تحوم بعض الشكوك حول عدم قدرة منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» خلال الاجتماع الرسمي المقبل، على إتمام الاتفاق بتخفيض إنتاج النفط، بسبب الغموض الذي ينتاب طريقة تطبيق خطة تقليص الإنتاج على الدول.

أما المستثمرون والمتعاملون فهم متشككون، لسبب وجيه، يتمثل في الغياب الكامل للتفاصيل، وعن الإشكال المحتمل المتعلق بأيّ الدول التي ستخفض الإنتاج.

Ad

لكن المراقبين يرون أن الخطر الوحيد الذي يهدد التوصل إلى هذا الاتفاق، سيأتي من ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، أي الولايات المتحدة، فالنفط الصخري لأميركا يمثل الهاجس الأكبر للدول المنتجة للنفط، حيث إن تخفيض الإنتاج من قبل هذه الدول، ربما يقابله ارتفاع في إنتاج النفط الصخري، بما يؤدي إلى نتائج عكسية لدول «أوبك».

فالنفط الصخري بإمكانه الاستحواذ على الحصة المنخفضة للدول المنتجة للنفط، إضافة إلى العمل على فشل استراتيجية رفع الأسعار عن طريق تخفيض الإنتاج.

وعلاوة على ذلك، يرى المراقبون أن تأجيل كل التفاصيل إلى نهاية هذا الشهر حتى موعد انعقاد اجتماع «اوبك»، يعكس عدم وجود تفاهم فعلي على الحصص بين أعضاء المنظمة، ناهيك عن تصريح وزير النفط العراقي، الذي شكك من خلاله بإحدى طرق احتساب «أوبك» لتقدير إنتاج أعضائها من النفط، وإشارته إلى أن هذه المسألة قد تمثل مشكلة للبلاد في مشاركتها في خفض الإنتاج.

من جهة أخرى، يتوقع المراقبون أن تنجح «أوبك» مع روسيا، في تطبيق هذا الاتفاق، لتعزيز الأسعار، إذ إن معظم هذه الدول تعاني عجزاً في موازناتها العامة بسبب انخفاض الأسعار، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات العامة لتلك الدول، مما سبب تحقيق هذا العجز.

ودفع ذلك بعض الدول مثل السعودية والكويت والإمارات إلى تخفيض إنفاقها الحكومي، وزيادة معدلات الضرائب. بالتالي هناك رغبة حقيقية لدول «أوبك» وروسيا المنهكة على مدار أكثر من عامين بسبب انخفاض الأسعار الكبير، في تعزيز الاتجاه نحو أسعار أكثر عدلاً.

حذر شديد

ولمعرفة سيناريو اجتماع «اوبك» المقبل في حال تم الاتفاق على تخفيض الإنتاج أو عدم الاتفاق، التقت «الجريدة» خبراء في هذا المجال، حيث قال الأكاديمي والخبير في شؤون النفط د. أنس الحجي إنه على الرغم من النشاط المحموم للسكرتير العام لـ»أوبك» وبعض وزرائها فإن الأسواق تترقب هذه الأنشطة بحذر شديد، خصوصاً بعد هبوط الأسعار إلى مستويات ما قبل اجتماع الجزائر.

ورأى د. الحجي أن المهم في الأمر، ليس قرار تخفيض الإنتاج بل مدى التزام الدول الأعضاء بهذا التخفيض، «وإذا كان لتاريخ أوبك أهمية في هذا المجال، فإنه يشير إلى أن أغلب التخفيض الفعلي أو كله ستقوم به السعودية، وإذا قامت دول أخرى بالتخفيض فإنه لتغطية بعض المشاكل الفنية أو للقيام بأعمال الصيانة.

وأضاف أن أي قرار بتخفيض الإنتاج سيرفع الأسعار، وأي تخفيض فعلي بأكثر من 500 ألف برميل يومياً سيدفع بالأسعار تجاه 60 دولاراً نهاية العام الحالي وبداية العام القادم. أما إذا فشلت أوبك في الوصول إلى اتفاق فإن الأسعار قد تهبط الى مستويات منخفضة، مما قد يجبر «أوبك» على عقد اجتماع طارئ مطلع 2017، خصوصاً إذا كان الشتاء معتدلاً والطلب الموسمي على النفط منخفضاً.

بدائل متوفرة

من جانبه، قال خبير النفط العماني د. جمعة الغيلاني، إنه في حال الاتفاق على تخفيض الأسعار فسترتفع الأسعار قليلاً، لكن ليس كما كانت سابقاً بسبب وجود بدائل أخرى متوفرة في السوق النفطية، مضيفاً أن التطور التكنولوجي المتسارع، ربما في القريب العاجل سيساهم في تقليل تكلفة إنتاج النفط بشكل كبير.

وأشار د. الغيلاني إلى أن هذه البدائل وجدت لتصبح واقعاً ولضرب منظمة «أوبك»، بالتالي هذا بدوره سيؤثر على النفط تدريجياً خصوصاً أن هناك دولاً تعتمد اعتماداً كبيراً على إنتاج النفط ومستعدة ببيع النفط بأي سعر.

واستبعد أن يتعدى سعر البرميل ٦٠ دولاراً على المدى البعيد، مشيراً إلى أنه في حالة عدم الاتفاق في اجتماع «أوبك» القادم فإن السوق سيتدهور وستنخفض الأسعار أكثر مما هو عليه السعر الحالي، و»وهذا وارد بسبب الحالة السياسية الراهنة».

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي في الشركة الكويتية لصناعة المواد الحفازة د. حسن قبازرد، إن "الاجتماع المقبل سيكون مهماً جداً، وهو ما نراه من خلال سكرتير عام منظمة "أوبك"، الذي يقوم بجولات للتنسيق حول الاجتماع المقبل".

وأشار إلى أن "جميع الاحتمالات متوقعة، خصوصاً بعدم الاتفاق على تجميد الإنتاج أو تخفيضة، حيث إن العديد من الدول من داخل "أوبك" لا ترغب في تخفيض إنتاجها النفطي، والدول المستعدة لذلك هي دول الخليج".

وتساءل: هل ستقبل دول الخليج ان تخفض انتاجها دون التزام الآخرين؟ منوها إلى أن كل هذه الأمور ستعتمد في نهاية الأمر على الاختلافات السياسية، خصوصا بين ايران والسعودية، مرجحا "الا يكون هناك اتفاق"، وفي هذه الحالة الأسعار ستبقى على ما هي عليه، وستنخفض بشكل قليل وتتأرجح بين 40- 45 دولاراً للبرميل.

وأوضح قبازرد أنه إذا تم الاتفاق على تجميد الإنتاج فلن يكون هناك أي تأثير على أسعار النفط، لوجود تخمة في المعروض، مضيفا "أما إذا تم الاتفاق على تخفيض إنتاج "أوبك" من 33.4 مليون برميل إلى 32.5 مليونا فسترتفع الأسعار بين 50- 55 دولاراً".

توقع الانخفاض يرفع الأسعار
ارتفعت أسعار النفط نحو واحد في المئة امس مع اقتراب أوبك من التوصل لاتفاق بشأن الإنتاج يكبح الفائض من المعروض النفطي الذي أبقى الأسعار منخفضة أكثر من عامين. وارتفعت أسعار التعاقدات الآجلة لخام برنت 49 سنتا أو1.05 في المئة إلى 47.35 دولارا للبرميل .

وارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.98 في المئة أو 44 سنتا إلى 46.14 دولارا للبرميل. وقال تجار إن الأسواق تلقت دعما من خطط أوبك لخفض الإنتاج.