيش في نفس المرحلة، فيعبر عن ذلك بقوله:

يا ويل من مثلي حلا النوم جافيه

حامي السعاير في ضميري وَرَنّه

ضاق الحشا والقلب جثرت بلاويه

عزيل من جيش المصايب وطنّه

اقنب جما ذيب الخلا جوع حاديه

والْعي جما الورقا على راس عنّه

خطرن يفر القلب لولا محانيه

غبر الليالي بالطنا كدرنّه

ويستمر في شرحه لحاله، وما يمر به من آلام بسبب الغرام، فيقول إنه أصيب بالمرض، وارتفعت حرارة جسمه، ولاحظ أهله ذلك، فسارعوا لعلاجه، لكنهم لا يعرفون سبب المرض، ولا يدركون أن علاجه لا يكمن في الأعشاب والأدوية المعروفة، بل في شيء آخر لا يستطيع هو أن يفصح عنه.

في المقال المقبل، إن شاء الله، سننشر للقراء الكرام الأبيات التي نظمها اللوغاني، وفيها يضع أمامنا صورة المرض والعلاج.