لأن حركة فتح ستعقد مؤتمرها، الذي يرى البعض أنه سيكون مصيرياً، بعد ثلاثة أيام في رام الله في الضفة الغربية... في فلسطين، فأغلب الظن أن الأجيال الشابة من الكويتيين لا يعرفون أن شاطئ "الصليبيخات" شهد في نهايات عام 1964 الاجتماع الذي عقده قادة هذه الحركة المؤسسون، وناقشوا فيه مطولاً وتحت ضوء القمر موعد البدء بالثورة المسلحة، وحيث رأى بعضهم ضرورة التأجيل لأن "الظروف غير ملائمة"، في حين أن الأغلبية أصرت على ضرورة إطلاق الرصاصة أو الرصاصات الأولى في الفاتح من عام 1965 وهذا هو ما حصل.

كانت حركة فتح كحركة سياسية تشكلت سراً في قطاع غزة قبل ستة أعوام من تاريخ 1964، وكانت خلال هذه الأعوام القليلة تغلغلت تنظيمياً في الضفة الغربية التي كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية وفي لبنان، وبالطبع في سورية والأردن، وفي مناطق تواجد الفلسطينيين بالعديد من دول الخليج العربي، وفي مقدمتها الكويت، التي إذا أردنا قول الحقيقة فإنها كانت الحاضنة الأولى للثورة الفلسطينية المعاصرة، وكانت الداعم الأول للطلائعيين في هذه الثورة بالمال والسياسة والتسهيلات "اللوجستية" وكل شيء.

Ad

كان اجتماع "الصليبيخات" الآنف الذكر قد تم فيه تحديد موعد "الانطلاقة" العسكرية، كما كان قد قرر تسمية الجناح العسكري لهذه الحركة باسم "العاصفة"، التي كان اسمها ولايزال: حركة التحرير الوطني الفلسطيني، لأن المؤسسين الطلائعيين كانوا مع إبعاد أي فشل عن "فتح" وتحميله للاسم الآخر الذي انطلقت تحت عنوانه أول عملية فدائية في الفاتح من عام 1965، وهي عملية عبّارة عيلبون بالقرب من مدينة الناصرة ومن شواطئ بحيرة طبريا في فلسطين المحتلة منذ عام 1948، تلك العملية التي كان قادها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) على اعتبار أنه تم الاجتماع عليه ليكون القائد العسكري لهذه الثورة.

كان معظم الذين حضروا اجتماع "الصليبيخات" من المقيمين في الكويت والعاملين فيها، ومن بينهم إضافة إلى ياسر عرفات (أبوعمار) صلاح خلف (أبوإياد) وخالد الحسن (أبوالسعيد) وفاروق القدومي (أبواللطف)، إضافة إلى خليل الوزير (أبوجهاد) الذي يعتبر أحد المؤسسين الأوائل الثلاثة الذين هم، بالإضافة إليه، ياسر عرفات (عبدالرؤوف القدوة) وصلاح خلف، وقد حضر هذا الاجتماع أيضاً من المقيمين في بعض دول الخليج العربي الأخرى الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس (أبومازن) وممدوح عدوان... وغيرهم.

وهكذا وعندما تعقد "فتح" مؤتمرها السابع في رام الله بعد ثلاثة أيام، وهو المؤتمر الثاني الذي تعقده في فلسطين، حيث كانت عقدت مؤتمرها السادس عام 2009 في بيت لحم، فإنها في حقيقة الأمر تؤسس لمرحلة جديدة تحيط بها التحديات من كل جانب، إذ إن عملية السلام وفقاً لاتفاقيات أوسلو المعروفة لا تزال متعثرة بل ويمكن القول إنها وصلت إلى طريق مسدود، وإذ إن الأوضاع القيادية غير مريحة، وبخاصة أنه لم يبق من القياديين الطلائعيين الأوائل إلا محمود عباس (أبو مازن) ثم، وإضافة إلى هذا كله، إن هذه "الحركة" نفسها بعد انتقالها من الخارج إلى الداخل، وتشكيل "السلطة الوطنية الفلسطينية" أصيبت بداء التضخم والترهل، والتنافس التناحري على المراكز والمواقع القيادية، وهنا فإنه بالإمكان الإشارة أيضاً إلى ظاهرة محمد دحلان، الذي يرى البعض أنه يقود "انقلاباً" من الخارج ضد الرئيس الفلسطيني وضد القيادة الفتحاوية الحالية، والقيادة التي سيسفر عنها هذا المؤتمر، الذي يصفه البعض بأنه أخطر وأهم المؤتمرات التي عقدتها هذه الحركة.