العرب والأكراد والخوف على المستقبل

نشر في 21-11-2016
آخر تحديث 21-11-2016 | 00:19
 صالح القلاب ليس في مصلحة الأكراد أنْ يُقْحَموا وأنْ "يوظفوا" في كل هذه الحروب الطاحنة، فالمعادون لتركيا الذين هم نظام الأسد والإيرانيون بادروا إلى دعم حزب العمال الكردستاني الديمقراطي – التركي، ليس حباً فيه أو في هذا الشعب، ولكن نكاية في الرئيس رجب طيب إردوغان، و"مشاغبة" على الدور الذي غدا يلعبه في هذه المنطقة. وهنا يبدو أن الروس وبطريقة من الطرق الاستخبارية المعقدة يشاركون في هذا الدعم أيضاً، وهدف هذا التحالف هو إنهاك هذه الدولة المحورية العضو المؤسس في حلف شمال الأطلسي وتحويلها من رقم رئيسي في المعادلة الشرق أوسطية، كما كانت ولا تزال، إلى رقم ثانوي وهامشي غير فاعل وليس له أي تأثير حقيقي وفعلي!

والكارهون للعرب السنة في العراق والساعون لتقسيم بلاد النهرين إلى ثلاث دول (كردية وشيعية وسنية) بادروا إلى تشجيع الأكراد على استهداف هذا المكون العراقي الرئيسي، في السابق وعلى مدى حقب التاريخ، ولعل ما حصل بالنسبة لإحدى وعشرين قرية من قرى كركوك ونينوى، ربما بدون علم ومعرفة الزعيم مسعود البارزاني، يدل على أن هناك من يريد إشغال الكرد بمعارك جانبية لإبعادهم عن هدف إقامة دولتهم المستقبلية المستقلة، فمثل هذا التقسيم يقتضي خلق مثل هذه الجروح الملتهبة لجعل أبناء الوطن الواحد غير قادرين على الاستمرار بالعيش المشترك، بل في حالة اشتباك مستمر وصراع دائم بلا أي نهاية.

وهنا فإن استخدام أكراد سورية بعضهم ضد بعض وضد العرب والأتراك، وحيث هناك أكراد "سورية الديمقراطية" وأكراد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) وأكراد وحدات حماية الشعب الكردي (YPG)، وأكراد حزب العمال الكردستاني الديمقراطي الكردي الـ (P.K.K)، فإن هذا يبقي على هدف قيام الدولة الكردية (التي من المفترض أن تشمل أكراد إيران وأكراد تركيا وأيضا أكراد شمالي العراق) بعيداً، وبالتالي يجعل هذا الشعب المظلوم حقاً يخسر هذا القرن الجديد، كما خسر القرن العشرين بأكمله.

ليس في مصلحة الأكراد أن يكون هناك استغلال لهذه الظروف المستجدة البائسة في العراق، وأن يتم استهداف العرب على النحو الذي تم به تدمير بيوت ومنازل إحدى وعشرين قرية من قرى كركوك ونينوى، فهذا سيخلق جرحاً نازفاً لا يندمل بين مكونين رئيسيين في بلاد الرافدين، وفي هذه المنطقة الشرق أوسطية كان التعايش بينهما، وبخاصة في سورية، في أرقى وأفضل أشكاله منذ عهد الدولة الأيوبية وقبل ذلك وبعده، إذ كان حسني الزعيم ثاني رئيس للدولة السورية المستقلة بعد شكري القوتلي الذي يقال إنه هو بدوره أيضاً من أصول كردية.

إن من حق هذه الأمة، الأمة الكردية، أن يكون لها ما لغيرها وإن من حق الشعب الكردي "الشقيق" حقاً أن يقرر مصيره بنفسه، حيث يوجد، إنْ في إيران وإن في العراق وإن في تركيا وإن في سورية أيضاً، وأن يقيم دوله الوطنية كخطوة لإقامة دولته القومية المنشودة، فهذه مسألة لا يناهضها إلا عنصري لا يقبل لغيره ما يقبله لنفسه، ولذلك فإن على هؤلاء "الأشقاء" الذين لم يمتزجوا بأي أمة أخرى من أمم هذه المنطقة كما امتزجوا بالأمة العربية، أنْ يدركوا أن ما حصل مع قرى كركوك ونينوى العربية – السنية سيخلق جرحاً ليس من السهل اندماله في المستقبل، وقد يخلق حالة ثأرية ستدفع ثمنها، إن هي تعمّقت لا سمح الله، الأجيال القادمة.

back to top