بعض الذكريات والأماكن أيضا

نشر في 29-11-2016
آخر تحديث 29-11-2016 | 00:10
 يوسف عبدالله العنيزي بعد المقال السابق الذي نشر في هذه الجريدة الغراء بتاريخ 16/ 11/ 2016 بعنوان "الأماكن" تلقيت مكالمة كريمة من معالي الأخ الفاضل سليمان ماجد الشاهين، وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق، والذي عملت بمعيته عندما كان يتولى منصب وكيل وزارة الخارجية، فكسبت الكثير من تلك الخبرة التي يتميز بها، وبما يتمتع به من رقي في الطرح والتعامل.

كم سعدت بتلك المكالمة والملاحظات التي طرحها، وقد استأذنته بالكتابة حولها، فوافق مشكورا على ذلك، وبودي قبل الاسترسال في سرد تلك الملاحظات أن أعيد ذكرى تلك الليلة التي قضيناها في وزارة الخارجية، وكان الوقت قد تجاوز منتصف الليل، حيث عقد في المختصر الملحق بمكتب وكيل وزارة الخارجية "لقاء غير عادي"، مع سعادة سفير جمهورية إيران الإسلامية في البلاد في ذلك الوقت.

وقد كلفت بكتابة محضر ذلك اللقاء ولست في حل عن ذكر أسبابه أو ما طرح فيه من مواضيع، وفي أثناء الاجتماع رن الهاتف في المكتب، حيث قمت بالرد، وكان على الجانب الآخر صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، وكان يشغل في ذلك الوقت منصب وزير الخارجية، وكان سموه حريصا على متابعة اللقاء ومعرفة تفاصيله، وحتى ساعة متأخرة من الليل، حيث قاربت الساعة الواحدة ليلا.

بعد انتهاء الاجتماع تناولنا العشاء أنا وأبو عمار، وكان يتكون من بعض السندويشات الخفيفة، ثم اتفقنا على اللقاء الساعة السابعة صباحا، حيث قدمت لمعاليه محضر اللقاء الذي كتبته بخط اليد، ونظرا لأن خطي ينافس خط الرقعة ممزوجا بالنسخ مع الخط الكوفي، فقد قام أبو عمار، جزاه الله خيرا، بإعادة كتابته.

وعودة إلى ملاحظات "بوعمار" على المقال الذي أثار شجونه، فقد مر بالتجربة نفسها، وعاش تلك اللحظات الرائعة التي يشعر بها الإنسان عندما يكون ضيفا عند الرحمن في بيته العتيق، فقد سنحت لمعاليه فرصة الصلاة داخل الكعبة الشريفة، وذلك أثناء انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي في مكة المكرمة، وكان بجانبه الرئيس السوداني السابق جعفر النميري.

أما الملاحظة الأخرى التي أبداها "أبو عمار" فقد لفتت انتباهه كلمة "عبوة"، فتبادر إلى ذهنه تلك المصطلحات التي غرسها الإعلام العربي في أذهاننا، والتي صبغت حياتنا بالسواد مثل "عبوة ناسفة"، "سيارات مفخخة"، "براميل متفجرة"، وغيرها من آلات القتل والتدمير، وغابت من حياتنا عبوات الروائح الزكية، وغدت رائحة الدخان تزكم أنوفنا، ترى إن كانت هذه حالنا فكيف هي حال أطفالنا وهم يعايشون هذه الأوضاع المأساوية؟ وما شعورهم وهم يشاهدون رجال الإنقاذ وهم ينتشلون أشلاء أولئك الأطفال الذين قضوا تحت الأنقاض؟ أو حين يرون جثث أولئك الأطفال الذين ابتلعتهم أمواج البحار؟ ترى ما حالتهم النفسية وهم يعايشون هذه الأوضاع المأساوية؟ من ناحية أخرى وما دمنا نتحدث عن الأماكن، وقد عبرنا البحار والمحيطات، وقمنا بزيارة أماكن قد لا تخطر على البال في مشارق الأرض ومغاربها، فقد آن الأوان للعودة إلى منطقتنا الغالية، ففي أثناء عملي برئاسة مكتب دولة الكويت التجاري في مدينة الرياض العزيزة، وكانت العلاقات الكويتية السعودية في أوجها كما كانت، وستكون دائما، تلقيت دعوة كريمة من صاحب السمو الملكى الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وكان يشغل وقتها منصب وزير الدفاع، والمفتش العام في المملكة الشقيقة، وذلك لحضور العرض العسكري الذي سيقام في مدينة الملك فيصل العسكرية في مدينة "خميس مشيط" التي تقع في قلب منطقة عسير، وبحيرة "السودة" التي تتميز بأجوائها ومناظرها الطبيعية التي تنافس أروع المناظر الطبيعية في العالم ليست بعيدة عنها، ويوجد في خميس مشيط أكبر جامع بني في زمن الدولة العثمانية، كما يوجد فيها قاعدة الملك خالد الجوية، حيث كان محل إقامتنا في مقر الضيافة، وقد كان في الغرفة المجاورة لي مطرب العرب الأخ الفاضل "محمد عبده" الذي سعدت بالتعرف عليه وقضاء بعض الوقت بصحبته.

كل الشكر والتقدير لمعالي الأخ الفاضل سليمان ماجد الشاهين "بو عمار"على مكالمته الكريمة، ويعلم الله كم سعدت بها، فقد أعادت لي ذكريات تلك الأيام الخوالي، كما شعرت بأن بعض المقالات، قد تثير بعض الشجون عند الأصدقاء والأعزاء.

دعاؤنا دائما للمولى القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

فاللهم من أراد بالكويت خيرا فوفقه لكل خير، ومن أراد بالكويت شرا فرد كيده في نحره.

back to top