في الصيف الماضي، انتشرت صور متداخلة وغريبة على الإنترنت: سماوات دوّارة تنزل منها وجوه كلاب، تحف فان غوغ مزيّنة بعشرات العيون الشاخصة... من خلال تشغيل أنظمة حسابية للتعرّف إلى الصور بنمط معاكس، اكتشف الباحثون في «غوغل» أنهم يستطيعون إنتاج صور يعتبرها البعض فنّية، فخلال مزاد في شهر فبراير، حصدت صورة مشتقة من برنامج «ديب دريم» 8 آلاف دولار.

لكن تبقى صور «ديب دريم» محدودة بحسب دوغلاس إيك، باحث في مجموعة الذكاء الاصطناعي في «غوغل»، «غوغل براين». يهدف مشروع جديد أطلقته الشركة تحت اسم «ماغينتا» إلى ابتكار برنامج يستطيع إنتاج أعمال فنية أكثر تعقيداً عبر استعمال الموسيقى والفيديوهات والنصوص.

Ad

يتّكل «ماغينتا» على أحدث بحث أجرته «غوغل» عن الشبكات العصبية الاصطناعية التي تدعم ما يسمّيه المدير التنفيذي ساندر بيشاي استراتيجية «الذكاء الاصطناعي أولاً» في شركته. يقول إيك إنه يريد مساعدة الفنانين والمبدعين المحترفين وكل من يختبر برنامجاً مبتكراً يستطيع اختراع الأفكار أو يشارك فيه.

يوضح إيك: «يمكن أن يتلقى الكاتب من الحاسوب مجموعة من الأفكار المكتوبة جزئياً فينطلق منها. وإذا كنت مهندساً، سيعطيك الحاسوب بعض التعليمات للقيام بمشروع لم تفكّر به يوماً».

تبقى هذه السيناريوهات مستبعدة. لكن عرض آدم روبرتس الذي يشارك في مشروع «ماغينتا» برنامجاً نموذجياً يعطي لمحة عن طريقة تعاون الموسيقيين مع آلة إبداعية، فطبع مجموعة من النوتات على آلة «موغ» الافتراضية. وعند النقر على فأرة الحاسوب، حوّلها البرنامج إلى نغمة قصيرة واستكملها بتغيّرات أساسية وعبارات متكررة. تعلّم البرنامج تطبيق هذه العملية عبر تحليل قاعدة بيانات تتألف من 4500 نغمة تدخل في خانة موسيقى البوب.

يظن إيك أن البرنامج تعلّم كيفية إحداث تغيرات أساسية وحلقات من الألحان لأنه يستعمل شكلاً طبيعياً من الانتباه ومستوحىً من المعرفة البشرية لاستخلاص معلومات مفيدة من النغمات التي يحللها. يستعمل الباحثون في «غوغل» وشركات أخرى آليات انتباه مماثلة لتمكين البرنامج من فهم عبارات أو صور معقدة.

برنامج «ألفاغو»

يمكن تفعيل البحث عن برمجيات مبتكرة عبر الأفكار التي ساعدت برنامج «ألفاغو» الذي أطلقته «غوغل» على هزم واحد من أهم اللاعبين المتفوقين في العالم هذه السنة. استعمل تصميم «ألفاغو» مقاربة «القوة التعليمية» التي تجعل البرنامج يكتسب مهارات جديدة بما يشبه أداء الحيوانات: البرنامج مصمم ليحاول الاستفادة من مكافأة افتراضية إلى أقصى حد. يظن إيك أن مقاربة «القوة التعليمية» قد تجعل البرنامج قادراً على ابتكار أعمال فنية أكثر تعقيداً. على سبيل المثال، تفتقر عيّنات النغمات المأخوذة من نموذج «ماغينتا» إلى البنية الواسعة التي نتوقّعها في الأغاني.

قد يساهم مشروع «غوغل» في زيادة الانتباه والموارد المخصصة لمجالٍ بحثي قائم منذ فترة طويلة في الأوساط الأكاديمية لكنه يبقى أصغر حجماً من مجالات الذكاء الاصطناعي التي تشمل تطبيقات مهنية بارزة بحسب مارك ريدل، أستاذ مساعِد في كلية «جورجيا» للتكنولوجيا. يبتكر ريدل برمجيات تخترع القصص وألعاب الفيديو، لكنه يعتبر أن خطوة «غوغل» في مجال الذكاء الاصطناعي المبتكر لن تحرز على الأرجح تقدماً سريعاً في ما يخص المسألة التي تشغل قطاع الإبداع المحوسب: هل يمكن أن تكسب الآلة يوماً حساً فنياً مستقلاً بدل أن تكون مجرّد أداة يوجّهها إنسان فنان؟

بشكل عام يبدأ الفنانون البارعون بتقليد فنانين معروفين قبل أن يطوروا أساليب جديدة خاصة بهم تحت تأثير دوافعهم الفنية المتطورة. لكن لم يتّضح بعد كيف تُطوّر البرمجيات استقلالية فنية خاصة بها. يقول ريدل: «ترتكز الشبكات العصبية على شكلٍ من التقليد. يمكن أن نعرض أعمالاً كلاسيكية كي تتعلّم البرمجيات الأنماط منها، لكنها تحتاج في مرحلة معينة إلى اكتساب الرغبة في تطوير الإبداع».