بعد مبحثه المعنون "خطاب حول أصل الظلم" الذي يدافع فيه عن فكرة الفطرة البدائية في مواجهة تعقيدات الحضارات، ثم أعقبه بكتابه "إيميل"، الذي يدعو فيه إلى التنشئة الفطرية الطبيعية، وهي التي تقوم على رفض الديانة المسيحية، وتؤمن بالمذهب التأليهي الذي ينكر ممارسات التدين، ولكنه يؤمن بفكرة وجود خالق لهذا الكون!

•هاجت الكنيسة وماجت، وثارت ثائرة البرلمان الفرنسي، فأصدرت الأحكام بحرق كتب جان جاك روسو، الذي فر من فرنسا إلى جنيف خوفاً مما سيلحق به من أذى!

Ad

غير أن مجلس جنيف أدانه هو الآخر، الأمر الذي جعله مضطراً إلى التخلي عن جنسيته السويسرية، حيث لجأ إلى ألمانيا بعد أن حصل على حماية من الإمبراطور فريدريك!

***

• ولد جان جاك روسو في جنيف عام 1712 من عائلة بروتستانتية، وبعد وفاة أمه ورحيل أبيه إلى فرنسا، تولت عمته رعايته.

•وفي عام 1727 هجر روسو عمله كصبي حفار للخشب والمعادن، ليمتهن التجوال في بلدان أوروبا، معتمداً في معيشته على امتهان وظائف كهنوتية في الأديرة، ومساعدات تأتيه من المتدينين الذين يتعاطفون مع هذا النوع من الخدمات.

• عكف روسو على القراءة بشغف ونهم، مما هيأه عام 1750 للحصول على شهادة من أكاديمية ديغون عن بحث يتعلق بالعلوم والآداب.

• وفي عام 1761 نجح روسو نجاحاً باهراً عندما نُشرت له قصة "هلويز"، التي أعقبها عام 1762 بكتابه الشهير "العقد الاجتماعي"، الذي تضمن أفكاره السياسية التي يدافع فيها عن المساواة والعدالة وسيادة القانون وعن التوزيع العادل للثروة، وقد غدا هذا الكتاب واحداً من أهم الكتب التي تنظم العلاقة بين المواطن والدولة في العالم.

• لكن الكنيسة الكاثوليكية أدرجت العديد من مؤلفات روسو في قائمة التحريم، وظلت معظم أعماله محظورة حتى مطلع القرن العشرين لدى العديد من الدول.

• "اعترافات روسو" طُبعت بعد وفاته، وقد احتوت على ذكر أحداث يصعب على إنسان أن يذكرها عن نفسه، لما تحمله من خصوصية مفرطة في علاقاته مع الآخرين خلال حياته، وخصوصاً العلاقات الجنسية مع الرهبان والراهبات! لدرجة أنه قال في مقدمة الاعترافات: "إذا سئلت في الآخرة عما فعلت في الدنيا، فلن أجيب، لأنني كتبت كل شيء في هذه المذكرات"!

فكم كان روسو صادقاً فيما كتب؟ إذا ما قورن بكل المذكرات التي صدرت من قبله ومن بعده؟!

• هذه لمحات قصيرة عن حياة إنسان تدين له الحضارة المعاصرة بكثير مما تأخذ به من قوانين وقواعد لبناء حياة تقوم على الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

• لعل الذين يعيشون أجواء انتخابات ديمقراطية في الكويت يذكرون رجلاً اسمه جان جاك روسو، وهو واحد ممن مهدوا لهم التنظير للحياة الديمقراطية!