في مفاجأة من العيار الثقيل، أمرت نيابة أمن الدولة العليا بمصر بإحالة ٢٩٢ إرهابيا من تنظيم ما يسمى بـ"ولاية سيناء"، الفرع المصري لـ"داعش"، إلى القضاء العسكري، لاتهامهم بارتكاب العديد من الهجمات الإرهابية والانتحارية، معظمها شمال سيناء، والتخطيط لاستهداف واغتيال الرئيس عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي داخل الحرم المكي. وبحسب بيان للنيابة، تضمنت القضية 22 خلية إرهابية تابعة لتنظيم ما يسمي بـ"ولاية سيناء"، وجاء إجمالي عدد المتهمين فيها 292 متهما بينهم 158 متهما تم التحقيق معهم بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا بعد ضبطهم، حيث استغرقت التحقيقات عاما ونصف.
وتضم مذكرة النيابة 151 متهما محبوسين بصفة احتياطية على ذمة التحقيقات، و7 متهمين مخلى سبيلهم، في حين تضمنت أوراق القضية اعترافات تفصيلية لـ66 متهما بشأن أكثر من 18 واقعة إرهابية ارتكبها المتهمون في القضية، وعلى رأسها محاولة استهداف الرئيس عبدالفتاح السيسي بعمليتي اغتيال الأولى داخل مصر، والثانية بالحرم المكي أثناء أدائه مناسك العمرة، وكذلك محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف ولي عهد السعودية.وكشفت التحقيقات واعترافات المتهمين بأن "عملية التخطيط لاستهداف الرئيس عبدالفتاح السيسي جرت من خلال خليتين إرهابيتين تتبعان التنظيم، الأولى يعمل أعضاؤها بالمملكة العربية السعودية، وتولى عناصرها رصد تحركات الرئيس السيسي في مكة المكرمة أثناء أداء مناسك العمرة".وأشارت إلى أن أحد العاملين في فندق برج الساعة "سويس أوتيل"، ويدعى أحمد عبدالعال بيومي، تولى قيادة هذه الخلية، حيث قام بتشغيل اثنين من عناصر الخلية، هما محمود جابر محمود علي وباسم حسين محمد حسين، بناء على تعليمات من المتهم سعيد عبدالحافظ، وتولى المتهم باسم حسين رصد تحركات الرئيس السيسي ومهبط طائرات الأسرة الملكية بالسعودية الكائن ببرج الساعة، وقاموا بشراء بعض المواد التي تدخل في تصنيع العبوات شديدة الانفجار من سوق الكعكية بمكة، وتخزينها في الطابق 34 بالفندق.وأظهرت أن المتهمين اعتقدوا أن السيسي سيقيم بالفندق أثناء أداء مناسك العمرة، بعد رصدهم لحجز أجرته إحدى جهات الدولة لجناح رئيسي بالفندق.وتبين من واقع اعترافات المتهمين أنهم خططوا لتقوم زوجة المتهم أحمد عبدالعال بيومي، وتدعى "الدكتورة ميرفت" بتنفيذ عملية تفجيرية داخل الحرم المكي، أثناء تواجد الرئيس عبدالفتاح السيسي والأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي، لإشغال قوات الأمن بالتفجير، في الوقت الذي يقوم بقية عناصر الخلية بتنفيذ عملية اغتيال الرئيس وولي العهد السعودي.كما جاء باعترافات المتهمين وجود خلية ثانية داخل مصر كانت تقوم على استهداف الرئيس السيسي، وضمت 6 ضباط شرطة (تم فصلهم لاحقا) وطبيب أسنان، حيث تبين أن الضباط المتهمين من الضباط الملتحين، بحسب بيان النيابة. وأوضح أحد الموقوفين أنه في إطار مخططهم تدارسوا كيفية استهداف موكب رئيس الجمهورية، حال مروره بأي طريق عام، أثناء تعيينهم ضمن الخدمات الأمنية المشاركة في تأمين الرئيس، بوصفهم ضباطا بالأمن المركزي.وكشفت التحقيقات أن تنظيم "ولاية سيناء" أدى البيعة لتنظيم داعش الإرهابي بالعراق وسورية وقائده أبوبكر البغدادي، معلنين أنهم أصبحوا ولاية تابعة للتنظيم الأم، وأطلقوا على أنفسهم "ولاية سيناء"، حيث كانوا يستهدفون عمل "إمارات إسلامية" تابعة للتنظيم في عدد من المناطق بمحافظات مختلفة.
