بلا أسلحة، فقط أقلام وأوراق صفراء، دخل الصحافيون المصريون العديد من المعارك ضد السلطة على مدار عقود، منذ تأسيس نقابتهم عام 1941، دفاعا عن شرف مهنة تبحث عن المتاعب وتكشف الحقائق وتعري الفساد، لذلك لم يكن غريبا أن تدخل النقابة، الأهم عربيا، في معركة جديدة مع نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يشهد عصره تضييقا على حرية الرأي.

وبدلا من احتفال الصحافيين باليوبيل الماسي لتأسيس نقابتهم، احتشدوا على سلالمها أمس، بعدما جاءت الأيام بغير ما يشتهون، إذ صدر حكم قضائي على نقيب الصحافيين يحيى قلاش وعضوين من مجلس النقابة بالحبس عامين، وكفالة 10 آلاف جنيه لوقف التنفيذ، لتسترهم على هاربين، على خلفية قيادة النقابة حراكا شعبيا في أبريل الماضي، اعتراضا على تنازل القاهرة عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ما دفع قوات الشرطة إلى اقتحام مبنى النقابة بزعم البحث عن محرضين على التظاهرات.

Ad

ويدخل الحكم القضائي، الذي يعد سابقة في تاريخ مهنة الصحافة، التي تخطت القرنين، ضمن قائمة معارك طويلة خاضتها النقابة منذ تأسيسها، ضد السلطة المتعاقبة على حكم مصر، إذ قاد النقيب الأسبق الصحافي الراحل أحمد بهاء الدين مواجهة مع نظام الزعيم جمال عبدالناصر، بإصدار بيان في فبراير 1968، للمطالبة بالاستجابة لمطالب المتظاهرين وطلاب الجامعات، بمحاسبة المسؤولين عن نكسة يونيو 1967، لكن رغم مطالب بعض أركان النظام بمعاقبة النقيب فإن عبدالناصر رفض اعتقاله.

وفي خضم معركة القوى الوطنية ضد معاهدة السلام، التي أبرمها الرئيس الأسبق أنور السادات مع إسرائيل عام 1979، ورفض الصحافيين مسار التطبيع، خاض النقيب الأسبق كامل زهيري معركة ضد فصل عدد من الصحافيين المعارضين، فقرر السادات أن يحول النقابة إلى ناد، في محاولة للقضاء على دورها السياسي، لكنها انتصرت باعتماد الجمعية العمومية في مارس 1980 قرارا بحظر التطبيع مع الكيان الصهيوني، لتكون أول نقابة مهنية تتخذ هذا القرار.

ورغم أن النقيب الأسبق إبراهيم نافع كان رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام الحكومية، فإنه لم يستطع إلا أن يستجيب لرغبة جموع الصحافيين، ويتصدر مشهد معركة النقابة ضد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، لرفض القانون 93 لسنة 1995، الذي أقره مجلس الشعب وقتذاك، وصدق عليه رئيس الجمهورية في نفس الليلة.

ودخلت النقابة في حالة انعقاد دائم، ودعت الى جمعية عمومية طارئة، ضد القانون الذي كان يفرض قيودا على حرية الصحافة، ويتوسع في حبس الصحافيين، ما أجبر مبارك على التراجع عن القانون استجابة لحملة الأقلام.