جوبيه العائد يطرح نفسه «الحكيم الجامع»
وريث «الشيراكية» يرفض تأليب الشعب على النخب
عاد رئيس الوزراء السابق آلان جوبيه إلى مقدمة المشهد السياسي بحلوله ثانيا في الدورة الأولى لانتخابات اليمين الفرنسي بعد عشر سنوات من غيابه عن السياسة. تولى جوبيه خمس حقائب وزارية ورئاسة الحكومة، وكان نائباً ونائباً أوروبياً ورئيس حزب، ورئيس بلدية بوردو إحدى أكبر المدن الفرنسية، ولم يعد يصبو سوى إلى سدة الرئاسة. وهو يمثل إرث المرحلة الشيراكية (عهد الرئيس جاك شيراك) وريثة الديغولية (عهد الرئيس الجنرال ديغول). لكن للفوز بالرئاسة ممثلا لليمين في 2017 عليه أن يتغلب على فرانسوا فيون، الذي حل في المرتبة الأولى في الانتخابات التمهيدية بفارق مريح يجعل مهمته صعبة. يبلغ جوبيه من العمر 71 عاماً، وهو رجل حاد الذكاء قال عنه الرئيس السابق جاك شيراك إنه "الأفضل بيننا". ونجح في رسم صورة رجل صلب بارد وحاسم "لا تهزه الريح" كما يقول عن نفسه، ويمثل "الحكيم الجامع".
حرص الرجل، الذي يقوم بالترويج لفكرة "الهوية السعيدة" خلال حملته قبل الانتخابات التمهيدية، على التزام خطاب متوازن، رافضاً "تأليب الشعب على النخب" ما ضمن له تأييد اليمين المعتدل من الوسط وجزء من اليسار. بعد أن ظل متصدراً استطلاعات الرأي لفترة طويلة، انقلب عليه الأمر بسبب حملته الهادئة التي وصفها معارضوه بأنها باهتة. ويبدو أن الناخب اليميني الفرنسي لم يتستسغ الخطاب الوحدوي المنفتح لجوبيه، وقرر الميل الى مرشح أكثر جذرية يمينيا، وذلك لسببين رئيسيين، الأول، انه في ظل حكم اليسار عادة ما يتشدد الناخب اليميني في "فرنسا العميقة"، والتي كانت على الدوام في ظل الجمهورية الخامسة تشكك في شرعية أي وصول يساري الى السلطة، والثاني أن النتائج المخيبة لعهد فرنسوا هولاند اعطت شرعية لخطاب يميني راديكالي. لكنها ليست النكسة الأولى التي يمنى بها هذا الرجل الذي اعلنت وفاته السياسية قبل نحو عشر سنوات.فحياته المهنية التي كانت في أوجها في الثمانينيات اصطدمت بغضب الشارع، عندما كان رئيسا للوزراء في 1995 حين نزل الملايين الى الشارع، احتجاجا على اصلاحاته الاجتماعية في أكبر تظاهرات تشهدها فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية. وبدا أن مصيره تقرر في 2004 عندما منع من الترشح لأي منصب في قضية التوظيفات الوهمية في بلدية باريس. بعدها اختار المنفى الطوعي في كندا لممارسة التدريس.بعد انتهاء المنع في 2005، استعاد في 2006 رئاسة بلدية بوردو التي باتت واجهة لتحركه واستخدمها قاعدة خلفية للعودة الى السلطة.