أتواجد حالياً في القارة السمراء، وبالتحديد الآن في بنين، لتغطية مشاريع الكويت الإنسانية هنا، ولي جولة ستمتد إلى تنزانيا وجيبوتي، وأنا ممتنة لأنني هنا اليوم، لأرى كيف استطاعت الأيادي البيضاء الوصول إلى تلك القارة السمراء، بشر مثلي ومثلك استطاعوا، بفضل تبرعاتهم عبر جمعية العون المباشر، الوصول إلى أفقر القرى وأصعبها في الوصول إليها، ما يحدث هو مفخرة دون أدنى شك، والأمر الأجمل هو عتب البعض عليّ لأنني لم أدْعُه إلى هذه الرحلة المرهقة فعلياً، مما يؤكد أننا، كشعب كويتي، محبون للتذمر، وهناك فكرة سائدة عنه أنه مترف إلا أنه حريص كل الحرص على التبرع والتطوع ومد أيادي الخير إلى أكثر البؤر فقراً واحتياجاً.ولا تتصوروا مدى فرحتي وأنا أرى علَم الكويت يرفرف في قرى فقيرة، معدمة، تعيش تحت خط الفقر والحياة، ساهم متبرعون كويتيون في توفير الكهرباء والمشاريع التنموية إليها، مما يؤكد مدى تفهم الشعب المترف، حسب ما عُرِف عنه عالمياً، لأهم حاجات الفقير، وأنا هنا أعيش مفارقة كبرى، حين أعود إلى فندقي وأكتب تقاريري الصحافية، أتصفح قليلاً صفحة الإنستغرام وأجد كماً فاحشاً من الاستهلاك والتبجح بساعة يرتديها هذا الشخص، وهذا المشهور الذي يصر على أنه وسيم، ووسيلة إعلان لعطر جديد، أنا الآن أعيش تناقضات كبرى، قمة الإنسانية والخير مع قمة الاستهلاك والترف، وأجد حيرة عظمى في تصنيف الحياة إن كانت عادلة بين الأسود والأبيض؟ هل طبيعي ما يحدث من قمة الحاجة إلى قمة التباهي بما تملكه من ساعة مجانية وإعلان مدفوع وشهرة مربحة، إلى قرية كان أهلها يرقصون فرحاً حين أحضرنا إليهم بعض التبرعات العينية والتمور فطاروا فرحاً؟ من هو السعيد فعلياً بين الاثنين، ليست سوى ليلة مليئة بالتساؤلات لا أكثر.
قفلة: كنت أعلم أن الدكتور الراحل عبدالرحمن السميط أيقونة للعمل الإنساني، ولكن حين شاهدت مشاريع العون المباشر في أفقر القرى بإفريقيا أيقنت أنه رجل بأمة ولن يتكرر.
مقالات
منظور آخر: هل الحياة بيضاء أو سوداء؟
24-11-2016