كاسترو يرحل والعالم ينعى... وكوبا تدخل في حداد 9 أيام

• رماد «أبو الثورة» يجوب البلاد وأخوه ينفرد بالحكم
• بوتين: مثال ملهم
• هولاند لرفع الحظر عن هافانا نهائياً

نشر في 27-11-2016
آخر تحديث 27-11-2016 | 00:04
No Image Caption
عن عمر ناهز 90 عاماً، رحل أبو الثورة الكوبية فيدل كاسترو، الذي أوصى بأن يحرق جثمانه، الرفيق فيدل كما وصفه أخوه الرئيس الكوبي راؤول كاسترو، اعتبره كثير من الزعماء العالميين مصدر الإلهام والصديق والمناصر للقضية الفلسطينية، إلا أن البعض فرح بموته ووصفه بـ «الطاغية».
بعد ساعات على وفاة أب الثورة فيدل كاسترو عن 90 عاماً، أعلنت السلطات الكوبية، أمس، الحداد الوطني لتسعة أيام اعتبارا من أمس حتى 4 ديسمبر، تاريخ تشييع جنازته في سانتياغو دي كوبا.

وأضح مجلس الدولة، في بيان قصير، أن "كل الأنشطة والعروض العامة ستتوقف" بشكل خاص، وسيتم تنكيس الأعلام فوق المباني الرسمية والمنشآت العسكرية، مبينة أنه خلال هذا الأسبوع المخصص لذكرى الزعيم الكوبي الراحل سينقل رماد فيدل كاسترو ليجوب كل أنحاء البلاد على أمد 4 أيام.

وتنظم الجنازة الرسمية في الرابع من ديسمبر في سانتياغو دي كوبا، ثاني مدن البلاد، والتي ترتدي رمزية كبرى، لأن فيدل كاسترو أعلن منها انتصار الثورة.

وفي بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني، أعلن الرئيس راؤول كاسترو "وفاة القائد الأعلى للثورة الكوبية هذا المساء"، مؤكدا أن "الجثمان سيحرق في الساعات الأولى، بناء على رغبة عبر عنها الرفيق فيدل".

نجا من 600 اغتيال وتحدى 11 رئيساً أميركياً

نجا أب الثورة الكوبية فيدل كاسترو، صاحب الستة وجوه، من أكثر من 600 محاولة اغتيال، وتحدى 11 رئيساً أميركياً، وواكب أكثر من نصف قرن من التاريخ.

في 1959 دخل صاحب اللحية السوداء والبزة العسكرية، الذي لم يخضع لأي تأهيل عسكري، ويحمل دكتوراه في الحقوق بالثانية والثلاثين من العمر، هافانا منتصراً، وهزم بثمانين ألف رجل مع ثواره الملتحين وأطاح فولغنسيو باتيستا الرئيس المستبد الذي كان في السلطة.

وبعدما أفشل المؤامرات التي دعمتها واشنطن، أرسل فيدل 386 ألف كوبي للقتال في انغولا واثيوبيا والجزائر.

وبين 1958 و2000 نجا من 634 محاولة اغتيال، على حد قول الرئيس السابق للاستخبارات الكوبية فابيان ايسكالانتي.

ورغم حيويته وانفتاحه، كان متحفظا فيما يتعلق بحياته الخاصة. وكل ما هو معروف عنه، أنه تزوج مرتين ورزق بسبعة أبناء من ثلاث نساء. وهو يرى أن "الحياة الخاصة يجب ألا تكون أداة للدعاية أو السياسة".

وخلال نصف قرن تحدى فيدل كاسترو 11 رئيسا للولايات المتحدة، وحكم بقبضة من حديد، واتبع سياسة قمع حيال المعارضة أدت إلى ادانة كوبا مرات عدة من لجنة حقوق الإنسان في الامم المتحدة التي لم تعد موجودة حاليا.

