مع إعلانه تشكيل قوة عسكرية جديدة من المتطوعين، عمل أمس نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين وميليشيات «حزب الله» اللبناني على تضييق الخناق أكثر على شرق حلب عبر شن هجمات على محاور عدة لتقليص مساحة سيطرة فصائل المعارضة، في وقت دفع التقدم الذي أحرزته في حي مساكن هنانو عدداً من المدنيين إلى النزوح.وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن إن «قوات النظام وبدعم من حلفائها باتت تسيطر على ثلث حي هنانو وتقدمت أيضاً داخل حي الشيخ سعيد في جنوب المدينة»، مشيراً إلى مقتل ثمانية مقاتلين معارضين على الأقل بينهم قيادي.
وذكرت صحيفة «الوطن» القريبة من دمشق، أمس، أن الجيش تمكن «من التقدم مجدداً نحو حي مساكن هنانو ذي الأهمية الاستثنائية لدى المسلحين» في إطار «عملية عسكرية ترمي إلى تضييق الخناق على الجهة الشرقية للمدينة».وبحسب عبد الرحمن، فإن استعادة قوات النظام لمساكن هنانو بالكامل تتيح لها «السيطرة النارية» على عدد من الأحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل.ودفعت المعارك من تبقى من سكان الحي الذين نزحت اعداد كبيرة منهم مع بداية النزاع في حلب، إلى الفرار باتجاه الأحياء الجنوبية خوفاً من اشتداد حدة المعارك، بحسب عضو المجلس المحلي لمساكن هنانو ميلاد شهابي.
جيش المتطوعين
وفي بيان شمل إعلاناً عن تشكيل قوة عسكرية جديدة من المتطوعين، دعت القيادة العامة لجيش الأسد، أمس، المعارضة إلى استخدام الأغذية الموجودة في المستودعات التموينية بحلب الشرقية وتوزيع المواد الغذائية لمستحقيها. وهز انفجار ضخم مدينة حلب ليل الاثنين- الثلاثاء وسمع دويه على بعد عدة كيلومترات، وقال مصدر أمني سوري إن «القوات الحكومية قصفت بصواريخ أرض- أرض مستودعا للذخيرة للمسلحين في حي قاضي عسكر بحلب الشرقية». وأفادت مصادر معارضة عن مقتل 12 شخصاً وإصابة أكثر من 40 آخرين جراء قصف طيران النظام لحي قاضي عسكر بسبعة براميل متفجرة.ملف الاقتصاد
سياسياً، اتفق الأسد مع نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين، أمس، على تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتبادل التجاري والاستثمار والنفط والغاز والنقل.وأكد الأسد، خلال استقباله وفداً روسياً برئاسة روغوزين، «أهمية الدعم الروسي خاصة في الجانب الاقتصادي لأنه ساهم في التخفيف من معاناة الحرب والعقوبات الاقتصادية المفروضة منذ سنوات»، معتبراً أن سياسات ومواقف روسيا سواء على المستوى الدولي أو ما يتعلق بالحرب الدائرة في بلاده أكدت موقعها الطبيعي كقوة عظمى.وبعد اللقاء قال روغوزين: «ندرس كل الإمكانيات لدعم سورية»، مشدداً على أن «نجاح العملية العسكرية لا يتم دون دعم الحياة الاقتصادية للمواطنين وان الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي المقدم من روسيا هدفه الاستمرار في العمل حتى تحقيق الانتصار».وأبلغ وزير الخارجية وليد المعلم الوفد الاقتصادي والدفاعي الروسي بحاجة دمشق إلى دعم في شكل قمح ووقود لتخفيف النقص الناجم عن الصراع، واعداً بأنها ستعطي أولوية للشركات الروسية في مشاريع إعادة الإعمار.محادثات سورية
ورغم مغادرته دمشق خالي الوفاض، تلقى مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا هجوماً لاذعاً من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي اعتبره وقف عائقاً على مدى أكثر من نصف عام أمام عقد محادثات سورية- سورية تدعمها موسكو وتسعى لإقناع حليفتها دمشق بإجرائها مع المعارضة.وأكد لافروف، في مؤتمر صحافي في مينسك عاصمة بيلاروسيا، قناعة بلاده التامة باستخدام مسلحين في حلب مواد سامة، مشيراً إلى أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية رفضت إرسال خبرائها إلى حلب بناء على طلب موسكو تحت ضغوط قوية من قبل الغرب، متعذرة بعدم توفر الظروف الأمنية المطلوبة، برغم الضمانات الروسية والسورية.ضباط الأسد
إلى ذلك، اتهمت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنتا باور، أمام مجلس الأمن، أمس الأول، 12 ضابطاً سورياً رفيعاً بالاسم بأنهم أمروا بشن هجمات على أهداف مدنية أو بتعذيب معارضين.وفي حين غاب اسم رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك عن «قائمة العار»، شددت باور على أن «الولايات المتحدة لن تدع من تولوا قيادة وحدات ضالعة في هذه الأعمال يختبئون خلف واجهة نظام الأسد ويجب أن يعلموا أن انتهاكاتهم موثقة وأنهم سيحاسبون يوماً»، مضيفة أن أن هؤلاء الضباط يقودون وحدات عسكرية قصفت أو شنت هجمات برية على أهداف مدنية، ويقودون معتقلات فيها يتم تعذيب معارضين على نحو منهجي.وحاول سفير الأسد لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري مرة أخرى تبرير الهجوم على حلب بالحاجة إلى محاربة نواة «دولة إرهابية»، الأمر الذي قابله سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بمغادلرة القاعة، تعبيرا عن احتجاجهم عندما بدأ بالكلام.صراع ثلاثي
وعلى وقع اتصال هاتفي بحث فيه وزيرا الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو والأميركي جون كيري آخر التطورات المتعلقة بمعركة حلب وآخر المستجدات في عموم سورية، سيطرت فصائل «درع الفرات»، المدعومة من أنقرة على بلدة الشيخ ناصر بريف حلب الشرقي بعد اشتباكات عنيفة مع «قوات سورية الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية، والمدعومة من واشنطن.ووسط مساعي الطرفين إلى استعادة الباب من تنظيم «داعش»، اقتربت قوات النظام أيضاً من المدينة الاستراتيجية، وأصبحت على بعد نحو 12 كيلومترا إلى الجنوب منها، في تقدم جاء بعد إعلان دمشق أنها لن تسمح لحلفاء تركيا بالسيطرة عليها.اقتحام الغوطة
وفي ريف دمشق، تلقى النظام ضربة موجعة ليل الاثنين- الثلاثاء بخسارته أكثر من 40 عنصراً وثلاث دبابات في محاولة فاشلة لاقتحام الغوطة الشرقية من عدة محاور تحت غطاء جوي مكثف، بحسب «جيش الإسلام»، الذي أوضح على موقعه الرسمي، بأن قوات النظام وميليشياته شنت في اليوم ١٥٩ من حملتها العسكرية على الغوطة الشرقية هجوماً عنيفاً ومتزامناً على جبهات ميدعاني والبحارية والريحان وأوتوستراد دمشق- حمص الدولي- الغوطة.