كيف ترى وضع السينما الراهن في الكويت؟

خلال العشر سنوات الماضية، أفرزت السينما الكويتية عدداً لا يستهان به من فنانين ومبدعين شباب، حققوا تجارب سينمائية تعبّر عن واقعهم ومشاعرهم وقضاياهم رغم كونها سينما مستقلة وغالبيتها أفلام قصيرة. أنا أحد هؤلاء، وربما أسبقهم ببعض السنوات.

Ad

ومن الأهمية بمكان رصد تجارب المخرجين الذين شاركوا في مهرجانات محلية أو في مهرجاني الخليج ودبي السينمائيين وغيرهما، وحقّق البعض منهم جوائز مهمة.

كيف بدأ هذا الحراك؟

يعود الحراك السينمائي إلى النشاط والجهد والبنية التحتية والمؤسسات السينمائية المستحدثة. على سبيل المثال، مسابقة أفلام الإمارات في أبوظبي، التي انطلقت في المجمع الثقافي، أسسها وأدارها مسعود أمر الله آل علي، ثم مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي سيبلغ 12 عاماً في ديسمبر 2016، ومهرجان الشرق الأوسط الذي تغيّر اسمه إلى مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي وضمّ مسابقة أفلام الإمارات، بعدما توقّف بسبب اتجاه أبوظبي إلى الصناعة والإنتاج ودعم الأفلام أكثر من الاحتفالية، واستقرت الأنظار على مهرجان دبي كونه الأهم في الشرق الأوسط، وهو ضمن قائمة أفضل 20 مهرجاناً على مستوى العالم.

من خلال هذه المؤسسات أفرزت صناديق للدعم، من ثم وفرت مظلات عدة للسينمائيين العرب.

انتشار ودعم

كيف يحقّق المخرج الكويتي أو الخليجي عموماً الانتشار؟

كي ينتشر خارج نطاق المحلية، لا بد من أن يعبر فيلمه الحدود إلى العالم مثل الفيلم الإيراني أو التركي أو الهندي. في الواقع، لم يعبر الفيلم الخليجي الحدود إلا من خلال تجربة أو اثنتين، من بينهما «وجدة». لذا يجب أن يلجأ السينمائي الخليجي إلى المؤسسات. للأسف، ليس لدينا تأسيس للفكر السينمائي السليم، فضلاً عن غياب المنتجين السينمائيين وإدارة عمل الفيلم وتجميع كوادره مع المخرج. من ثم، يقدم المخرج الكويتي على هذه المظلات السينمائية في الخليج، ويحصل منها على التمويل والإنتاج المشترك، مثل صندوق «سند» في أبوظبي، وصندوق «إنجاز» في دبي.

هل ثمة مظلة للسينما في الكويت؟

أجل، ثمة مظلة للسينمائيين هي وزارة الدولة لشؤون الشباب، تحديداً من خلال «عدسة»، التي قدمت الدعم وفتحت الباب لمشاريع الأفلام الشبابية غير الربحية لما دون سن 34 عاماً، وأعلن عنها في الصحف والمحطات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي. في هذا المجال، موّلت الوزارة نحو ستة أفلام، وهي المرة الأولى في الكويت التي يُقدّم فيها دعم مادي رسمي حكومي تحت مظلة وزارة الدولة لشؤون الشباب للإنتاج السينمائي للأفلام الروائية القصيرة، خصوصاً الشبابية، خارج نظام وزارة الإعلام أو المنتج المنفذ والأمور الربحية.

ماذا ينقصنا؟

على المدى البعيد، نحتاج إلى هيئة للسينما أو مؤسسة الكويت للسينما، كمؤسسة الدوحة للأفلام في قطر. كذلك تعوزنا لجنة الكويت للأفلام لتسهيل إجراءات تصوير الأفلام داخل البلاد، ومنح رخص للتصوير، والتسويق لمواقع التصوير في الكويت داخلياً وخارجياً، كذلك لا بد من الترويج لمفهوم السينما السياحية للشركات الخارجية التي تصوّر داخل ديرتنا، كأبوظبي التي سوّقت لتصوير «ستار وورز»، كذلك صوّر فيلم «المهمة المستحيلة» لتوم كروز في دبي وبرج خليفة.

أذكر في هذا السياق أيضاً الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، التي تابعت تصوير أفلام عالمية في الأردن مثل «خزانة الأذى» للمخرجة كاثرين بيغالو الحاصل على ست جوائز أوسكار من بينها أفضل مخرج وأفضل فيلم، «المريخ» للمخرج الأميركي ريدلي سكوت، والأهم من ذلك ظهر فيلم أردني اسمه «ذيب» الذي كان من ضمن قائمة الخمسة أفلام المرشحة للأوسكار، ووصل بفضل الدعم الإعلامي واللوجستي والمادي من ثلاث مؤسسات من دبي وأبوظبي والدوحة.

ذلك كله يحرك الصناعة المحلية، ويجذب المنتج الخارجي لصرف مبالغ ضخمة تعود بالفائدة على البلد، لذا من الضرورة بمكان إنشاء لجنة الكويت للأفلام، لجعل الكويت مركزاً للإنتاج، ونحن لسنا بعيدين عن تحقيق ذلك، فالكويت هوليوود الخليج في الدراما وبإذن الله قريباً في السينما أيضاً.

