بين هذين الخيارين، يتوافر خيار ثالث يلائم مَن يكرهون قلق الانتظار ويأبون خوض مشقات الجراحة الجسدية: العلاج بالأشعة.

قد يخشى بعض الرجال الأشعة لأنهم يعتبرونها علاجاً قوياً. ولكن لهذا العلاج الكثير من الأوجه الإيجابية. يقول الدكتور بول نغوين، طبيب أورام في مستشفى Brigham and Women's التابع لجامعة هارفارد: «يُعتبر العلاج بالأشعة أقل غزواً من الجراحة، فضلاً عن أنه يسمح للرجل بالاحتفاظ بغدة البروستات. ويلائم هذا العلاج كل رجل يفكّر في الخضوع للجراحة نتيجة لإصابته بسرطان البروستات».

Ad

التأثيرات الجانبية الشائعة

• اضطرابات في الأمعاء: تؤدي الأشعة إلى تهيج المستقيم وتسبب ألماً وحريقاً في الشرج، فضلاً عن الإسهال (الذي يترافق أحياناً مع نزف).

• اضطرابات في الجهاز البولي: تؤدي الأشعة إلى تهيج المثانة، ما يجعل المريض يتبوّل بكثرة، فضلاً عن شعوره بحريق أثناء التبول. كذلك قد يلاحظ المريض دماً في البول. أما المعالجة الإشعاعية الداخلية، فلها تأثيرات جانبية حادة في الجهاز البولي تدوم فترة طويلة.

• اضطرابات في الانتصاب: تظهر هذه غالباً خلال سنة أو أكثر. وكلما ازداد المريض سناً، ارتفع احتمال إصابته باضطرابات مماثلة.

• التعب: قد لا يزول الشعور بالتعب إلا بعد أسابيع أو حتى أشهر من انتهاء العلاج.

متى يُستخدم؟

يمكن استخدام الأشعة لمعالجة مراحل سرطان البروستات السريري الأربع: من المرحلة الأولى المتدنية الخطورة والمرحلة الثانية المتوسطة الخطورة إلى المرحلتين الثالثة والرابعة المرتفعتي الخطورة. ولا يختلف هذا العلاج عن علاجات الأشعة الأخرى المستخدَمة لمحاربة السرطان بشتى أشكاله: يعتمد على حزم أشعة عالية الطاقة في محاولة لقتل الخلايا السرطانية أو منع انتشارها.

عند معالجة سرطان البروستات، يلجأ الأطباء إلى نوعَين من العلاج بالأشعة: العلاج الإشعاعي الخارجي (EBRT) والعلاج الإشعاعي الداخلي (brachytherapy).

مع النوع الأول، تُركَّز حزم الأشعة على غدة البروستات بطريقة شبيهة لما تختبره خلال الخضوع لصورةٍ عادية بالأشعة السينية. ومن الممكن استخدام هذه الطريقة لشفاء سرطان البروستات في مرحلته الأولى أو للتخفيف من الأعراض إن كان قد انتشر إلى منطقة محددة من الجسم. ومع هذا النوع من الأشعة، يحظى المريض بجولة علاج واحدة. فيخضع للعلاج بالأشعة خلال خمسة أيام في الأسبوع طوال أسابيع عدة في مركز طبي خارجي.

بالإضافة إلى ذلك، تشمل أنواع العلاج الإشعاعي الخارجي العلاج بشعاع البروتون. وكما يشير اسمه، يعتمد هذا العلاج الأقل انتشاراً على شعاع من البروتون بدل الأشعة السينية. ولكن بخلاف الأشعة السينية، التي تطلق الطاقة قبل إصابتها الهدف وبعدها، لا تحرر البروتونات طاقتها إلا بعد عبورها مسافة محددة.

يوضح الدكتور نغوين: «صحيح أن البعض يعتقد أن البروتونات تلحق ضرراً محدوداً بالأنسجة الطبيعية المحيطة وتؤدي إلى تأثيرات جانبية أقل، مقارنة بالعلاجات الإشعاعية الخارجية الأخرى، إلا أن هذه المسألة لا تزال مثار جدل وتخصع لعدد من الأبحاث الحالية».

يعتمد النوع الآخر من العلاج بالأشعة، العلاج الإشعاعي الداخلي، على كرات أو «بذور» صغيرة توازي بحجمها حبة أرز. فيقحم الطبيب نحو 60 إلى مئة منها عبر الجلد وصولاً إلى البروستات، حيث تُطلق هذه الذور الأشعة طوال أسابيع أو أشهر عدة.

