مع إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما تشاؤمه من قدرة المعارضة السورية المعتدلة على الحفاظ على موقعها لوقت طويل، حققت قوات الرئيس السوري بشار الأسد أول اختراق في عمق حلب الشرقية منذ تصعيد عمليات القصف يوم الثلاثاء الماضي؛ بتمكنها من دخول مساكن هنانو للمرة الأولى منذ سيطرة فصائل المعارضة عليها صيف عام 2012، بعد معارك ضارية مكنتها أيضاً من انتزاع المنطقة الصناعية القديمة.وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، الذي وثق مقتل 115 مدنياً بينهم 18 طفلاً في القصف المستمر منذ أسبوع، بأن قوات النظام وحلفاؤها من الروس والإيرانيين و»حزب الله» سيطرت ليل الأحد- الاثنين على القسم الشرقي من مساكن هنانو، في تقدم استراتيجي «يشكل أهم اختراق في أحياء المعارضة حتى اليوم»، مؤكداً أن «لهذا الحي رمزية كبيرة أيضاً باعتباره أول حي تمكنت الفصائل من السيطرة عليه في مدينة حلب قبل توسيع سيطرتها إلى بقية المنطقة».
وأكد عضو المكتب السياسي في حركة «نور الدين زنكي» ياسر اليوسف أن سيطرة قوات النظام على «نقاط في أطراف الحي»، موضحاً أنها «حاولت فجراً التقدم براً في حي الشيخ نجار في شرق المدينة وحي الشيخ سعيد»، من دون أن تتمكن من إحراز تقدم.
مخاوف أوباما
وبعد تحذير أطلقه مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا، قبل مغادرته دمشق ورفض مقترحه بمنح حلب الشرقية وضع الحكم الذاتي، من أن «الوقت ينفد» لتفادي كارثة إنسانية ونزوح 200 ألف إلى تركيا، أعلن الرئيس الأميركي أنه «غير متفائل» حيال المستقبل القريب لسورية.وقال أوباما، خلال مؤتمر صحافي في ليما: «بعد أن اتخذت روسيا وإيران قراراً بدعم الأسد في حملته الجوية الوحشية من الصعب أن نرى طريقة لكي تحافظ المعارضة المعتدلة والمدربة على موقعها لوقت طويل».وخلال لقاء غير رسمي لم يستمر سوى بضع دقائق على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا-المحيط الهادىء (ابيك) في البيرو، حض أوباما نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على بذل مزيد من الجهود للحد من أعمال العنف ومعاناة السكان في سورية، وأبلغه بأن «وزير الخارجية جون كيري ووزير ونظيره الروسي سيرغي لافروف يجب أن يواصلا القيام بمبادرات مع المجتمع الدولي للحد من العنف والتخفيف من معاناة الشعب السوري».قصف المستشفيات
ومع بقائهاً هدفاً متكرراً لعمليات القصف المكثفة للنظام، أكدت الأمم المتحدة أنه لم يعد هناك أي مستشفى قيد العمل في حلب الشرقية، محذرة من أن «أكثر من 250 ألف رجل وامرأة وطفل يقيمون في المنطقة المحاصرة، أصبحوا الآن محرومين من إمكانية العناية الطبية».وقالت منظمة الصحة العالمية، في بيان استناداً إلى تقارير من شركائها في المنطقة، «ليس هناك حالياً أي مستشفى قيد الخدمة في القسم المحاصر من المدينة»، موضحة أن خدمات صحية «لا تزال متوافرة في عيادات صغيرة» لكن معالجة الإصابات وإجراء عمليات جراحية كبرى وتقديم رعاية طبية طارئة لم يعد مؤمناً.مجلس الأمن
وفي ظل تعذر إدخال المساعدات الإنسانية لأكثر من أربعة أشهر، عقد مجلس الأمن جلسة أمس في نيويورك لبحث الوضع الإنساني في حلب الشرقية، التي يقطنها أكثر من 250 ألف مدني في ظل ظروف مأساوية بسبب تعذر قدرة وكالات الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية على الوصول إليهم منذ سيطرة النظام في يوليو على آخر طريق إمداد ما أدى الى وقف وصول الأدوية والمواد الغذائية.حرب شاملة
