أكد الروائي الكبير ناصر الظفيري، في الندوة التي عقدها ملتقى مدارات الثقافي في جمعية الخريجين مساء أمس الأول لقراءة روايته "كاليسكا"، الجزء الثاني من ثلاثيته "الجهراء"، أنه يحاول أن يكتب التاريخ عبر روايته، لأننا كعالم عربي محتاجون الى كتابة التاريخ بصدق، لأن معظم قراءاته وأحداث تناوله كاذبة.وشدد الظفيري على أن مشكلته الوحيدة الآن باتت الدفاع عن نفسه في كل ندوة، بأنه لا يكتب عن شخصيته، وليس بالضرورة أن معاناة أبطال رواياته هي معاناته الشخصية، لكن من دون شك غنى التجارب في الحياة تجعل الأديب ينهل من مخزون لا ينضب، لأن من يريد أن يصادف عمله النجاح يجب أن يكتب عما يعرفه، حتى يستطيع تناول تفاصيل رآها أو موضوعات عاشها وحياة اختبرها بكل صدق، حتى يستطيع تكييف الحياة المعيشة، وصولا إلى أسطورته.
وأضاف أن لكل روائي أسلوبه، فمنهم من يتخذ الواقعية المباشرة وسبر أغوار المجتمع وطبقاته بعمق منهجه وإضفاء صفة السحرية المشوقة عليه، وهو أسلوب فني صعب ويتطلب خيالا خلاقا، ومنهم أيضا من يتجه الى الخيال المطلق، وهذا راجع الى اختلاف درجات الوعي التي تختلف من شخص لآخر، كالاختلافات البشرية بشكل عام، لكن هناك حدا أدنى من الوعي يمتلكه كل إنسان عاقل، ويجب ألا يتنازل عنه لكائن من كان مهما كان موقعه.
روح الانتقام
ونفى الظفيري تماما أن روح الانتقام وراء تناول شخصيات الثأر في قصصه، كما عددها صالح النبهان في قراءته لجزء من "كاليسكا"، مشددا على أن ضرورات الفعل الدرامي ومنطقية تسلسل الأحداث وطبيعة الأمور في التركيبة النفسية لمجتمعاتنا هي التي فرضت على العواد التخلص من فداحة الذاكرة الصادمة بكل تفاصيلها الموجعة، فكان انتقامه من العقيد اليزاز لتاريخ من العنف النبذ والإقصاء والذل والإهانة هو الحل.وأشار في رده على صاحب القراءة الثانية عبدالرحمن حلاق لروايته "كاليسكا" بأنه عن عمد ووعي لم يوغل مجددا في تفاصيل المكان "الجهراء" التي أتاحت له كتابة الأحداث والشخوص والأمكنة في الجزء الثاني "كاليسكا"، بسبب أنه لا يريد ان يكرر نفسه، حيث منحها حيزا كبيرا في الجزء الأول من الثلاثية، أما "كاليسكا" فالجهراء فيه مكان يحتوي الأحداث، وتتحرك الشخصيات فيه مثلما تتحرك في بقية الأماكن كالجامعة، ومنزل أسرة رشا وأخيها العقيد، لاسيما أن العواد هو الشخصية المحورية الرئيسة ومحور الأحداث ودائرة السرد.النفط عمق الفوارق
وشدد على أن سبب الثنائيات في المجتمع الكويتي هو النفط الذي عمق الفوارق بين الناس وخلق الطبقات، ورغم مرور أكثر من 50 سنة على هذه الطفرات، فإن المجتمع لم يعالج نفسه ولن يستطيع التغير، وسيبقى الوضع على ما هو عليه من التفرقة طالما لا توجد الرغبة في تعلية قيم القانون بأن الجميع سواسية تحت ظله.وأوضح الظفيري أن حرصه على الكتابة باللغة العربية، لأن اللهجة الوحيدة التي تصلح للكتابة لكل عرب هي اللهجة المصرية، واستحضار أسطورة كاليسكا الهندية لكي يعطي التجربة الإبداعية في الجزء الثاني بعدا شموليا وطابعا إنسانيا كونيا لتجربة موازية ومكملة لرؤيته لقضية المهمشين في المجتمعات الإنسانية.يذكر أن الممثل ناصر كرماني ادار الندوة في جمعية الخريجين.