في 1959 تمرد رفيق دربه القومندان أوبر ماتوس، فحكم عليه بالسجن 20 عاما. وفي الربيع الاسود في 2003 سجن 75 منشقا وأعدم ثلاثة اشخاص رميا بالرصاص.

وعندما أعلن فيدل انتصار الثورة الكوبية في 1959، كانت طيور حمام تحيط به، وحطت واحدة على كتفه. رأى أحدهم حينذاك انها اشارة خارقة للطبيعة.

ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الخرافات. وفي بلد تمتزج فيه المسيحية بديانات إفريقية، اعتقد الكوبيون ان فيدل تحميه اوباتالا اقوى آلهة الاوريشا في معتقدات شعب اليوروبا، حتى إن اعتقادا ساد بأنه كائن خالد إلى ان اصيب بمرض خطير في 2006.

لا يمكن الحديث عن تاريخ القرن العشرين بلا فيدل. في ستينيات القرن الماضي دعم حركات التمرد في الأرجنتين وبوليفيا ونيكاراغوا. وفي نهاية التسعينيات تبنى سياسة الفنزويلي هوغو تشافيز. واليوم تستضيف كوبا محادثات السلام بين حركة التمرد "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" والحكومة الكولومبية.

انفراد بالسلطة

وبعد وفاة كاسترو، بات شقيقه وخلفه في رئاسة كوبا منذ عام 2006 راؤول وحيدا في السلطة، مسؤولا عن ضمان استمرارية نظام نالت منه الشيخوخة ومهدد اقتصاديا.

وكان راؤول الذي أشرف في الظل طوال نصف قرن على الشؤون الدفاعية وأمن شقيقه الأكبر، أعلن عام 2006 أنه "لا يمكن الاستغناء عن فيدل، وسيتم اتخاذ كل القرارات المهمة بالتشاور معه".

أما التحديات التي يواجهها راؤول، فهي جسيمة، وتشمل تجنب إفلاس نموذج اقتصادي عفا عليه الزمن، وضمان الخلافة مع استمرارية نظام الحزب الواحد الذي يمنع المعارضة، وإدارة أزمة الثقة لدى شعب شاب بعيد عن قيم الثورة.

لكن خطوة راؤول للتقارب مع الولايات المتحدة التي قد تتوج برفع الحصار الشديد المفروض على الجزيرة منذ عام 1962، أبرزت قدراته على التخطيط السياسي ومهاراته الدبلوماسية.

أهازيج وطبولفي ميامي

استقبل الإعلان عن وفاة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو في وقت متأخر، أمس الأول، بالفرح من ألف كوبي يعيشون في ميامي، وبصيحات "كوبا حرة" و"حرية، حرية"، وسط تقديم الشامبانيا والتقاط صور السلفي والأهازيج على وقع الطبول والأواني.

وتلقائياً، نزل أكثر من ألف شخص من مختلف الأعمار، بعضهم بملابس النوم، إلى شوارع أحياء هافانا الصغيرة وهياليه في ميامي.

وهتف متظاهرون "الآن دور راؤول" و"عاشت كوبا". لكن الكثير من أفراد الجالية الكوبية لم يعبروا عن تفاؤل بتحسن الوضع في كوبا بعد وفاة فيدل كاسترو.

نعي عالمي

ونعى زعماء العالم، أمس، كاسترو الذي أسس دولة شيوعية على أعتاب الولايات المتحدة، إلا أن وفاته كما كانت حياته قسمت الرأي العام، إذ وصفه منتقدون بالطاغية.

وقال ميخائيل غورباتشوف، آخر زعيم للاتحاد السوفياتي، الذي كان لفترة طويلة سندا اقتصاديا وسياسيا لكوبا، إن كاسترو ترك بصمة دائمة في تاريخ بلاده والعالم. وأضاف: "قاد بلاده من الحصار إلى طريق الاكتفاء الذاتي والتنمية المستقلة".

وفي برقية عزاء لراؤول، وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الزعيم الراحل بـ "المثال الملهم للعديد من الدول". ونقل "الكرملين" عن البرقية قولها "فيدل كاسترو صديق حقيقي وواضح لروسيا".