وبما أن هذه البذور صغيرة وتتوقف في النهاية عن إصدار الأشعة، تُترك في الجسم. لكن الدكتور نغوين يؤكد: «خلال العلاج الإشعاعي الداخلي العالي الجرعة، تُترك هذه البزور في البروستات لبضع ثوانٍ فقط خلال كل من جلسات العلاج الأربع».

يُستخدم العلاج الإشعاعي الداخلي وحده لمداواة مَن يعانون سرطان بروستات لا يزال في مراحله الأولى ويتقدّم ببطء نسبياً. كذلك يُضاف أحياناً إلى العلاج الإشعاعي الخارجي في الحالات التي يُعتبر فيها خطر نمو السرطان وخروجه من البروستات كبيراً.

مع العلاج بالهرمونات

تعزز إضافة العلاج الهرموني إلى الأشعة فرص الشفاء بين الرجال الذين يعانون سرطان بروستات متوسطاً إلى عالي الخطورة. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في عدد مايو 2016 من مجلة European Urology أن هذه التركيبة خفضت خطر الموت جراء الإصابة بسرطان البروستات إلى النصف في الحالات التي مرت 15 سنة على تشخيصها. فتراجعت نسبة الوفيات من 34% إلى 17%، مقارنة بمن تلقوا علاجاً بالأشعة فحسب.

ولكن كيف تعمل هذه المقاربة المزدوجة؟ تتبع على الأرجح آليتين منفصلتين، وفق الدكتور نغوين: «أولاً، تصعّب الهرمونات على خلايا سرطان البروستات التعافي بعد تعرض حمضها النووي للضرر الناجم عن الأشعة. وثانياً، تؤثر الهرمونات مباشرة في المرض الذي انتشر خارج البروستات».

ولكن على غرار أي نوع آخر من علاجات السرطان، للعلاج بالأشعة أوجهه السلبية، مثل الإزعاج الذي يسببه العلاج اليومي والاحتمال الضئيل أن تؤدي الأشعة إلى نوع مختلف من السرطان، مثل سرطان المستقيم، حسبما يشير الدكتور نغوين. أضف إلى ذلك عدداً من التأثيرات الجانبية فضلاً عن احتمال أن يعاود سرطان البروستات الظهور بعد العلاج.

لكن المفرح أننا صرنا نملك اليوم خيارات علاجية أكثر تنوعاً لمواجهة سرطان البروستات، ما يعني أن فرص عثورك على ما يلائم حالتك أصبحت أكبر.

اختيار منشأة متخصصة في العلاج بالأشعة

تؤدي المنشأة التي تتلقى فيها العلاج بالأشعة دوراً في نجاح هذا العلاج. ففي دراسة نُشرت في عدد 15 مارس 2016 من مجلة International Journal of Radiation Oncology Biology Physics، اكتشف الباحثون أن مَن تلقوا العلاج بالأشعة في منشآت تعالج عدداً أكبر من مرضى سرطان البروستات حظوا بمعدل نجاة عام أعلى بقليل.

على سبيل المثال، تبين أن مَن عولجوا في منشأة تُصنَّف بين العشرين في المئة الأولى من حيث عدد المرضى المعالجين حظوا بمعدل نجاة بلغ 76% خلال فترة سبع سنوات، مقارنة بـ74% في حالة مَن تلقوا العلاج في المنشآت التي تستقبل العدد الأقل من مرضى سرطان البروستات.

حلل الباحثون بيانات 19565 مريضاً يعانون سرطان بروستات عالي الخطورة وعولجوا بالأشعة في 1099 منشأة. وركّزت الدراسة على هذه الفئة من المرضى لأن احتمال وفاتهم جراء السرطان يُعتبر أكبر، مقارنة بمن يعانون سرطان بروستات متوسطاً إلى منخفض الخطورة.

لكن هذه الدراسة اعتمدت على المراقبة. لذلك لا تستطيع تحديد العلاقة السببية، مع أن السبب قد يكون بكل بساطة خبرة العاملين في هذه المنشآت. فيكتسب الأطباء المتخصصون في علم الأورام الإشعاعي في المنشآت التي تستقبل عدداً أكبر من المرضى خبرة أوسع، فضلاً عن أن هذه المنشآت تضم فرقاً طبية أشمل وأكثر تمرساً تشمل أطباء متخصصين في الأمراض، الأشعة، والجهاز البولي، وفق الباحثين.

صحيح أن الرجل لا يحظى دوماً بفرصة اختيار منشأة العلاج، إلا أن هذه الاكتشافات تساعده في طرح الأسئلة الضرورية والتخطيط للعلاج بشكل أفضل.