تتجه «حلب الشرقية» إلى السقوط بيد قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من الجيش الروسي ومتطوعين إيرانيين وميليشيات لبنانية وعراقية وأفغانية، إذ استعادت قوات النظام امس السيطرة على حي مساكن هنانو الاستراتيجي، الأمر الذي سيكمها من شطر الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة الى شطرين منفصلين ما يسهل السيطرة عليها.

وبالتزامن مع هذا التطور، تمكن مئات من سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب من الفرار الى مناطق تحت سيطرة قوات النظام ليل السبت - الأحد.

Ad

وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن بأن «أكثر من 500 مدني من سكان حيي الحيدرية والشعار في شرق حلب، توجهوا ليلا الى مساكن هنانو» مستغلين «تقدم قوات النظام داخل هذا الحي».

وبحسب المرصد، «نقلت قوات النظام الفارين ليلا الى مناطق سيطرتها شمال مدينة حلب وتحديدا الشيخ نجار، قبل أن يصل قسم منهم صباح الأحد الى الأحياء الغربية في المدينة».

وهي المرة الأولى، بحسب المرصد، ينزح هذا العدد من السكان من شرق حلب منذ العام 2012، حين انقسمت المدينة بين أحياء شرقية تحت سيطرة الفصائل وغربية تحت سيطرة قوات النظام.

وفي وقت لاحق، أفاد المرصد بوصول ثلاثين عائلة على الأقل أمس من حيي الهلك والحيدرية المجاورين لمساكن هنانو الى حي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية. واستأنفت قوات النظام في 15 نوفمبر حملة عسكرية عنيفة ضد الأحياء الشرقية، تخللها هجوم ميداني على اكثر من جبهة وغارات كثيفة على مناطق الاشتباك والأحياء السكنية.

وتتهم قوات النظام الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من الخروج من الاحياء الشرقية لاستخدامهم «دروعاً بشرية».

ويعيش اكثر من 250 الف شخص محاصرين في الاحياء الشرقية. وكانت آخر قافلة مساعدات دخلت شرق المدينة في يوليو. وحذر الموفد الدولي الخاص الى سورية ستيفان دي ميستورا الاحد الماضي في دمشق من «كارثة انسانية» في شرق حلب مع استمرار التصعيد العسكري.

واعتبر ياسر اليوسف، عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين زنكي، احد ابرز الفصائل المقاتلة في حلب، في تصريحات لفرانس برس، ان نزوح المدنيين من شرق حلب «امر طبيعي جداً بعد حملة القصف الجوي والاجتياح البري وتدمير منازلهم وحرمانهم من كل مقومات الحياة في احيائهم ومناطقهم».

واتهم اليوسف «النظام والروس والإيرانيين بأنهم قرروا إبادة الثورة في ثاني أكبر مدن سورية عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة، مستفيدين من العجز الدولي الناجم عن التعطيل الاميركي».

وأضاف: «على مرأى ومسمع الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، يتم تطبيق سياسة التجويع او الركوع من دون اي التزام بمواثيق حفظ السلم والامن الدولي».

وبعد خسارتها مساكن هنانو، تخوض الفصائل معارك عنيفة للدفاع عن حي الصاخور المجاور الذي بات وفق المرصد «تحت مرمى نيران قوات النظام».

وتعمل الفصائل في حي الصاخور حاليا وفق اليوسف على «تعزيز نقاط الدفاع عن المدينة والاهالي»، لكنه اشار الى ان «الطيران يدمر كل شيء بشكل منهجي ومربعا تلو اخر» محذرا من انه «اذا لم يتم حظره، فسيدمر الطيران ما تبقى من مدينة حلب، حيا تلو اخر».

وقال عبد الرحمن ان تقدم قوات النظام الى الصاخور يمكنها من «فصل الاحياء الشرقية الى جزئين عبر عزل القسم الشمالي منها عن الجنوبي».

وبحسب المرصد، «تبعد اقرب مواقع قوات النظام على اطراف حي الصاخور من مواقعها في الجهة المقابلة، وتحديدا على اطراف حي سليمان الحلبي، نحو كيلومتر ونصف» كيلومتر.

ويجمع محللون على ان معركة حلب اشبه بـ»معركة تحديد مصير»، ومن شأن نتائجها ان تحسم مسار الحرب المتواصلة منذ أكثر من خمس سنوات والتي اوقعت اكثر من 300 الف قتيل.

واعتبرت صحيفة الوطن السورية القريبة من دمشق، في عددها امس، ان سيطرة الجيش على مساكن هنانو «أهم إنجاز في سجل انتصاراته شرقي مدينة حلب... وتفتح المجال أمام مزيد من التقدم في محيطها وفي عمق مناطق سيطرة المسلحين».

ونقلت عن مصدر ميداني ان «الجيش عازم على استكمال إنجازاته في الأحياء المجاورة لمساكن هنانو بداية ثم تطهير الأحياء الشرقية كاملة».

ومنذ بدء الهجوم قبل 13 يوما، احصى المرصد مقتل 219 مدنيا بينهم 27 طفلا جراء القصف والغارات على شرق حلب، في حين قتل 27 مدنيا في غرب المدينة جراء قذائف الفصائل.

ودفعت كثافة الغارت المدارس في شرق المدينة الى الاقفال وتعليق دوامها، وفق المرصد.

على جبهة أخرى، اعلن الجيش التركي أمس اصابة 22 مقاتلا سوريا معارضا تدعمهم انقرة في هجوم بالغاز نفذه تنظيم «داعش» في قرية الخليلية في محافظة حلب (شمال).

وقالت مصادر أمنية وطبية إن انفجارا هز أحد الشوارع في بلدة الراعي شمال سورية، في حين يعتقد أنه تفجير انتحاري نفذه تنظيم «داعش» وإن 12 مصابا أغلبهم من الأطفال نقلوا لمستشفى تركي.

وبلدة الراعي الواقعة على بعد كيلومترين جنوبي إقليم كلس الحدودي التركي تقع في منطقة تخضع لسيطرة مقاتلي المعارضة السورية المدعومين من تركيا بعد استعادتها من يد «داعش» خلال عملية «درع الفرات» التي بدأت في أغسطس الماضي.