بطاقات التموين
في الأثناء، لا يزال مصير ملف الدعم الذي تقدمه الدولة لمحدودي الدخل غامضاً، على وقع التزام القاهرة بتخفيضه أمام «صندوق النقد الدولي»، بعد أيام من موافقته على إقراض القاهرة 12 مليار دولار، إذ عاد الحديث عن مصير بطاقات التموين إلى الواجهة، أمس، بعد تضارب تصريحات القائمين على الوزارة بخصوص تقليص عدد المستفيدين من البطاقات، التي تحمل الدعم العيني للملايين، في بلد يصنف أكثر من 25 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.وفي حين وجه الرئيس المصري أمس الأول، حكومة شريف إسماعيل ببذل مزيد من الجهود للتوسع في برامج وشبكات الحماية الاجتماعية، نفى وزير التموين والتجارة الداخلية، محمد علي مصيلحي، تصريحات متلفزة أدلى بها مساعده أحمد كمال تفيد بتنقية البطاقات من بعض محدودي الدخل.وقال الوزير في بيان رسمي، إنه لا صحة لما تردد بشأن عدم أحقية من يتجاوز راتبه 1500 جنيه أو معاشه 1200 جنيه لبطاقة تموينية، مؤكداً أن هذه الشروط لا تنطبق على المستفيدين الحاليين، وناشد الوزير المواطنين بالتوجه لمكاتب التموين بداية من ديسمبر المقبل، لخصم الأفراد المقيدين على البطاقات من غير المستحقين، بسبب حالات الوفاة أو ازدواج الصرف، أو السفر للخارج.ونفي الوزير لتصريحات مساعده، لم تكن إلا قمة جبل جليد لأزمة تربك وزارة التموين، وسط نقص في إمدادات السكر والأرز وعدد من السلع الأساسية، إذ أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة التموين محمد الصيفي، أمس الأول، استقالته بعد أسبوع واحد في المنصب، بسبب حجب المعلومات عنه، متهماً بعض قيادات الوزارة بتعمد إفشال الوزير الحالي.ولم ينف مستشار وزير التموين الأسبق، نادر نور الدين لـ «الجريدة»، اتجاه الحكومة المصرية إلى تقليص حجم الدعم العيني، قائلا: «اجتمعت وعدد من الخبراء بمسؤولي أحد الأجهزة السيادية، خلال الفترة الماضية، وحددنا قواعد تنقية البطاقات بحذف المتوفين والمسافرين خارج البلاد، بما يوفر نحو مليوني بطاقة، ثم حذف المقتدرين مثل ضباط الجيش والشرطة وأعضاء القضاء، بهدف خصم 20 مليون مواطن من البطاقات، لنصل إلى 50 مليون مستفيد فقط».وكشفت التصريحات المتضاربة عن أزمة داخل الوزارة في التعاطي مع ملف الدعم العيني، الذي يستفيد منه نحو 70 مليون مصري، ويشكل دعامة أساسية في دعم قدرة الأسر المصرية في تحمل ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مع قرارات رفع أسعار المحروقات، وتعويم الجنيه، حيث اقترب الدولار أمس، من تخطي عتبة 18 جنيهاً مصرياً في البنوك، وهو السعر الذي كان يباع به الدولار في السوق الموازي، قبل قرار التعويم، أي منذ نحو 3 أسابيع.أزمات نقابية
في الأثناء، دخلت الحكومة المصرية، في مواجهة مفتوحة مع نقابتي الصحافيين والأطباء، إذ يتوقع أن يستجيب آلاف الصحافيين لدعوة مجلس النقابة إلى اجتماع مفتوح بعد غد الأربعاء، اعتراضاً على سابقة حكم قضائي بحبس نقيب الصحافيين يحيى قلاش، وعضوين في مجلس النقابة، سنتين وغرامة 10 آلاف جنيه، أمس الأول، بينما احتشد الأطباء أمام محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة أمس، مع نظر الأخيرة طعن الحكومة على حكم قضائي لمصلحة الأطباء بزيادة بدل العدوى من 19 جنيها إلى ألف جنيه.قتيل أبو النمرس
وتواجه الحكومة كذلك انتقادات حول حقوق الإنسان، إذ بينما لا تزال التحقيقات جارية لكشف غموض وفاة مجدي مكين (51 عاماً)، قبل أيام، داخل قسم شرطة الأميرية، وسط حديث عن تعرضه للتعذيب، عاينت نيابة مركز الجيزة، أمس، جثة «حارس خاص»، لفظ أنفاسه الأخيرة، داخل مركز شرطة أبو النمرس بمحافظة الجيزة، عقب ساعة من القبض عليه مساء السبت الماضي، وبدأت النيابة في استجواب أقارب المتوفى بشأن الواقعة. وقال مصدر أمني إنه بعد ضبط الخفير الخصوصي ياسر صابر (37 عاماً) لاتهامه بحيازة «فرد خرطوش» غير مرخص، وأثناء ترحيله إلى المركز، شعر المتهم بحالة إعياء شديدة، ثم فارق الحياة، بينما قال أهالي صابر إن أحد أطباء المستشفى أكد لهم أن الجثة بها كدمات في مناطق متفرقة من جسده، ما يشير إلى تعرضه للتعذيب داخل القسم.استبعاد المصالحة
من جهة ثانية، استبعد مصدر مطلع إمكانية إجراء أية مصالحة مع جماعة «الإخوان» المصنفة إرهابية في مصر، بعد تصريحات نائب المرشد العام للجماعة إبراهيم منير، المقيم في إنكلترا، والتي طالب فيها من وصفهم بـ»حكماء الشعب المصري أو حكماء الدنيا»، رسم صورة واضحة للمصالحة بين السلطات المصرية والجماعة.وبينما تراجعت الجماعة خطوة، في بيان لها أمس، وقالت إن هذه التصريحات تم إساءة فهمها إعلاميا، قال رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان علاء عابد لـ «الجريدة»، إنه يرفض فكرة المصالحة مع جماعة «الإخوان»، كاشفا أنه من المتوقع أن يناقش البرلمان قانون العدالة الانتقالية، والذي يتضمن إجراء مصالحة مع فرقاء المشهد السياسي المصري قريباً، متوقعا ألا يشمل القانون الإخوان.