6/6 : يا وطن لك من يحبك
غداً سيكون يوم الحسم لقرار الشعب الكويتي بانتخاب ممثليه في مجلس الأمة بتشكيله الجديد، بعد معارك انتخابية غلبت عليها حملات صاخبة اصطبغت بالهجوم على المجلس السابق ورئاسته، فاقت حملات إقناع بعض المرشحين لناخبيهم برؤاهم وفكرهم وتوجهاتهم التي سيطرحونها خلال فترة النيابة.سنذهب جميعاً غداً إلى صناديق الاقتراع، وكل منا يحمل قناعته بالمرشح الذي سيزكيه للنيابة عنه تحت قبة عبدالله السالم لحمل أمانة المشاركة الشعبية في الحكم، عبر مقاعد النيابة بكل ما تحمله تلك الأمانة من ثقل وعبء كبير، خاصة ونحن لا نزال نعيش مرحلة مثقلة بالهموم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، المتولدة عن حالة الاحتقان المتواصل بين أطراف العملية السياسية، فضلاً عن الركود التنموي والتراجع الاقتصادي وتفشي مدركات الفساد.اللافت للانتباه والمستغرب هو استباق عدد من المرشحين لنتائج انتخابهم ممثلين عن الشعب، بعرائض تدعو إلى التزام النواب القادمين بالمساطر الدينية للسلوك المجتمعي، وكأنه مجتمع فاسد أخلاقياً ومتهتك سلوكياً! وعرائض لإقصاء الرئيس السابق عن موقع الرئاسة القادمة في تزكية ضمنية من خصومه لنجاحه المحتوم في مقعد النيابة، إضافة إلى إسباغ مسؤولية جميع أوزار المرحلة السابقة عليه! وهم بمثل هذه الحملة يبرئون ضمنياً أيضاً تسعة وأربعين نائباً سابقاً من مسؤولية أي تقصير تشريعي أو رقابي للمجلس السابق وتصوير رئيسه (ظلماً) بأنه "حمالة حطب" المرحلة برمتها "مع الاحترام له"، هذا فضلاً عن إعفاء الحكومة وسائر الأطراف المجتمعية الأخرى من أي مسؤولية!
الحملات التي شُنّت على رئيس المجلس السابق وما شابها من "فجور" بالخصومات المشتعلة ضده ستعزز حظوظه في ظني (اقتناعاً أو تعاطفاً)، ليس بنيل موقع متقدم في دائرته ودفعه لتمثيلها في البرلمان فحسب، بل وستمكنه من نيل مقعد الرئاسة مجدداً، خاصة بعد حسن بلائه بالدفاع عن نفسه عبر ندوته الانتخابية الأخيرة.اللافت والمحزن أيضاً هو محاولة بعض أعضاء المجلس السابق ممن ترشحوا للانتخابات الحالية، لتحوير مفهوم "مجلس المناديب" من بُعده "السلبي" الذي عناه مسؤول أمني كبير حين أطلقه، إلى مفهومٍ "إيجابي" بنظر هذا البعض من المرشحين على اعتبار أن النائب ليس ممثلاً للشعب لأداء وظيفته التشريعية والرقابية، بل هو مندوب لتخليص معاملات المواطن ووكيل عنه لكسر القوانين واقتطاع حقوق المستحقين لمصلحة ناخبيه ومفاتيحه الانتخابية، بل وزاد بعض المرشحين أنهم خدام وليسوا مناديب فقط للناخبين، وفي ذلك ما فيه من مأساة امتهان وازدراء الوظيفة النيابية وسموها ومكانتها في ساحة العمل المؤسسي ضمن دولة الدستور الذي اعتبر الشعب مصدر السلطات جميعاً خلال حياة ديمقراطية جاوزت النصف قرن!غداً ليس أمامنا من خيار سوى انتخاب المرشح النزيه والمتجرد والمؤهل لأداء مسؤولية النيابة بالأمانة والصدق، وإقصاء جميع من انتفع بوسائل غير مشروعة، ومن سعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة لا مصالح الشعب والوطن، ودارت من حوله شبهات الفساد، وكيفما نكون فسيولّى علينا، وكل منا مسؤول عن الأخذ بيد الوطن إلى مواقع العزة والنماء، وإلا فلا نلومن إلا أنفسنا... "ويا وطن لك من يحبك"، كما قال أخي الأستاذ عبدالرحمن النجار.