شملت دراسة حديثة 165 فصيلة جرثومية في الأجبان واكتشفت أن 130 منها (80%) يتقاسم الجينات مع فصائل أخرى. في المحصّلة، بدّل نحو 5 آلاف جينة. انطلقت هذه العملية على الأرجح حين بدأ الناس يصنّعون الأجبان ولا تزال مستمرة حتى اليوم.يقول كيفين بونهام وزملاؤه من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، إن هذا المستوى من التقاسم يبقى أقل من الواقع. تحتوي الجبنة على أجناس متعددة من الجراثيم والفطريات، لذا قد يحصل تبديل الجينات بين الفطريات والجراثيم وبين الفطريات نفسها.
اتّضح الآن أن تبديل الجينات أكثر شيوعاً مما كنا نظن، وتحديداً بين الجراثيم. يقول الخبير في علم الأحياء الدقيقة، توم بيريسفورد، من مركز بحوث الغذاء «تيغاسك» في «فيرموي»، إيرلندا: «إذا فكرنا بالموضوع ملياً، لن تكون النتيجة مفاجئة. لكني لم أفكر يوماً باحتمال حصول هذه العملية في بيئة الأجبان».ترتكز النتيجة على مقارنات للجينوم. جزّأ أعضاء الفريق 30 جرثومة اكتشفوها في قشور الأجبان المعتّقة تقليدياً في الولايات المتحدة وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، مع أنهم لم يتمكّنوا من تحديد النماذج التي أخذوا العينات منها. استعملوا أيضاً أجزاءً أخذها فريق آخر من 135 فصيلة جرثومية موجودة في الأجبان الفرنسية.
استعمار عشوائي للميكروبات
كانت صناعة الأجبان تتكل في الأصل على الاستعمار العشوائي للميكروبات في البيئة المحيطة. حين تنضج الأجبان بكميات كبيرة في أماكن مثل الكهوف، تستطيع الميكروبات الهرب دفعة واحدة إلى محيطها ثم تستعمر دفعات جديدة. يقول بيريسفورد: «يمكن إيجادها في غرفة النضج وفي الجدران والهواء». شجّع الإنتاج المكثّف الميكروبات على النمو في الجبنة عبر استهداف جينات جديدة مثلاً. يتحدث بول كيندستيدت من جامعة «فيرمونت» في «برلينغتون» عن حصول تطور في هذا المجال منذ آلاف السنين.الحديد
تبقى وظائف معظم الجينات المتبدلة التي يبلغ عددها 5 آلاف مجهولة، لكن يساهم عدد منها في البحث عن الحديد. إنه استنتاج منطقي: تحاول الحيوانات الحد من نمو الجراثيم عبر حرمانها من المعادن. يحتوي الحليب على مضاد الجراثيم «لاكتوفيرين» الذي يتخلص من الحديد الحر. لما كان نقص الحديد يحدّ أيضاً من نمو بعض الجراثيم التي تسبّب الأمراض، فتبدو هذه النتيجة مقلقة بعض الشيء. هل يمكن أن تزداد خطورة بعض الميكروبات إذا سرقت الجينات التي تبحث عن الحديد من جراثيم الجبنة؟ لا نعرف الإجابة بعد.تتوقف نكهات بعض الأجبان المميزة، مثل الغرويير المحفوظة في الكهوف، على ميكروبات متخصصة، لكن يمكن تصنيع الجبنة عبر استعمال ميكروبات من أي مكان، حتى من تحت الإبط! لكن قد يُفسِد بعض الميكروبات الأجبان. اكتشف فريق بيريسفورد حديثاً أن التلوّن الوردي الذي يصيب بعض الأجبان يرتبط بالمستحرات ثرموفيلوس التي تنشأ في الينابيع الحارة. حتى أنها قد تحبّذ عملية البسترة.