فرنسا: يمين الوسط يختار مرشحه وسط تعبئة ضد ساركوزي
3 ملايين ناخب شاركوا بينهم يساريون... والتصويت العقابي يهدد فرص الرئيس السابق
قبل 5 أشهر من الانتخابات الرئاسية، التي تشكل زعيمة حزب «الجبهة الوطنية» اليمين المتطرف مارين لوبن نجمتها من دون منازع، نظمت أحزاب يمين الوسط الفرنسي الدورة الأولى لانتخاباتها التمهيدية مع ثلاثة مرشحين متقاربي النتائج يعتبرون الأوفر حظاً هم: الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ورئيسا الوزراء السابقان المعتدل الان جوبيه، والليبرالي فرنسوا فيون.وحتى الظهر أدلى نحو 1.13 مليون شخص بأصواتهم بحسب المنظمين في الدورة الأولى من استحقاق يهدف الى اختيار المرشح الذي سيحمل راية اليمين إلى انتخابات 2017 الرئاسية، وبحلول المساء تحدثت صحيفة «لو فيغارو» عن مشاركة 3 ملايين ناخب. وفتح نحو عشرة آلاف مكتب اقتراع أبوابها في فرنسا القارية، بعد أن بدأت أراضي ما وراء البحار التصويت السبت، في استحقاق متقارب النتائج يشتمل على رهانات حاسمة.وقالت رئيسة مكتب اقتراع في نيس (جنوب شرق) مادي لاتيل، إن «الناس يعون أهمية الأمر، لأن المرشح الفائز يتمتع بفرص كبرى لانتخابه في 2017» رئيساً.
بالفعل يبدو الرهان ضخماً في هذا الاستحقاق التمهيدي، الأول في تاريخ اليمين الفرنسي، ففي مواجهة يسار مشتت، يتمتع الفائز في هذه الانتخابات بفرص كبيرة لتولي الرئاسة في 2017 بعد منافسة اليمين المتطرف، كما تشير أغلبية استطلاعات الرأي.طوال اشهر بقي رئيس بلدية بوردو آلان جوبيه (71 عاما) في الطليعة في استطلاعات الرأي، مستفيداً من الرفض الذي يواجهه الرئيس فرنسوا هولاند، وكذلك خصمه نيكولا ساركوزي.وسعى جوبيه الى تشذيب صورته كشخصية جامعة، وخاض حملته ضمن خط متأن، رافضاً «الخضوع للخوف» أو «تحريض النخب على الشعب»، بينما تغذي ازمة الهجرة والاعتداءات الجهادية الخطب الشعبوية.أما ساركوزي فتمكّن من اعادة تعبئة مؤيديه عبر تقديم نفسه على انه «المدافع عن الأغلبية الصامتة» واعتماد خطاب يميني حول السلطة والهجرة والهوية الوطنية.لكن تصريحاته بشأن «الأجداد الغاليين» للفرنسيين أو «استبداد الأقليات» أبعدت أنصار اليمين الأكثر اعتدالا، وحالت دون توسيع قاعدته الناخبة.وسمحت المناظرات التلفزيونية الثلاث التي نظمت في نوفمبر بين مرشحي اليمين السبعة (6 رجال وامرأة)، ببروز رجل ثالث هو فرنسوا فيون رئيس الوزراء في عهد ساركوزي.وفيون يحمل برنامجا ليبراليا جداً على الصعيد الاقتصادي ومحافظا في قضايا المجتمع، وقد حقق تقدما سريعا في استطلاعات الرأي الأخيرة.وأجمع المعلقون على ان نتيجة الاستحقاق تبقى رهنا بنسبة المشاركة التي قدرت بهامش واسع بين مليونين واربعة ملايين ناخب. وقال النائب عن حزب «الجمهوريون» تييري سولير «سنتجاوز ثلاثة ملايين ناخب» خلال اليوم، أي أكثر من الدورة الاولى للانتخاب التمهيدي الاشتراكي في 2011 (2.66 مليون). وبدت طوابير الانتظار امام بعض مكاتب الاقتراع. بالتالي اذا كان ناشطو حزب «الجمهوريون» وحدهم المشاركين فستميل الكفة لصالح ساركوزي.لكن إذا شارك المناصرون العاديون بكثافة، وهم اقرب الى اليمين المعتدل والوسط، فيرجح تصدر جوبيه، الذي قد يستطيع أيضا الاعتماد على اصوات ناخبين اشتراكيين مصممين على قطع الطريق امام ساركوزي، بعد أن اثار خطابه القريب من اقصى اليمين نفورا حادا لدى اليسار.والخميس قال جوبيه «كلما زاد عدد المشاركين تضاعفت فرص فوزي».وللمشاركة في التصويت على الناخب تسديد 2 يورو وتوقيع تعهد «بمشاطرة القيم الجمهورية لليمين والوسط».وبحماسة كبيرة تحدى اريك، الناخب الاشتراكي، سوء الأحوال الجوية أمس، للمشاركة في الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي التي سينبثق منها الرئيس المحتمل لفرنسا في 2017، وهو يردد «ايا كان باستثناء ساركوزي».ويثير الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي (2007-2012) بين الناخبين وكذلك داخل معسكره مشاعر متضاربة، حتى انه باتت هناك عبارة شهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تعرف اختصاراً بـ»تي اس اس» اي «تو سوف ساركوزي» (اي شيء عدا ساركوزي). واختار الناخب جيرار (65 عاما) الذي صوت في ليون (وسط شرق) فرنسوا فيون، بعد ان تردد في «التصويت لآلان جوبيه عقابا لساركوزي».ويقول مراقب عمليات التصويت فرنسوا دونان في نيس (جنوب شرق) انه «إذا اقتصر الأمر (في التصويت) على النواة الصلبة للحزب (...) فسيكون مؤيداً لنيكولا ساركوزي».لكن يمكن ان يتجند ناخبو اليسار للتصدي لاحتمال عودة ساركوزي، بدافع اقتناع بأن اليسار سيخسر من الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية ربيع 2017. ويتوقع أن تلي ذلك دورة ثانية بين اليمين واليمين المتطرف.وحذر الرئيس الفرنسي الاشتراكي فرانسوا هولاند مساء السبت خلال زيارة له الى جنوب غرب فرنسا من هيمنة النزعة القومية و«الانغلاق»، داعيا الى الاتحاد.وأضاف أن «الأمة هي التي تجمعنا. فرنسا هي وطننا وانا وطني. اذا اردنا الانكفاء ومغادرة اوروبا والانقطاع عن العالم، فماذا سيكون مستقبلنا؟».وأكد هولاند ان «أوروبا يمكننا انتقادها، لكن ماذا بإمكان فرنسا ان تفعل على المستوى الدولي لو لم تكن أوروبا موجودة؟».وقال الرئيس الفرنسي إن «التيار القومي يعود في كل مكان في اوروبا وحتى في الولايات المتحدة. انه الانكفاء على الذات، والانغلاق، الخوف من الآخرين».وأضاف «على العكس من ذلك، علينا العمل بطريقة تمكننا من اتخاذ القرارات الصائبة في مواجهة هذه التهديدات»، مؤكدا أن «فرنسا يجب ان تكون منفتحة على العالم وتفرض احرامها عليه».