استعادت قوات النظام السوري السبت السيطرة على حي مساكن هنانو، أكبر الأحياء في شرق مدينة حلب، وباتت قاب قوسين من فصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة إلى جزئين، في تقدم استراتيجي هو الأكبر في شرق المدينة.

Ad

ودفعت الغارات الجوية الكثيفة على الحي والمعارك العنيفة بين قوات النظام والفصائل السبت، عشرات العائلات في مساكن هنانو والأحياء المجاورة إلى النزوح نحو أحياء أخرى أكثر أماناً في شرق المدينة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومراسل فرانس برس.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» مساء السبت أن «وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الرديفة استعادت السيطرة بشكل كامل على مساكن هنانو والمنطقة المحيطة بها في حلب».

وأضافت أن «وحدات الهندسة تقوم بإزالة الالغام والعبوات الناسفة التي زرعها الإرهابيون في الساحات والشوارع».

ويحظى حي مساكن هنانو، أكبر أحياء حلب الشرقية، بأهمية رمزية باعتباره أول حي سيطرت عليه الفصائل المعارضة صيف العام 2012، حين انقسمت مدينة حلب بين أحياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.

من جهته، قال ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين زنكي، أحد أبرز الفصائل في حلب، لفرانس برس أن «معارك مستمرة بين الطرفين تتركز في الجهة الجنوبية الشرقية من مساكن هنانو»، لافتاً إلى «تكثيف قوات النظام طلعاتها الجوية وقصفها في الساعات الأخيرة».

وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، «تمكنت قوات النظام من السيطرة ميدانياً على ثمانين في المئة من مساحة الحي فيما باتت المساحة المتبقية تحت سيطرتها النارية».

واستأنف الجيش السوري في 15 نوفمبر حملة عسكرية على الاحياء الشرقية تخللها غارات كثيفة تزامناً مع شنه هجوماً برياً على محاور عدة في شمال وجنوب المدينة بهدف تضييق الخناق على مناطق سيطرة الفصائل، وتمكن قبل نحو أسبوع من اقتحام مساكن هنانو.

وتخول السيطرة على مساكن هنانو قوات النظام وفق المرصد، من التقدم لفصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، كما تمكنها من الاشراف نارياً على احياء عدة ابرزها حي الصاخور المجاور.

وقال اليوسف أن لمساكن هنانو «أهمية استراتيجية لدينا» موضحاً أن «تمدد النظام الى حي الصاخور سيؤدي إلى فصل الأحياء الشرقية في المدينة إلى جزئين».

وبحسب عبدالرحمن «باتت قوات النظام على بعد مئات الأمتار لتتمكن من فصل شمال الأحياء الشرقية عن جنوبها» ما يشكل ضربة جديدة للفصائل المعارضة المحاصرة في الأحياء الشرقية.

نزوح

ويأتي تقدم النظام بعد تعرض أحياء عدة في شرق حلب السبت لغارات جوية، تسببت بمقتل 11 مدنياً على الأقل، بحسب المرصد، لترتفع بذلك حصيلة القتلى المدنيين جراء الغارات والقصف المدفعي على شرق حلب منذ بدء هجوم الجيش قبل 12 يوماً إلى 212 مدنياً بينهم 27 طفلاً.

ودفعت المعارك وشدة الغارات على مناطق الاشتباك في مساكن هنانو والأحياء المجاورة كالصاخور والحيدرية مزيداً من العائلات إلى النزوح.

وذكر مدير المرصد السوري أن «عشرات العائلات نزحت السبت من حيي الصاخور والحيدرية إلى الأحياء الجنوبية التي تحت سيطرة الفصائل نتيجة كثافة الاشتباكات والغارات».

وشاهد مراسل لفرانس برس في شرق حلب مساء السبت أربع عائلات على الأقل لدى وصولها إلى أحد الأحياء الهادئة تحت سيطرة الفصائل، موضحاً أن أفرادها وصلوا من دون أن يتمكنوا من احضار شيء معهم.

وأوضح أبو فاضل أحد سكان الحي الذي تولى ايجاد مأوى للنازحين لفرانس برس أن «هذه العائلات تمكنت صباحاً من الهروب من مساكن هنانو بعدما لم تتمكن منذ ثلاثة أيام من مغادرة منازلها جراء كثافة القصف».

وأشار إلى أنها وصلت مساءً «سيراً بسبب عدم توافر وسائل النقل»، موضحاً أن أفرادها «كانوا يشعرون بالخوف لدى وصولهم قبل أن يطمئنوا لوجود عدد كبير من السكان في الحي ولعدم تعرضه لأي قصف».

ونزحت عشرات من العائلات من مساكن هنانو والأحياء المجاورة في الأيام الأخيرة إلى مناطق أخرى تحت سيطرة الفصائل، فيما تمكنت عائلات أخرى من الفرار إلى حي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية.

ويتهم النظام السوري مقاتلي الفصائل بمنع المدنيين من المغادرة واتخاذهم «كرهائن ودروع بشرية».

ويعيش أكثر من 250 ألف شخص محاصرين في الأحياء الشرقية في ظل ظروف معيشية صعبة، وكانت آخر قافلة مساعدات دخلت إلى شرق المدينة في يوليو الماضي.

وحذّر المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا قبل أسبوع من «كارثة انسانية» وشيكة في شرق حلب جراء كثافة العمليات العسكرية، تزامناً مع تنديد دولي بالتصعيد العسكري.

سياسياً، أعلنت الرئاسة الروسية في بيان مقتضب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبرز داعمي دمشق، تشاور هاتفياً السبت مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان، أبرز داعمي المعارضة، حول الوضع في سورية، وذلك للمرة الثانية في يومين.

وقال الكرملين أن الطرفين «واصلا خلاله (الاتصال) تبادل وجهات النظر في ما يتعلق بالوضع في سورية».