المنهج الذي تتبعه وزارة الإعلام بإحالة العديد من الصحف اليومية إلى النيابة العامة، لمجرد نشرها تقارير عن بعض الدول وسياساتها الخارجية، بعد نشر عدة تقارير تنشرها العديد من وكالات الأنباء العالمية، منهج يمكن وصفه بالكارثي، ويثير حالة من التساؤل: بأي عهد تريدنا أن نعيش وزارة إعلامنا وجهاز رقابة المطبوعات التابع لها؟!

كيف تعتبر وزارة بقطاعاتها القانونية أن مجرد نشر أخبار يومية عسكرية أو مدنية في بيروت أو العراق أو إيران أو اليمن من شأنها تهديد بقطع العلاقات السياسية بين الكويت وتلك الدول؟ أي ضحالة بالتفكير وصلنا لها لكي تصور لنا الوزارة أن تلك التقارير الإعلامية التي تنشر بكل أرجاء الفضائيات، وتعج بأنبائها وسائل التواصل الاجتماعي الحديث، بل ويبثها حتى التلفزيون الرسمي للوزارة، من شأنها أن تهدد العلاقات الكويتية مع تلك الدول؟ وأي علاقات تلك التي تنقطع لمجرد نقل خبر صحافي أو واقع لمحادثات بين الدول أو إطلاق صواريخ على سورية أو اليمن، وهي الدول التي تعيش حالة من اللاستقرار الأمني؟!

Ad

أي سخف تريدنا أن نعيشه وزارة الإعلام بسبب اعتقاد البعض من مدققيها أن تلك الأخبار أو التقارير تمثل مخالفة قانونية تستدعي عدم النشر، رغم أن العالم برمته لا يتضمن إلا تلك الأخبار التي تنتشر فيه، وكأن وزارتنا ذات الحس الأمني والعسكري تريدنا أن ننشر في اتجاه وتفكير أوحد هي التي تقرره، وعلينا نحن ألا ننظر في اتجاهات أخرى، وإلا أحالتنا إلى تحقيقات النيابة، بعد أن تمارس علينا أسلوب «التأديب بالإحالة» الذي تتبعه دون أدنى احترام لحريات الصحافة والنشر والتعبير التي جاء بها الدستور، مستغلة بذلك نصوص قانون المطبوعات التي تمنحها حق تحرير المخالفات بحق الصحف!

لا يمكن السكوت عن مبالغة وزارة الإعلام في ملاحقة الصحف ومقاضاتها لمجرد نشرها أخبارا عالمية لا تتضمن مسا ولا طعنا ولا إساءة للدول الشقيقة، ولا تستند إلى شكاوى من سفارات تلك الدول، ولا من وزارة الخارجية، ولا تتضمن ما يعد من قبيل الحملات الإعلامية التي تحدث عنها قانون المطبوعات والنشر بحسب المادة ٢١ منه، ويتعين عليها أن تكون أمينة على تحريك الدعاوى الجزائية، وألا تنطلق من هوى بعض مسؤوليها أو دوافع شخصية لديهم في محاولات تأديب الصحف في رفع العديد من الشكاوى الجزائية، علها تنفع في إخراسها في تناول هذا النوع من الأخبار!

يتعين على المسؤولين في وزارة الإعلام إدراك خطورة سلاح مقاضاة الصحف على نحو كيدي، والذي رغم تعديه على حرية الصحافة التي تراجعت في عهد وزارة الإعلام الحالية، كما يفتح ذلك الباب الكيدي بمقاضاة الوزارة عن استغلالها الخاطئ لحق التقاضي الذي كفله الدستور أيضا لكل من تضرر من شكاوى الوزارة أو بلاغاتها!