أسدل الستار، أمس، على الاحتفالية الثقافية الجميلة معرض الكويت الدولي للكتاب، في دورته الواحدة والأربعين. وطوال تلك السنوات مرت هذه الاحتفالية بالكثير من التغيرات التي تحتكم إلى السياسة العامة.

ورغم كل المصاعب والشد والجذب بين المثقف والرقابة يستمر معرض الكتاب ليشهد تطوراً مهماً فيما يخص انتشار الكتاب العربي والمحلي. وأهم ما يمكن أن نمتدحه في معارض السنوات القليلة الماضية وهذا العام، هو تعدد دور النشر الكويتية، على الرغم من تباين مشاربها واختلاف توجهات وطموحات أصحابها.

Ad

في السابق، كانت دور النشر الكويتية لا تتعدى ما تقوم به المكتبات من دور، واعتمادها على الكتاب العربي وإعادة توزيعه. أما ما نراه اليوم فهو اعتماد الدور الأهلية على الكتاب الكويتي ومحاولة جذب القارئ إلى نقاط توزيعها.

وسنعترف بأن هذه الدور اليوم لا تقدم دائماً الكتاب الجيد، لكنها تنجح إلى حد بعيد في ترويج الكتاب وإيجاد قارئ هو مكسبنا الأهم.

هذه الدور التي تعتمد على مقدرتها الذاتية، استطاعت أن تقف، وتستمر، وتساعد في جذب مبادرات نشر جديدة في ظل وجود هذا القارئ.

فالقارئ الذي يسعى إلى الكتاب ويحرص على ممارسة هواية القراءة هو الهدف الذي نسعى إلى تطويره من الكتاب الأقل جودة إلى الأكثر جودة.

العديد من هذه الدور بدأت تبحث عن مترجمين عرب ومحليين لترجمة أعمال مهمة في الأدب العالمي، وذلك هدف مهم من الأهداف الثقافية، في محاولة لمنافسة الدور العربية، التي تقدم ترجمات تلقى إقبالاً جماهيرياً كبيراً.

لم نحقق حتى اليوم الهدف المنشود، لكن الطريق التي تسير نحوها هذه الدور المحلية مبشّرة. تحتاج هذه المبادرات المهمة في الترجمة إلى دخول المترجم الكويتي والمثقف بلغتين إلى عالم النشر. فكما اقتحم الناشر الكويتي الناشئ هذا المجال الوعر والصعب في البقاء، نرى أن تستفيد هذه الدور من دور المترجمين في الكويت، للمساهمة في نقل ثقافات أخرى إلى ثقافتنا العربية.

نجح معرض الكويت الدولي للكتاب هذا العام جماهيرياً طيلة أيامه الثقافية، ولم يكن ينقصه إلا ما ينقصه كل عام، وهو الاهتمام بالفعاليات المصاحبة له. فلم تجد الأمسيات المرتبكة والمطبوخة على عجل إقبالاً أو اهتماماً، لأنها لم تكن على قدر من مستوى المتابع والمهتم بالشأن الثقافي. لم تكن تلك الأمسيات الثقافية مقنعة، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب يحتاج إلى مراجعة جادة ومواجهة هذا القصور غير المبرر. فالمجلس يمتلك الإمكانات والكفاءات البشرية التي تستطيع التخطيط منذ انتهاء هذا المعرض لطرح برنامج ثقافي جدير بالتقدير.

تلك ليست مهمة مستحيلة، إذا ما أوكلت للجيل الجميل من الأدباء الكويتيين والمطلع على ما يجري في الساحة الثقافية والعالمية.

ما آلمني وأحزنَ مجموعة كبيرة من الأدباء والضيوف، هو غياب أستاذنا ومعلمنا الروائي الكبير إسماعيل فهد إسماعيل لظروفه الصحية.

فإسماعيل فهد لم يغب عن معرض الكتاب، وكان حاضراً بيننا بأيامه التي كان يستقبل بها ضيوف المعرض ويبارك جهود الكتاب ويتلقى إصداراتهم، سوى هذا العام. نتمنى له عوداً حميداً بين مريديه وأحبابه في القريب العاجل.