وفي فنزويلا حليفة كوبا منذ فترة طويلة والمعارضة للموقف السياسي الأميركي، قال الرئيس نيكولاس مادورو إن كاسترو ألهم بلاده وسيظل يلهمها.

وأضاف: "سنستمر في الفوز وفي القتال. فيدل كاسترو مثال للنضال من أجل شعوب العالم. سنمضي قدما بهذا الإرث".

وقال رئيس الإكوادور رافاييل كوريا: "تركنا عظيم.. لقد مات فيدل.. تحيا كوبا! تحيا أميركا اللاتينية".

هافانا توقف الموسيقى حزناً... وترامب يغرد

سيتذكر الكوبيون مطولا أين كانوا عند الاعلان عن وفاة فيدل كاسترو، فقد توقفت الموسيقى في جميع أنحاء هافانا حزنا على الأب وهرع الناس لإيقاظ أحبائهم وإبلاغهم الخبر.

وألغيت الحفلات وفرغت الشوارع المزدحمة بعد إعلان الرئيس الكوبي راوول كاسترو، الشقيق الأصغر البالغ من العمر 85 عاما، على التلفزيون الحكومي وفاة فيدل.

وخلافا لمرات كثيرة على مر السنين، لم يكن الأمر مجرد خدعة هذه المرة. فقد توفي الرجل الذي نشأ معظم الكوبيين معه كزعيم لبلادهم.

ومع انتشار الخبر، في الضفة المقابلة رقصت الحشود واحتفلت في شوارع ميامي موطن لأكبر جالية كوبية مع المتحدرين منها.

لكن في هافانا، كان الأمر مختلفا، فقد شعر السكان بالحزن.

ومع انتشار نبأ الوفاة في جميع أنحاء العالم، بدا أن وسائل الإعلام المحلية أخذت على حين غرة. فقد استغرق الأمر 5 ساعات، حتى تنشر صحيفة "غرانما" المملوكة للدولة الخبر على موقعها الإلكتروني.

وكان كاسترو قال في الخطاب الذي ألقاه في أبريل: "قريبا سأنتهي كما ينتهي الجميع".

من جانبه، وفي رد فعل أولي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب باقتضاب على شبكة تويتر للتواصل الاجتماعي، منبره المفضل للتواصل من فلوريدا، حيث يمضي نهاية أسبوع طويلة مع عائلة بمناسبة عيد الشكر، "وفاة فيدل كاسترو".

وتقوم كوبا بإعادة العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة منذ نهاية 2014، لكن ترامب أبدى تحفظات عن هذا التقارب، مؤكدا أنه سيبذل كل ما في وسعه للتوصل الى اتفاق صلب مع هافانا.

الفصل العنصري

من جانبه، أشاد رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما أيضا بالزعيم الكوبي، وشكره على دعمه ومساندته في الصراع من أجل القضاء على نظام الفصل العنصري في بلاده.

وقال زوما في بيان: "كان الرئيس كاسترو معنيا بصراعنا ضد الفصل العنصري. ألهم الشعب الكوبي لينضم إلينا في نضالنا ضد الفصل العنصري".

وتحدث الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عن خسارة شخصية كبيرة على الساحة العالمية، مشيدا بالتقارب بين هافانا وواشنطن، في حين أشار إلى المخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان تحت قيادة نظام كاسترو.

وقال في بيان: "كان كاسترو شخصية متميزة في القرن العشرين. جسد الثورة الكوبية بآمالها وبخيبة الأمل اللاحقة. كما دعا هولاند أمس إلى رفع الحظر الذي يعاقب كوبا بشكل نهائي.

من جانبه، وصف رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، كاسترو بأنه واحد من أكثر الشخصيات البارزة في القرن العشرين، واصفا إياه بالصديق.

وفي بوليفيا، قال الرئيس إيفو موراليس، في بيان، "ترك فيدل كاسترو إرثا من النضال من أجل دمج شعوب العالم... رحيل القائد كاسترو يؤلم بحق".

