لم يرتوِ سيف مقاتلي ما يُعرف بـ«ولاية سيناء»، الفرع المصري لتنظيم «داعش»، من دماء ضحاياه في سيناء خلال السنوات الثلاث الماضية، حتى تجددت الدماء أخيراً، ليكون بطلها شيخ ضرير، مُسن وزاهد، يعالج الفقراء بآيات من الذكر الحكيم.

«سياف داعش»، الذي طالما ظهر في صورٍ بثها التنظيم، أثناء تنفيذ حكم الإعدام في حق ضحاياه، مُشهراً سيفه بملابس عسكرية مموهة،

Ad

لا يفرق في إرهابه بين شيخ أو شاب، فالجميع طالته آلة النحر الداعشية، إذ إن ضحية التنظيم هذه المرة هو الشيخ سليمان أبو حراز، أحد أبرز الزهاد السيناويين، وأحد أعمدة قبيلة «السواركة»، في العقد العاشر مع عمره (98 عاماً)، بعدما رماه التنظيم بالكفر، لينفذ التنظيم فيه حد النحر، في وضح النهار، في أحد ميادين محافظة شمال سيناء أمس الأول، بدماء باردة.

وكان التنظيم الإرهابي اختطف عدداً من رموز الطرق الصوفية شمال سيناء، منذ نحو شهر، لكن التنظيم أطلق سراحهم لاحقاً، بعد وساطة وجهود شيوخ قبائل سيناوية، مشترطاً عدم قيام الصوفية بأي ممارسات شعائرية تخصهم، فيما قال شهود عيان لـ»الجريدة»، إن الشيخ أبو حراز ليس شيخ طريقة صوفية لكنه من كبار الزهاد في سيناء وكان يعالج الأهالي بالقرآن.

بينما انتشرت حالة الفزع، التي ظهرت على حديث بعض شيوخ قبائل سيناء، الذين تحدثوا مع «الجريدة» حول جريمة نحر الشيخ الزاهد، تعكس حجم معاناة أهالي سيناء، فأحد الشيوخ السيناوية طلب عدم نشر اسمه، قال: «الشيخ سلمان رجل من أهل التقى والزهد أعرفه منذ ثلاثين عاماً، لا يدعي معرفة الغيب، وكان يقول لكل زائر عليك بالصلاة وإرضاء والديك، رحمه الله».

وفيما وصف الناشط السيناوي مسعد أبو فجر، الشيخ أبو حراز بـ «غاندي سيناء»، قال ناشط آخر نشر شهادته عبر «تويتر»، «التقيت الشيخ حراز منذ فترة وقال لي نصاً، قُل للناس لو عاوزين الحياة ترجع لطبيعتها سامحوا بعض، وردوا المظالم وأدوا الأمانات إلى أهلها وتعاونوا على الخير، والسيسي إذا عاوز ينجح يطلع المظلومين من السجون والمعتقلات».

وقال باحث الحركات الأصولية مصطفى أمين لـ»الجريدة»، «داعش سيناء يكرس صفحة جديدة من إرهابه في حق السيناويين، وحذرنا خلال الفترة الماضية من أن الجماعات الصوفية باتت في مرمى نيران التنظيم، للأسف الدولة غير موجودة في سيناء، وعملية أبو حراز تكريس لمرحلة جديدة من العنف في سيناء».

يشار إلى رد فعل «مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة»، التابع لدار الإفتاء المصرية، جاء مستنكراً الجريمة، ووصفها بـ»الوحشية» وقال في بيان له أمس، «تؤكد بشاعة ودموية التنظيم وانتهاكه لكل حرمات الله ومحاربة أئمة العلم والزهد والإيمان كونهم يعدون أهم خصومه، فهم حائط الصد الأول أمام دعاية التنظيم وأكاذيبه».