نظم معهد البحرين للتنمية السياسية المنتدى الخليجي الرابع للإعلام السياسي، بعنوان "الإعلام والهوية الخليحية" ضم نخبة من المثقفين والفنانين والإعلاميين وجمعاً غفيراً من الجمهور البحريني، كما شهد تكريم ثلاثة فائزين بجائزة الصحافة في موضوع "ثقافة السلم الأهلي".

يأتي هذا الحدث الخليجي الاستثنائي، في الاحتفاء بدعاة ورموز التسامح وثقافة قبول الآخر ونبذ التطرف والكراهية في المجتمع الخليجي، ليواكب اليوم العالمي للتسامح، الموافق 16 نوفمبر، والمعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1996، ليكون يوماً عالمياً تحتفل به دول العالم، تأكيداً أن التسامح وحده، هو الذي يضمن بقاء الإنسانية، كما يأتي هذا التكريم لهذه القيم العليا، في بلد عُرِف تاريخياً بعراقة قيم التسامح الإنساني، وترسخ جذورها في البنية المجتمعية.

Ad

معهد البحرين للتنمية السياسية، يضطلع بأداء رسالة سامية تتمثل في إذكاء ثقافة الديمقراطية وقبول الآخر وتعزيز ثقافة الحوار على مستوى المجتمع الخليجي، وقد كرس نشاطه لتعميق مناخات الحرية وحقوق الإنسان، وروح المسؤولية الوطنية للإعلاميين ورفع مستوى الوعي السياسي والتنموي، إضافة إلى مهامه الأخرى في توفير برامج التدريب والدراسات والبحوث الدستورية والقانونية وإعداد مؤهلين للعمل السياسي. وفي هذا السياق، يقوم المعهد سنوياً، بعمل فذ، لا نظير له في المنطقة، وهو الرصد الدقيق للنتاج الصحافي الخليجي والأعمال المتلفزة الخليجية في موضوع الجائزة المعلن عنها، وتحكيمها وفق معايير دقيقة، ومن ثم تكريم الفائزين في حفل سنوي.

ويهدف منتدى هذا العام إلى بلورة خطاب إعلامي يعزز الهوية الخليجية المشتركة ويعمق مرتكزاتها في مواجهة التحديات المعاصرة، والتدخلات الخارجية.

افتتح راعي الحفل، معالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، أعمال المنتدى، بكلمة حث فيها الإعلاميين الخليجيين، على العمل لتعزيز مفاهيم الهوية المشتركة والانتماء إلى الكيان الخليجي الموحد، في ظل ما تشهده المنطقة من تجاذبات ومتغيرات تستدعي مجابهتها بقوة الكلمة الصادقة. وجاءت كلمة سعادة وزير شؤون الإعلام، السيد علي بن محمد الرميحي، لتوضح أن 80 في المئة من الفضائيات العربية، مملوكة لمستثمرين خليجيين، لكنها مغيبة عن الهوية الخليجية، وقاصرة عن مواجهة التحديات الإعلامية والثقافية والأمنية المعاصرة.

وجاء دور المتحدث الرئيس، الدكتور سعد بن طفلة، وزير الإعلام الكويتي الأسبق، ليمتع الحضور المتفاعل مع كلمته التي شكلت معالم طريق لتعزيز الهوية الخليجية، وتوالت الجلسات، الأولى حول "العولمة والإرث الحضاري"، والثانية حول "مستقبل الهوية الخليجية" والختامية عن "دور الإعلام في تعزيز الهوية الخليجية".

أما الفنان القطري الكبير والمحبوب، غانم السليطي، فكان نجماً إعلامياً بارزاً بحضوره وحيويته وعفويته، وتجلى ذلك في كلمته النابعة من القلب حول الهوية الخليجية والتي لقيت تجاوباً من القاعة الغاصة بالحضور استحساناً وتصفيقاً.

مستقبل الهوية الخليجية

لقد واجه قادة الخليج، في الماضي، تحديات ومخاطر على الهوية الخليجية، فاجتمعت إرادتهم على ضرورة قيام كيان خليجي متعاون، يكون عاصماً للخليج، ومحصناً لهويته في وجه تلك الأطماع والمخاطر، وهكذا استطاعوا، بموروث الحنكة والحكمة، قيادة السفينة إلى بر الأمان، لينعم الخليج بما ينعم به اليوم من أمان واستقرار وازدهار.

واليوم يواجه الخليج مخاطر وتحديات مختلفة، تتطلب استجابة مختلفة، واستراتيجية خليجية مشتركة، من أبرز عناصرها:

أولاً: تطوير المنظومة التعاونية إلى الاتحادية؛ فالصيغة التعاونية استنفدت أغراضها، ونحن في مرحلة تتطلب صيغة أقوى قادرة على تحصين البيت الخليجي.

ثانياً: تفعيل مفهوم المواطنة، وتوسيع قاعدة المشاركة وتحقيق العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وإصلاح الخلل السكاني وتجريم خطاب الكراهية، هي خطوط الدفاع الأول للخليجيين في مواجهة المخاطر والأطماع والتدخلات الخارجية.

* كاتب قطري