تبدو المرأة في معرضك الراهن «تأملات» بطلة تكويناتك الفنية، لماذا؟المرأة كائن يتمتع بصفات الجمال والرقة والأنوثة، وهي مادة خصبة للدراسة وتناولتها بالرسم في مواقف شتى ومتعددة، باختلاف تعبيراتها وحركاتها التي تمثّل واقع الحياة المتغير والمستمر عن طريق لغة الجسد. كذلك أجسد في المعرض حالة إنسانية تحمل مناجاة مع النفس أو الرب، وهو ربما ما يتجلى في حركة اليد التي تبدو تعبدية بعض الشيء، فيها نوع من الحالة الإنسانية أو الطاقة الإيجابية الخاصة بالروحانيات.
تسير اللوحات كافة باتجاه هذه «الثيمة»، ما عدا لوحة كبيرة باسم «الكسل» من مجموعة بعنوان «الخطايا السبع» سبق أن عرضتها في دبي. أشير هنا إلى أنني استخدمت للوحات ألوان الأكريليك على القماش، ثم ظللت الألوان أو تركت أماكن بيضاء بلون القماش نفسه، كي يظهر من خلالها القلم الرصاص والتقنية الخاصة الواضحة باللونين الأبيض والأسود.سبق «تأملات» معرضان لك بعنوان «الجمال الخفي» و{تكوين» منذ عام، هل تحرصين على وجود مسافة بين معارضك، أم تخضع عملية العرض للمصادفة والانتهاء من العمل؟أتمنى أن تكون معارضي على مسافات بعيدة من بعضها بعضاً، لأن الفنان عندما يعرض في أوقات متقاربة يبدو كالممثل الذي يقدم أعمالاً متتالية فيحرق نفسه، فيما يسهم التباعد بين العروض في أن ينتظر الناس الفنان بشغف. طلب مني غاليري «غرانت» التحضير لمعرض، وكانت لديَّ أعمال سبق عرضها في دبي، ولم تُعرض في مصر، فوجدتها فرصة لرؤيتها حتى إن كانت المسافة قريبة بين المعرضين، لأنها أعمال جديدة.كانت المرأة أيضاً بطلة أعمالك.نعم، ولكن أردت فيهما، خصوصاً في «الجمال الخفي»، إظهار الصراع الدائم بين الخير والشر من خلال التضاد اللوني بين الأبيض والأسود وشخوصي المتمردة تارة والمسالمة طوراً، حيث تجد فن البكاء في عين والضحك في الأخرى. في هذا المعرض، نرى تعانق الموسيقى مع الحوادث الدرامية يزيد شدة الانفعال والتأثير على المتلقي، وهي رسائل لوحاتي، وهنا يكمن عنصر الصدمة التي تبعثها ضربات فرشاتي البيض والسود السريعة والتلقائية والصارخة، لتصنع قمة التضاد اللوني، وتخفي في داخلها لمسات وخطوط ألوان بسيطة حية تجسد مشاعر المرأة وانفعالاتها كي نسبح معاً داخل النفس البشرية عن طريق لغة الجسد.هل نستطيع القول إن المرأة وجدت لها ملمحاً تشكيلياً خاصاً بها؟تناول فنانون وفنانات كثيرون المرأة في أعمالهم على مرّ العصور القديمة والحديثة، كل في اتجاهه وبتقنيته الخاصة والفريدة لأنها مصدر الجمال والحب والحنان، من ثم تشّكل الإلهام لهم. وفي مصر والبلاد العربية عموماً فنانات تشكيليات يحظين بفرص عظيمة من خلال الانفتاح والتحرر وحرية التعبير والرأي والمشاركة في عرض أعمالهن، وتمثيل بلادهن محلياً ودولياً بعد تهميشهن لفترات طويلة في مجتمعنا الشرق أوسطي.
رسم وتصوير وجمهور
تدمجين الرسم مع التصوير أحياناً، فكيف تتسنى لك تلك الآلية، وما سبب قلة عدد الرسامين؟تعود قلة عدد الرسامين إلى كوننا في زمن السرعة، والرسم كما هو متعارف عليه بأدواته الفنية يستغرق وقتاً كثيراً، ويحتاج إلى صبر ومهارات خاصة. أما دمجي التصوير مع الرسم، فظهر حين بدأت أرسم بأقلام رصاص على القماش «التوال»، ما أعطاني الجرأة لأضيف الألوان إلى الرسم والدمج بينهما وإضفاء مذاق جديد على فن الرسم.بدأت أدمج بين الرسم والتصوير منذ عام 2008، وكانت الأعمال كلها مرسومة بأقلام رصاص فيما يدخل اللون إليها باستحياء شديد، ثم تطور أسلوبي حتى أصبحت تقنية أعمالي الفنية عبارة عن انصهار تام بين الرسم والتصوير.هل تخاطبين أو تستهدفين جمهوراً خاصاً بأعمالك؟أعتقد أن أعمالي لا تخاطب فئة معينة على عكس أعمال بعض الفنانين، كونها تُقرأ بسهولة. فرغم التقنية غير الواضحة فيها تجد في النهاية تصميماً وتفاصيل حتى إن اختفى منها بعض الأجزاء. لذا أرى أني استهدف الفئات كافة، لأن أعمالي أيضاً ليست تجريدية أو يقتصر فهمها على طبقة الفنانين أو المثقفين.هل لديك طقوس خاصة للرسم؟أحبّ الرسم خلال ساعات الليل حتى وإن حضّرت سطح اللوحة في الصباح، فثمة مثيرات عدة تمنعني من العمل. لا بد من أن أشعر بالراحة النفسية، أما إذا شعرت بتوتر فسينعكس على لوحتي، وقد أعيد رسمها. لذا لا بد من أن يتوافر لدي التركيز، لأن اللوحة ليست مجرد ضربات ألوان وانفعال يساهم في خروج الشحنة الانفعالية، بل تعتمد أعمالي على التركيز والنسب والاتزان، لأنها كلاسيكية أو أكاديمية بعض الشيء.أحاسيس المرأة
رسمت الفنانة التشكيلية هند الفلافلي المرأة في مواقف شتى ومتعددة، باختلاف تعبيراتها وحركاتها، واستطاعت على مدار مشوارها الفني الذي يمتد على 17 عاماً أن تصنع لنفسها أسلوباً خاصاً ينتمي إلى المدرسة الواقعية، ويتميز بقوة التكوين، كذلك أظهرت بخطوطها المميزة ما في داخل المرأة من مشاعر مرهفة وأوصلتها إلى المتلقي.والفلافلي خريجة كلية الفنون الجميلة قسم غرافيك جامعة حلوان، حصلت على الماجستير بعنوان «تعدد الحركات الفنية في إنكلترا بالقرن التاسع عشر وأثرها على فن الغرافيك»، وأقامت معارض خاصة وجماعية عدة من بينها: * معرض شباب الفنانين التشكيليين في المركز الثقافي المصري بفيينا - النمسا يونيو 2010. * معرض للفنون التشكيلية المصرية «نيقوسيا - قبرص» يوليو 2010. * معرض «فنانون شباب من مصر» غاليري المشرق في منطقة الصالحية بالكويت أبريل 2014.ولها مؤلفات وأنشطة ثقافية عدة أبرزها: المشاركة في ورشة العمل الخاصة بنقابة التشكيليين لمساندة القضية الفلسطينية في دار الأوبرا، المشاركة في ورشة عمل بينالي القاهرة الحادي عشر كفريق عمل «عالم جديد شجاع».