عندما وقع الناقد سمير فريد، بوصفه رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة والثلاثين (9 – 18 نوفمبر 2014)، اتفاقات تعاون مع جمعية نقاد السينما المصريين (مثلها محسن ويفي رئيس الجمعية)، اتحاد طلبة المعهد العالي للسينما (مثلته د. غادة جبارة رائد الاتحاد) ونقابة المهن السينمائية (مثلها مسعد فودة نقيب السينمائيين)، تقضي بتنظيم برامج موازية للمهرجان هي: «أسبوع النقاد الدولي» (تنظمه جمعية نقاد السينما المصريين)، «سينما الغد الدولي» (ينظمه اتحاد طلبة المعهد العالي للسينما) و{آفاق السينما العربية» (تنظمه نقابة المهن السينمائية)، لم يكن أشد الناس تفاؤلاً يتوقع أن تستمر هذه البرامج الثلاثة، عقب الاستقالة المباغتة التي أصرّ عليها الناقد الكبير. وفعلاً واجه مديرو البرامج الموازية بعض المشاكل في دورة العام الماضي، التي ترأستها السيدة د. ماجدة واصف، لكن الأطراف توصلت في النهاية إلى اتفاق في وجهات النظر وأد الفتنة في مهدها!

كان المستهدف من فكرة تدشين البرامج الموازية، كما خطط لها الناقد «الفريد»، أن تُصبح «صوتاً مختلفاً» من خلال «وجهات نظر متنوعة لا تفرض ذوقها، ولا ذوق المدير الفني نفسه، على الجمهور، فضلاً عن تشكيل حالة من الاتزان والتنوع في الأفلام»، وهي «الاستراتيجية» التي أشهد أنها نجحت بدرجة كبيرة، بدليل أن مسابقات البرامج الموازية صارت تنافس مهرجان القاهرة السينمائي أو «المهرجان الأم»، حسبما يطلقون عليه، وتحولت إلى ند قوي يثير الهلع، ويستدعي القلق، خشية أن تتحول إلى مهرجانات مستقلة أو تطالب بالحكم الذاتي!

Ad

سأحدثكم عن برنامج «آفاق السينما العربية»، الذي تنظمه نقابة المهن السينمائية، ويديره السيناريست سيد فؤاد، بدعم صادق من الناقد شريف عوض، فالبرنامج يتنامى بشكل ملحوظ، ويشتد ساعده بقوة، دورة بعد الأخرى، وها هو يفاجئنا في دورته الثالثة، التي تُقام في الفترة من 16 إلى 23 نوفمبر الجاري، بنجاحه في الحصول على حقوق العرض العالمي الأول لأربعة أفلام طويلة عربية هي: «لحظات انتحارية» (مصر) إخراج إيمان النجار، «حرائق» (سورية) إخراج محمد عبد العزيز، «عتيق» (الكويت) إخراج أحمد الخلف، و{حزام» (الجزائر) إخراج حميد بن عمرة، وهو إنجاز تعجز مهرجانات عربية مخضرمة عن الوصول إليه، لكنه تحقق لإدارة البرنامج في دورته الثالثة فقط، نظراً إلى العلاقة الوثيقة التي تربطها وجهات عربية عدة، والدعم «اللوجيستي» الذي تلقاه من أطراف عربية تؤمن بدورها ورسالتها. وهو ما تجلى مثلاً في نجاح «آفاق السينما العربية» في عرض الفيلم السعودي «بركة يقابل بركة»، والتونسي «زيزو» والمغربي «أفراح صغيرة» والأردني الفلسطيني «المدينة». بل إن القيمين على البرنامج انتزعوا ما يمكن تسميته «الحق الحصري» لطبع كتاب «سينما الربيع العربي» للناقد الكبير سمير فريد، الذي يرصد ويحلل ويقرأ الأفلام التي صورت ووثقت لما وصفت بـ «ثورات الربيع العربي»، وفي السياق نفسه وجهت إدارة البرنامج «الواعد» الدعوة لعدد من الشخصيات العربية الإبداعية، على رأسها: المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، المخرج البحريني بسام الزوادي، المخرج العُماني خالد الزدجالي والممثل الكويتي طارق العلي للحضور والمشاركة في الندوة التي سُتعقد في المجلس الأعلى للثقافة لعرض ومناقشة الكتاب في حضور كاتبه.

ربما تكمن ثغرة الدورة الثالثة لبرنامج «آفاق السينما العربية» في لجنة التحكيم، التي تترأسها إلهام شاهين وتضم في عضويتها كاتب السيناريو والمنتج والمخرج المغربي أحمد بولان والممثل اللبناني جورج خباز. لكن الأمل كبير في تعويض أي إخفاق محتمل بأفلام يقف خلف اثنين منها مخرج كبير بقيمة وقامة ومكانة التونسي فريد بوغدير صاحب فيلم «عصفور السطح»، الذي أثار ضجة وقت عرضه، ورُشح لنيل جائزة سيزار للعمل الأول، وفيلم «صيف حلق الوادي» الذي عُرض في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الدولي، وحصد جائزة «بينالي السينما العربية»، الذي كان يُعقد بدعم ورعاية معهد العالم العربي في باريس. وأكبر الظن أن فيلمه الجديد «زيزو»، الذي عُرض أخيراً في «أيام قرطاج السينمائية» لن يقل عنهما صدمة وإثارة، كما أن وجود مخرجين شباب، أمثال: السوري محمد عبد العزيز (ولد عام 1974)، المغربي محمد الشريف الطريبق (ولد عام 1971)، الفلسطيني عمر الشرقاوي (ولد عام 1974) بالإضافة إلى الكويتي أحمد الخلف، والسعودي محمود صباغ، والمصرية إيمان النجار والجزائري حميد بن عمرة سيُضفي على «آفاق السينما العربية» كثيراً من الحيوية.