نقطة: أحسنوا اختيار حيواناتكم
من الظواهر التي انتشرت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة إطلاق أسماء الحيوانات والطيور على السياسيين والمرشحين والنواب، وذلك على سبيل التعريف والمدح والحماسة والتشجيع، مع استثناء عنصري متعال للحشرات، رغم فوائدها الجمة، وجاء ذلك بعد سنوات طويلة كانوا يلقبون ساستهم فيها بالدكتور أو الأستاذ أو الحكيم، شخصياً غير مقتنع بالفكرة نهائياً، لكوني إنساناً كرمني الله بإنسانيتي، ولكني لا أعترض عليها طالما البعض يجد نفسه فيها ولا تضرني، إنما كنت أتمنى - إن كان ولابد من التلقب بأسماء الحيوانات - أن يكون الاختيار أكثر واقعية ومنطقية ومبنياً على صفات وطبائع مفيدة وحقيقية بالحيوانات، حتى يتقارب التشبيه ويصح القياس، لعلهم يكونون قدوة حسنة لبعض البشر، فليس من المنطقي ولا المعقول، حتى وإن كان على سبيل المبالغة والخيال، أن نعاني هذه التخمة من السباع والأسود، فإذا كانت الغابة، وهي الغابة، فيها "أسد" واحد حسبما تعلمنا من قصص الأطفال والرسوم المتحركة وماما أنيسة، فلا يمكنكم إقناعنا بعدها بسهولة بوجود كل هذا الكم الهائل منهم في المخيمات الانتخابية أو تحت قبة عبدالله السالم، فعلى الأقل اختاروا مخلوقات وحيوانات أخرى من باب التنويع والتغيير، وأكثر دلالة على الصبر والدهاء والتخطيط والنفس الطويل والحكمة، وغيرها من الصفات الجيدة التي لا يملكها "الأسد" الذي لا فائدة ترجى منه سوى الركض والصراخ بلا هدف معروف سوى إثبات شخصيته وعقده النفسية، فمثلاً أطلقوا على صاحبكم لقب "الثعلب"، فهو ذكي ومكار، وسيعرف اختيار حلفائه ومتى يهاجم وأين يتوقف، أو يمكنكم أن تطلقوا عليه "الكلب" مثلاً، رغم أني لا أظن أن أحداً منهم يملك وفاءه وأمانته، فلم نسمع قط عن كلب قبيض أو كذاب أو يرجع في نباحه، لكننا متفقون من البداية أنها مبالغات حماسية، أو لنبحث عمن نطلق عليه لقب "النملة" مثلاً، فلا يوجد "ضرغام" يعمل بصمت وهدوء ويعرف قراءة الميزانيات وكيفية تدبير حاجاته التموينية تحسباً للأيام العجاف، بينما "النملة" المحترمة تعرف ذلك، والأهم من كل ذلك أنه ما يصير العموم "أسود" وكلهم داشين بالطوفة.صحيح "الأسد" شكله هيبة، لكنه غبي وخامل وعصبي وشرس عالفاضي، فلولا حرمه المصون لربما مات جوعاً ولم ينفعه منصبه وشعره الكثيف، لذا فأنا أدعو هنا إلى حسن اختيار الألقاب بناء على المضمون والصفات الحميدة لا الشكل الفارغ، هذا مع تفهمنا التام بأن تصرفات بعض ذوي الألقاب قد شوهت سمعة الحيوانات المقصودة وأفقدتها قيمتها، فإذا كان القصد المطلوب من إطلاق اللقب هو شراسة حامله في سبيل حماية أموالنا وحقوقنا وحرياتنا من السلطة، فإن خوفنا صار أكثر من بقية زملائه "السباع" الأكثر عداء للحريات والحقوق منها، فهم يريدون أن يأكلونا قبل أن يأكلوا حرياتنا، فقد رأينا "أسوداً" كذابة تشبه أخاهم بمسرحية "شاهد ما شافش حاجة"، تدافع عن حق الترشح للمسيء للذات الإلهية، بعد أن تتولى إعدامه، كما أعرف - وأنتم مثلي - العديد من حملة لقب الأسد والسبع والذيب، ولكن ما ارتكبوه من ممارسات وجرائم لو علمت بها الحيوانات لحزنت حزناً شديداً على هذا الاستغلال البشع لأسمائها دون أدنى احترام لحقوق الملكية الفكرية والأخلاقية، فأنا أعرف "أسداً" اختبأ خلف "اللبؤة" حين جد الجد، وأعرف "سبعاً" زوّر تراخيص ومستندات رسمية لينقذ ابنه من جريمة قتل، كما أعرف "أسداً" آخر لا عمل له إلا التنطط بين الوزارات والدوائر الحكومية لتخليص المعاملات غير القانونية، فإذا كان "الهزبر" يخلص معاملات فماذا يفعل الكنغر؟!
عموماً حان موعد الانتخابات، وعند الانتخاب يختار المرء ولا يستتاب، عليكم بحسن الاختيار، فالكويت اليوم لا تحتاج إلى هذه النوعية من الحيوانات.