«رسالة النور» لمحمد طرزي... تعيد رسم شخصية ابن المقفع

نشر في 29-11-2016
آخر تحديث 29-11-2016 | 00:00
No Image Caption
صدرت عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» رواية {رسالة النور» للروائي محمد طرزي، وتتمحور أحداثها حول شخصية المفكر والأديب عبدالله بن المقفع وأفكاره التي كلفته حياته.
في إطار روائي فني يدور بين الماضي (القرنين السابع والثامن للهجرة) وبين الحاضر (القرن الواحد والعشرين)، وبين دمشق والعراق وخراسان وتركيا (العثمانية) وتركيا (اليوم)، تجري أحداث رواية «رسالة النور» زمكانياً.

جاء اختيار الأماكن والوقائع مرتباً بعناية، كذلك الشخصيات التي شاركت في الأحداث، وإذ نحن أمام شخصيات قرأنا عنها وعرفناها، تقولها الرواية عبر فضاء متخيّل له جذوره الواقعية الصادقة، وراعى خلالها الكاتب محمد طرزي الأمانتين التاريخية والروائية، فأخلص للتاريخ وللفن الروائي، ووازن بينهما في الوقت نفسه.

وكما يشير العنوان تسلّط رواية «رسالة النور» الضوء على إحدى زوايا شخصية ابن المقفع وعلى أحد جوانب حياته وهو الجانب السياسي/ الإصلاحي، الذي من خلاله تُقدَّم سيرة ابن المقفع في الرواية وترتكز عليها في حضورها، وهو ما تطالعنا به شخصية البطل (أبو عمرو) والمقصود به {ابن المقفع} الذي وصل إلى دمشق قاطعاً المسافات قاصداً عبد الحميد الكاتب، {صاحب الديوان} في قصر الخليفة، طالباً منه العمل في دواوين الخلافة، لا طمعاً بمال ولا سعياً إلى منصب، إنما ينشد، بتقرّبه من الحكّام، وضع كتاب لا يضلّون من بعده، كتاب يفيض حكمة وينضح عبراً. فيكون للسلاطين صلاحاً وللرعية ضمانة، لما سيُسرد فيه من ضروب في القضاء على الفساد وإصلاح القضاة والجند والخراج... هذا كان حلم الرجل... ولكن سيدرك بعد التجربة أن السبب الحقيقي لمجيئه إلى تلك البلاد أعمقُ من ذلك بكثير، وأن غايةً مقدسةً في أعنّة القدر هيّأت له أسباب تلك الرحلة كافة وتلك النهاية.

الصراع مع السلطة

الأحداث، كما يقدّمها محمد طرزي في روايته، ليست حياة ابن المقفع فحسب، بل تعكس الصراع مع السلطة بتجلياته المختلفة، ولا سيما الجانب السياسي، فهو بالإضافة إلى سعيه إلى وضع كتاب ينشد صلاح الحاكم والمحكوم، كان رافضاً الدخول في حاشية السلطان والفقيه، ما يعني تقديم رؤية إصلاحية متقدمة على زمانها، يتمّ فيها الفصل بين الأمور الدينية وتلك السياسية، وهو ما لم تتقبّله السلطات السياسية والمجتمعية (الأعراف) لا في زمان ابن المقفع ولا في زماننا.

تشكل شخصية ابن المقفع، كما تقدّمها الرواية، ترجمة تاريخية لحياة المثقف العربي، بمفهومه المعاصر، وفي صراعه مع السلطة، وهي «ثيمة» قديمة جديدة يدفع ثمنها أصحاب الرأي الحر كما حصل لابن المقفع ومخطوطه الذي بدل أن يحرّر الأفكار؛ سرت فيه النار وأكلت أوراق»... ثم أمر الوالي بالإجهاز على ابن المقفّع. وإذا بالشخصين اللذين قيّداه يقطّعان أعضاءه ويرميانها في التنور، إلى أن أتيا على جسده، والقائد العباسي يزيد بن محمد المهلبي يقول: «والله يا ابن الزنديقة لأحرقّنك بنار الدنيا قبل نار الآخرة».

back to top