كيف؟

نحتاج إلى تنظيم الأمور. الخطوة المقبلة لا بد من أن تكون من الحكومة، من خلال إيجاد صندوق الكويت لدعم السينما سواء تحت مظلة اللجنة أو خارجها، يبدأ بمبلغ بسيط ثم يكبر، سواء كان استثمارياً أو كمنح أو الاثنين معاً، ومثال ذلك ما يحصل في «سند» الذي يقدّم منحاً للأفلام بشرط وضع «اللوغو» الخاص به فحسب، و«دوحة للأفلام» التي تعطي منحاً لغاية 100 ألف دولار وإذا كانت الموازنة عالية تدخل معك في استثمار، وتنتج أفلاماً عربية وعالمية.

وما السبيل إلى ذلك؟

علينا أن نبتعد عن الأفكار التقليدية القديمة، وننطلق إلى مرحلة جديدة تواكب رؤية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد وهي جعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً واقتصادياً، وتواكب أيضاً الفكر الشبابي الحديث. يتحقق ذلك من خلال خطوات عدة تدرّجية، وإنشاء لجنة السينما وصندوق الدعم، ولدينا «عدسة» التابعة لوزارة الشباب التي تحتضن جيل الشباب، كذلك نحتاج إلى إعادة النظر في آلية ولوائح نظام المنتج المنفذ في وزارة الإعلام.

ما وجهة نظرك في تطوير نظام المنتج المنفذ؟

لا بد من أن أكون شريكاً مع المنتج، وأفكّر بعقلية القطاع الخاص، وعلى الأقل أدخل معه بفكر الشراكة، لا أن أمنحه المال من دون أن أعرف أين يذهب العمل بعد رمضان، فضلاً عن ضرورة الاستعانة بمنتجين محترفين سواء كويتيين أو غير كويتيين، لأننا في النهاية نريد صناعة العمل باحترافية. مثلاً، أسست mbc شركة O3 وهي تابعة لها بموازنة منفصلة، لأن آلية الإنتاج تحتاج إلى فكر واستراتيجية مختلفين في الإدارة، لذا فهي الذراع الإنتاجية، لما تحتوي عليه من متخصصين في المجال.

مقارنة

لماذا لم تصل الأفلام الكويتية إلى ما حققته نظيرتها المصرية في شباك التذاكر؟

من الصعوبة بمكان أن نقارن اليوم الكويت بدولة أخرى كمصر لديها صناعة سينمائية، كذلك تختلف من ناحية التركيبة السكانية التي تصل إلى 95 مليون نسمة، وبثقافتها أيضاً. السوق مكلف، وإذا افتتحت السعودية صالات العرض، سيكون المجال مريحاً للمنتج أو المستثمر في استثمار الفيلم السينمائي الكويتي بعرضه في الكويت ثم في السعودية حيث تعداد السكان 28 مليون نسمة، من ثم تعتبر أكبر سوق خليجي، ما سيحلّ المعضلة التي نواجهها. كذلك أحد المتغيرات الإيجابية دخول خدمة «نتفليكس» إلى الشرق الأوسط، ولدى «أو أس أن» أيضاً خدمة تأجير الأفلام الجديدة وانفتاحها على السوق السعودي ودول الخليج كافة من دون رقابة، إضافة إلى قنواتها المتخصصة بعرض الأفلام.

هل الأمر معقود على اهتمام الدولة بالسينما؟

يجب أن تضع الدولة السينما على أجندتها وأولوياتها. الإمارات مثلاً قدمت خلال أقل من سبع سنوات أكثر من ثمانية أفلام تجارية طرحت في دور العرض، على سبيل المثال لا الحصر «دار الحي» للمخرج علي مصطفى بجودة عالية في التقنيات، و«من ألف إلى باء»، وأخيراً فيلمي الروائي الطويل الثالث The Worthy، وجميعها مكلف وتمويلها جاء من الإمارات.

لا بد من ابتكار مصدر لتمويل الأفلام، بشكل ثقافي واستثماري، ما يساعد على إنتاج الفيلم حتى إذا لم يفتح السوق السعودي، فالفيلم السعودي «وجدة» انطلق وعرض في فرنسا وأميركا، وحقّق في فرنسا فحسب نصف مليون دولار، لأن ثمة جهة دعمت إنتاجه هي «روتانا» من خلال الأمير الوليد بن طلال.

جني الثمار

لجني الثمار من السينما المحلية، يقول عبدالله بوشهري إننا «نحتاج إلى نوع من التمويل واستمرارية لمدة خمس سنوات، مع بناء مؤسسة تعليمية مثل أكاديمية للسينما، إضافة إلى البعثات إلى الخارج من التعليم العالي لدراسة الفن السابع». ويتابع: «سيفرز ذلك تجارب سينمائية لها شباك تذاكر، والدليل تجارب دول أخرى مثل البرازيل وكوريا التي أسست لها موجة خاصة فيها».