بدأ في تونس الثلاثاء مؤتمر استثماري دولي ستعرض خلاله السلطات أكثر من 140 مشروعاً تبلغ قيمتها حوالي 30 مليار يورو، في محاولة للنهوض باقتصاد البلاد المنهك بعد ست سنوات على الثورة.

Ad

وفي سياق هذا المؤتمر، قال وزير المالية الكويتي أنس الصالح إن الصندوق الكويتي مستعدة لمنح قروضاً ميسرة بقيمة 500 مليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأضاف في مؤتمر دولي للاستثمار إن القروض تهدف لإنعاش الاقتصاد التونسي.

ويهدف المؤتمر الذي يستمر يومين إلى «إعادة تونس إلى خريطة الاستثمارات في البحر المتوسط» بحسب الحكومة، ويحضره أكثر من ألفي مشارك من نحو أربعين بلداً.

وفي افتتاح المؤتمر، قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إن «نجاح البناء الديمقراطي في تونس مصلحة وطنية بالأساس لكنه يخدم أيضاً مصالح المنطقة ويساهم في أسباب الأمن والاستقرار على المستوى الإقليمي والعالمي».

وأضاف أن «تونس تواجه اليوم أوضاعاً استثنائية وهي تحتاج دعماً استثنائياً».

إثر ذلك، أعلن أمير قطر في خطاب «يسرني الإعلان عن قيام دولة قطر بتوجيه مبلغ مليار و250 مليون دولار أميركي اسهاماً منها في دعم اقتصاد تونس وتعزيز مسيرتها التنموية»، من دون أن يوضح إن كان هذا المبلغ قرضاً أم وديعة.

وقال «أمامنا في تونس شعب قرر أن يبني بلده انطلاقاً من التعددية (السياسية) وكرامة الإنسان وحريته، وعلى أساس القاسم المشترك الأعظم بين القوى السياسية وهو مصلحة تونس بعيداً عن الاستبداد».

وأضاف متسائلاً «فهل سوف نساعده لكي تنجح التجربة أم سنراقبه يواجه الصعوبات وحده لنبحث لاحقاً عن أسباب اليأس والاحباط ونتائجهما المدمرة؟».

من ناحيته، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أن الوكالة الفرنسية للتنمية ستستثمر «على الأقل 250 مليون يورو كل سنة في تونس» بالإضافة إلى التزاماتها السابقة لدعم الديموقراطية الناشئة.

ويشارك في المؤتمر ممثلون لكبرى المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وبنك الاستثمارات الأوروبي والبنك الأفريقي للتنمية، كما ستوقع على هامشه العديد من الاتفاقيات الثنائية.

ومن بين المشاريع الـ142 المعروضة في المؤتمر هناك 64 مشروعاً استثمارياً حكومياً و34 للاستثمار المشترك بين القطاعين العام والخاص و44 للقطاع الخاص حصراً.

وتتوزع هذه المشاريع، وبعضها متوقف منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 2011، على قطاعات متنوعة من النقل إلى الاقتصاد الرقمي مروراً بالزراعة والطاقة والسياحة.

وقبيل الثورة كانت السياحة تمثل 10% من اجمالي الناتج المحلي وتوفر حوالى 400 ألف فرصة عمل، إلا أن هذا القطاع تضرر بشدة إثر الاعتداءات الجهادية التي أدمت البلاد العام الماضي ولا سيما اعتداءا باردو وسوسة (60 قتيلاً).

وأدت هذه الاعتداءات وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إلى تفاقم الوضع في البلاد، ما اضطر حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت في أغسطس لإعلان حالة طوارئ اقتصادية إلى جانب حالة الطوارئ الأمنية السائدة أصلاً.

ولمجابهة التدهور الاقتصادي وتفاقم العجز، اضطرت تونس في مايو لطلب قرض بقيمة 2,6 مليار يورو على مدى أربع سنوات من صندوق النقد الدولي.

والأثنين، أكد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي فاضل عبد الكافي في تصريح إذاعي أن نهضة تونس الاقتصادية لا يمكن أن تكون إلا عبر القطاع الخاص لأن القطاع الحكومي أصبح متخماً بالموظفين بسبب سياسة التوظيف التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ 2011 لتهدئة الاحتجاجات الاجتماعية.

وقال عبدالكافي لإذاعة «شمس اف ام» أنه بسبب تركيزها على الانتقال السياسي بعد الثورة، «غابت تونس خلال السنوات الخمس الماضية عن رادارات الاقتصاد في العالم».

وأوضح أنه سيعمد الثلاثاء قبل الجلسات التخصصية في المؤتمر إلى لفت انتباه المشاركين إلى تحسن «مناخ الأعمال» في البلاد، مؤكداً أن تونس هي «الأكثر تنافسية» في هذا المجال بين سائر دول شمال أفريقيا، وهي «الوجهة الأفضل في المنطقة لناحية مردودية الاستثمار».

وأضاف أنه سيؤكد أمام محادثيه على مزايا قانون الاستثمار الجديد الذي يخفف الاجراءات الإدارية، وعزم الحكومة على مكافحة آفتي التهريب والفساد.

وستركز الحكومة التونسية أيضاً لدى المانحين والمستثمرين على أن دعم تونس هو دعم التجربة الناجحة الوحيدة لانتقال سلمي للسلطة في دول «الربيع العربي».

ورأى رئيس الحكومة يوسف الشاهد أن لا بد للمجتمع الدولي أن يدعم الانتقال الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده البلاد حالياً «لادخال تونس بشكل حاسم في مصاف الدول الديموقراطية».

ويواجه الشاهد (41 عاماً) حالة تذمر بين السكان وخصوصا الشبان الذين لم يلاحظوا أي تحسن خلال السنوات الأخيرة رغم ما حملته الثورة من وعود.

وأضاف الشاهد «على المجتمع الدولي أن يستثمر في الديموقراطية التونسية، وتونس اليوم هي بلد يدافع عن القيم العالمية».

وسيتوجه الرئيس التونسي إلى بروكسل الأربعاء والخميس للقاء كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي الذي كان أعلن مضاعفة دعمه المالي لتونس للعام 2017 إلى 300 مليون يورو.

وفي مقابلة بثتها قناة العربية الأثنين قال السبسي أن الأوروبيين «في كل يوم يعلنون عن عزمهم المساعدة والمساندة التي تصل بالقطرة، ونحن نقول أولها قطرة ثم ينهمر ان شاء الله».

وأضاف «نحن نعتقد أنه بدون استثمار خارجي لا يمكن الانطلاق بصفة جدية نحو المستقبل والتنمية الحقيقية، أن تونس حققت استقراراً أمنياً وحققنا أيضاً مناخات واعدة للاستثمار وضمانات للمستثمرين وهذه مناسبة لنعرض للعالم في هذا المؤتمر فرص الاستثمار في البلاد».