شهدت فرنسا، أمس، الدوة الثانية من الانتخابات التمهيدية لأحزاب يمين الوسط، بعد أيام على تحقيق رئيس الحكومة السابق المحافظ فرانسوا فيون الفوز بالدورة الأولى على حساب منافسه رئيس الحكومة الوسطي ألان جوبيه، فيما خرج الرئيس السابق نيكولا ساركوزي من السباق ووعد بالتصويت لفيون. وشهدت الدورة الثانية مشاركة واسعة من الناخبين.وقالت صحيفة "لو فيغارو" المحافظة، إن أكثر من 1.2 مليون شخص صوتوا حتى الظهر في 64 في المئة من مراكز الاقتراع بزيادة بنسبة 13 في المئة في المشاركة مقارنة بالدورة الأولى الأسبوع الماضي.
وشارك نحو 4.3 ملايين شخص في هذه الدورة، وتابع أكثر من ثمانية ملايين مشاهد المناظرة الأخيرة بين المرشحين مساء الخميس الماضي.وفي باريس، قال فيون بعد ادلائه بصوته "أنا في انتظار صدور الحكم من الناخبين، هم الذين يتحدثون الآن وليس المرشحون". أما في مدينة بوردو (غرب)، فقال جوبيه رئيس بلدية المدينة، إنه غير نادم على حملته، مجدداً التنديد بـ"حملة مثيرة للاشمئزاز" ضده، مضيفاً "إن من العار أن يتم اتهامك بأنك سلفي أو معادٍ للسامية".ويعتبر فيون الذي حقق فوزاً مفاجئاً في الدورة الأولى من انتخابات اليمين التمهيدية ليبرالياً مؤيداً للحلول الصادمة من أجل تقليص دور الدولة في الاقتصاد ويتبنى برنامجاً اجتماعياً محافظاً.أما جوبيه، وهو أكثر اعتدالاً فيدعو إلى إصلاحات في العمق من دون صدمات، فالرهان كبير أمام انقسام اليسار.والفائز في انتخابات اليمين لديه فرصة كبيرة لأن يقف خلال أقل من ستة أشهر أمام مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن والفوز عليها، وفق استطلاعات الرأي.فاز فيون البالغ من العمر 62 عاماً بفارق كبير في الدورة الأولى بحصوله على 44 في المئة من الأصوات، رغم أن فرصته ظلت فترة طويلة تعتبر ضئيلة، ما أدى إلى إعادة خلط الأدوار بعد أن كان الجميع يتوقع أن تدور المنافسة بين الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وجوبيه البالغ من العمر 71 عاماً.وحصل جوبيه على 28 في المئة من الأصوات، بعد أن كان يتقدم استطلاعات الرأي وبذلك خرج ساركوزي البالغ من العمر 61 عاماً من السابق إلى غير رجعة.على إثر الفوز أعلن ساركوزي تأييده لفيون، رجّحت الكفة لمصلحة، وباتت أحدث الاستطلاعات تتوقع فوزه بغالبية 61 في المئة من الأصوات مقابل 39 في المئة لجوبيه.وحاول جوبيه تقليص الفارق عبر تكثيف الهجمات على مواقف فيون وبرنامجه فوصفه بأنه مغالٍ في ليبراليته وغير موثوق، لا بل إنه فظ منتقداً وعوده بإلغاء نصف مليون وظيفة في القطاع العام خلال خمس سنوات.وهاجم جوبيه فيون كذلك باعتباره تقليدياً لأنه أبدى تحفظات شخصية على الاجهاض انطلاقاً من معتقداته الكاثوليكية وبأنه يحظى بتأييد معارضي زواج المثليين، وحتى قسم من اليمين المتطرف.وانتقد جوبيه فيون كذلك على مجاملته المفرطة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.ورد فيون الخميس بقوله: "صحيح إن مشروعي أكثر راديكالية، وربما أكثر صعوبة"، متهما جوبيه بالمقابل بأنه لا يريد أن يحدث تغييراً حقيقياً.وأمام الآلاف من أنصاره في آخر اجتماع انتخابي في باريس الجمعة، قال فيون بثقة ظاهرة "أنا ارسم طريقي من خلال برنامج يعلن راديكاليته ويظهر جرأته".ورغم تقدمه في استطلاعات الرأي حرص فيون على القول، إن الأمر لم يحسم بعد.والانتخابات التمهيدية لليمين مفتوحة أمام الجميع إذ شارك كثيرون من ناخبي اليسار الذين أرادوا إقصاء ساركوزي في الدورة الأولى. وبعد تحقيق رغبتهم تلك، قال البعض، إنهم سيكتفون بذلك، لكن الاختراق الذي حققه فيون الذي يعتبرونه ليبرالياً رجعياً شحذت همم البعض.وأياً كانت نتيجة التصويت، فسيؤدي إلى تسارع الخطى في المعسكر الاشتراكي، الذي سينظم بدوره انتخاباته التمهيدية في يناير ويدعو إلى تقديم الترشيحات قبل منتصف ديسمبر.ويتوقع أن يعلن فرنسوا هولاند، الذي تدنت شعبيته لأدنى مستوى إن كان يريد الترشح لولاية ثانية قريباً. لكنه قد يصطدم بطموح رئيس الوزراء مانويل فالس.وعزز فالس الضغوط على هولاند بإعلانه في مقابلة نشرتها أمس صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" أنه لا يستبعد ترشحه لانتخابات اليسار التمهيدية.
لوبن: فيون يتراخى مع الإسلاميين
حاولت مرشحة أقصى اليمين مارين لوبن، زعيمة حزب "الجبهة الوطنية"، أمس، المزايدة في خطابها الشعبوي، مع تصاعد احتمال فوز فرانسوا فيون، الذي يميل إلى خطاب أكثر يمينية من منافسه الان جوبيه في الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي.في هذا السياق، قالت لوبن، في تغريدات أمس، إنها ترفض رفضا قاطعا أن تكون هناك "وجبات حلال" اختيارية في المدارس الفرنسية للتلاميذ المسلمين، مشددة على ضرورة الحفاظ على الطابع العلماني لفرنسا. واضافت في تغريدة اخرى ان فيون عجز، عندما كان في السلطة، عن محاربة "الإسلاميين" وإحلال الأمن. وفي تغريدة ثالثة، اعتبرت انها الوحيدة القادرة على مواجهة الاتحاد الاوروبي.