«عتبات» الرسام التشكيلي السوري مطيع مراد لوحات «كبيرة الأبعاد» تقارب الفن اللاموضوعي

نشر في 22-11-2016
آخر تحديث 22-11-2016 | 00:02
إحدى لوحات مطيع مراد
إحدى لوحات مطيع مراد
ينظّم الناقد والقيّم الفني مرتضى فالي معرضاً فردياً للرسام التشكيلي مطيع مراد في غاليري «أيام دبي» (يستمر حتى 7 يناير 2017)، يلقي خلاله الضوء على أحدث أعمال الفنان المقيم في الشارقة المدرجة تحت عنوان «عتبات»، وفيها يغوص عميقاً في استخدام الرياضيات في مجال التجريد الهندسي، وهي مقاربة في مجال الفن اللاموضوعي خلال فترة استمرّت عقداً كاملاً من الزمن. يتخلّل حفلة الافتتاح إطلاق مونوغراف حول الفنان يتناول المراحل المختلفة لأعماله ومقالات عنه لكل من سامية حلبي، وميمنة فرحات ومرتضى فالي.
انصبّ تركيز الرسام التشكيلي مطيع مراد في السنوات الثلاث الماضية منذ أقام معرضه الأخير في الإمارات العربية المتحدة بشكل أكبر على المساحة والأبعاد في لوحاته، ذلك من خلال استلهام الوحي من التشكيل في مجال فن الخداع البصري، إذ يعود إلى دبي برفقة لوحات كبيرة الأبعاد اعتمد فيها متتالية فيبوناتشي الرقمية (نسبة إلى ليوناردو فيبوناتشي) كنقطة انطلاق للوحته الكبيرة.

تخوض أعمال مراد الأخيرة في الأنماط المتنامية التي تنتج عن المتتالية الرقمية، ذلك عبر استخدامه لها لابتكار إحساس بالحركة والإيهام بتوسّع المساحة، ويشجع الفنان المشاهد من خلال قيامه بذلك، على اختيار العمل بحساسية فينومينولوجية.

يطبّق مراد متتالية فيبوناتشي على أنماط شبكية الشكل تخفي جزئياً التفاعلات ما بين المضلّعات والخطوط فتشكّل إيهاماً بالعمق. تلك الخطوط الشبكية توحي بما يشبه النوافذ أو سواتر تخبئ خلفها عوالم خفيّة. وبينما تأخذ المربعات الشبكية بالازدياد في الحجم تظهر لوحات مراد وكأنها تنتفخ وتتقلّص أمام عينيّ الناظر.

مطر وضوء وحب

في جداريته «المطر والضوء والحب»، يستخدم الفنان على سبيل المثال شرائط متجانسة تبدو وكأنها تتضاءل في العرض كلما اتجهت نحو مركز اللوحة. تنقسم اللوحة إلى سبعة أسطح محدّدة ومنظمة وفق درجات لونيّة متماثلة تحوي خطوطاً مثيرة للاهتمام. هنا يؤدي اللون نسبياً دوراً مركزياً في ابتكار مساحة واسعة. رغم كون كل واحد من الأسطح مؤلفاً من تنسيقات هندسية يمكن قراءة كل منها على حدة كحقل لوني مختلف حيث يتراقص اللون بشكل متتابع. تلك الشرائط البيض التي تحدّد المساحات اللونية تصل إلى أقصى أعلى اللوحة وأسفلها، ثم تتلاشى ضمن خلفيّة بيضاء ما يوحي باللانهاية.

تمتدّ لوحة مراد التشكيلية على مدى السطح، لكن رغم ذلك تبدو المربعات الشبكية كأنها متدلّية، أو معلقة في الهواء بواسطة عمودين متقابلين. إذا كان العنوان الذي اختاره الفنان يصف الإحساس بالمطر والضوء من خلال التفاعل ما بين اللون والخط الذي يشكل امتداد اللوحة، لربما أيضاً يكون عنصر «الحب» المشار إليه هو ما يشكّل القوة الجاذبة التي تحافظ على العناصر الأخرى في مكانها.

روحانية

تعكس أعمال مطيع مراد وحدة بين الروحانيّة والتشكيل، فهو يستوحي من الأشكال والرموز الهندسية في الفن الإسلامي. بدا مسيرته كرسّام بالعمل على لوحات تعبيرية ثنائية اللون (مونوكروم)، تظهر معاناة الإنسان المعاصر. ففي عام 2007، تبنى منحى ومنظوراً جديداً غيّر بواسطته وجهة أسلوبه الفني وذلك من خلال الخوض في النسبية، والمساحية، والديناميكية البصرية للأشكال الهندسية.

وينعكس تطوّر أعمال مراد من خلال مراحل التجريد التدريجية التي تتجلّى في لوحاته حين يبني على إنجازات الحركات الفنية السابقة، بالإضافة إلى التجريب بضربات الفرشاة التلقائية والمنظور الوهمي لفنّ الخداع البصري عدا عن اعتماد التناظر والتجريد الهندسي وتقنيّة الأسطح المتداعية التي تمتاز بها الحركة التفوقية (سويرماتية). نجد في أعماله الأخيرة أن اهتمامه بالرياضيات يؤدي دوراً محورياً مع وجود أرقام فيبوناتشي ومتتاليته في جوهرها. تبدو أشكاله وخطوطه محددة بشكل كبير من خلال وظائف رياضية وتطبيقها الهندسي ضمن العمل.

يقيم مطيع مراد في إمارة الشارقة – الإمارات العربية المتحدة، وهو حاصل على بكالوريوس في الفنون الجميلة في جامعة دمشق (2001). من ضمن المعارض الفردية التي شارك فيها الفنان غاليري «أيام» في بيروت (2011)، دبي (2010)، دمشق (2010). وتحتضن مجموعات خاصة أعماله من ضمنها المتحف الأردني للفنون الجميلة.

back to top