وفي موسكو، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف أن تحليل 9 عينات مأخوذة من حي 1070 شقة جنوب غربي حلب أثبت استخدام المعارضة غاز الكلور والفسفور الأبيض، لافتا إلى أن «الخبراء الروس جمعوا أيضاً العينات البيولوجية من 4 مصابين لإجراء تحليلها المفصل في مختبر خاص داخل روسيا».وفي الدوحة، دان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أمس الأول، ضربات النظام وموسكو لحلب، محذراً من أن «الحرب الشاملة» في سورية قد تؤدي إلى «تقسيم» البلاد.ودعا المنسق العام للهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب، إثر لقائه آيرولت، إلى مزيد من الضغط الدولي على روسيا لوقف «مجازرها»، كما وصف الوضع في حلب بأنه أصبح «كارثياً بعد خروج جميع المشافي الطبية عن العمل».وفي بروكسل، أكد المفوض الأوروبي للمساعدة الانسانية خريستوس ستيليانيدس، أن قصف النظام حرم مئات آلاف المدنيين المحاصرين في حلب الشرقية من المواد الغذائية والخدمات الطبية.تهجير وحرق
وعلى جبهة أخرى، قال المرصد السوري، إن مئات من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم وافقوا على إخلاء بلدة خان الشيح الواقعة على بعد 25 كلم من دمشق ويحاصرها الجيش النظامي منذ أشهر عدة.وفي اللاذقية، التهمت حرائق ضخمة اندلعت ليل الأحد- الاثنين غابات ومساحات حراجية واسعة من بلدة القرادحة أسفرت عن تدمير مساحات واسعة من الأراضي الحراجية والزراعية، قبل أن تمتد إلى مساحات شاسعة جداً من المنطقة المحيطة بمسقط رأس الأسد، ابتداءً من السفح الفاصل بين قريتي الإريزة والميسة باتجاه الجنوب حاصداً مساحات واسعة من الأراضي الحراجية والزراعية بكل من «كفرز، المعلقة، القلمون، باقيلون، لميسة، ديروتان، الإريزة وغاباتها، خريبات القلعة، قلعة المهالبة».واتهمت صفحات موالية للنظام المسؤولين بعدم الرد على استغاثات المواطنين وإرسال مروحيات لإخماد الحرائق. كما وجه العشرات من أهالي المنطقة باتهام أصحاب أعمال «التفحيم» و«التحطيب» بافتعال الأمر.روسيا تجري تغييرات كبرى بحميميم وطرطوس
كشف رئيس لجنة شؤون الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي فيكتور أوزيروف، أمس، أن موسكو تعمل على تعزيز البنية التحتية لقاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية في غضون سنتين أو ثلاث، مؤكداً ان القوات الروسية وجدت لتبقى في سورية.وقال أوزيروف، إن الحديث يدور عن بناء مدرج ثانٍ للإقلاع والهبوط بحميميم وإصلاح المدرج القديم، الذي تضرر بشكل كبير بسبب كثافة استخدامه من قبل الطائرات الحربية الروسية، متوقعاً أن تشمل إجراءات تحديث القاعدة تجهيز المواقع بمعدات جديدة للاتصال اللاسلكي ووسائل الدفاع الجوي، وبناء مناطق سكنية وتكنولوجية جديدة ومرافق لضخ المياه وللصرف الصحي، بالإضافة إلى توسيع المنطقة المحظورة في محيطها.وإذ لم يستبعد تغيير موقع منظومة «إس-400» للدفاع الجوي، المنتشرة في المطار، وتحسين وسائل التمويه الخاصة بها، أفاد أوزيروف بأن قاعدة طرطوس البحرية ستتحول إلى قاعدة متكاملة تابعة للأسطول الروسي في غضون عام ونصف العام أو عامين، بعد التوقيع على الاتفاقية بشأنها والتصديق عليها.وأكد أن القاعدة، بعد إتمام عمليات التحديث فيها، ستقدم كل الخدمات الضرورية للصيانة المتكاملة التي تحتاج إليها السفن الحربية وسفن المساندة، بما في ذلك مختلف عمليات الإصلاح، موضحاً أنه بعد تحديثها ستتم زيادة مجموعة السفن الحربية الدائمة المرابطة في البحر المتوسط.