رفيق ومدافع

أما الرئيس الصيني شي جين بينغ فقال في بيان: "فقد الشعب الصيني رفيقا مقربا وصديقا مخلصا". كما وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس كاسترو بأنه كان "مدافعا صلبا عن قضايا وطنه وشعبه، وعن قضايا الحق والعدل في العالم".

ونعى المجلس الوطني الفلسطيني كاسترو وكذلك حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). ويثني الفلسطينيون على كوبا في عهد كاسترو، باعتبارها الدولة الأميركية اللاتينية الوحيدة التي صوتت ضد قرار تقسيم فلسطين الصادر عام 1947.

على النقيض، كان رد فعل كوبيين مقيمين في الولايات المتحدة لاذعا، كما رحب البعض بوفاته. كما اعتبر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال أن "صفحة مهمة في التاريخ السياسي العالمي انطوت"، موضحا أن هذا "يضع حدا للحرب الباردة التي قسمت حتى السكان في القرن الماضي".

من انتزاع السلطة إلى احتكارها
بوفاة فيدل كاسترو، ودع الشيوعيون آخر زعيم تاريخي لهم، في ما يلي أبرز محطات حياته:

• 26 يوليو 1953: كاسترو يفشل بالسيطرة على ثكنة مونكادا في سانتياغو.

• 2 ديسمبر 1956: وصول كاسترو مع 81 مناضلا على متن المركب غرانما، إلى سواحل جنوب كوبا.

• 8 يناير 1959: كاسترو يدخل منتصرا على رأس الثوار المعروفين بلقب "باربودوس" أو أصحاب اللحى إلى هافانا.

• يناير 1961: الولايات المتحدة تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع كوبا.

• 13 فبراير 1962: الرئيس الأميركي جون كينيدي يفرض حظرا على كوبا. وفي أكتوبر تندلع أزمة الصواريخ بعد تركيز صواريخ نووية سوفياتية في كوبا.

• 1965 فيدل كاسترو يؤسس الحزب الشيوعي الكوبي.

• 1975: كاسترو يرسل قوات الى أنغولا. وتعاقب أكثر من 400 ألف عسكري كوبي على ساحات القتال في إفريقيا حتى 1991.

• 14 يوليو 1989: كاسترو يوقف الجنرال أرنالدو أوتشوا بطل حرب أنغولا. ويعدمه رميا بالرصاص في 13 يوليو، ما أثار ضجة بين الكوبيين وأثر على مكانة كاسترو.

• 29 أغسطس 1990: كاسترو يعلن "مرحلة خاصة في زمن السلم"، بسبب الانهيار الاقتصادي للبلاد الذي تفاقم مع انهيار الاتحاد السوفياتي.

• مارس 2003: توقيف 75 منشقا صدرت بحقهم أحكام قاسية بالسجن، ما أدى إلى فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي. وفي 2010 أتاح اتفاق مع الكنيسة الكاثوليكية الإفراج عن آخر 52 منشقا كانوا لايزالون مسجونين.

•31 يوليو 2006: فيدل يخضع لجراحة خطرة إثر إصابته بنزيف في الأمعاء، ويتخلى عن السلطة لشقيقه راوول الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع منذ 1959.

• 24 فبراير 2008: فيدل يتخلى عن منصب رئيس مجلس الدولة لراوول.

• 19 أبريل 2011: فيدل يتخلى عن منصب السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي لراوول.

• 28 مارس 2016: بعد أسبوع من زيارة تاريخية لباراك أوباما لكوبا، سخر فيدل من "الكلام المعسول" للرئيس الأميركي، مؤكدا أن كوبا "ليست بحاجة إلى هدايا".

• 19 أبريل 2016: آخر ظهور علني نادر لفيدل في هافانا.

مادورو يؤكد استمرار النضال وزوما يشكره على مساندته في القضاء على الفصل العنصري
back to top