قدمت فرقة مسرح الخليج العربي عرضها المشارك في مهرجان أيام المسرح للشباب الحادي عشر، تحت عنوان "الذكرى السابعة" من تأليف فاطمة العامر وإخراج علي بدر، في تعاون ثان بينهما بعد "شارع أوتوقراطيا".

مؤلفة النص فاطمة العامر كاتبة مسرحية من جيل الشباب، خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية، خاضت تجارب عديدة على المستويين النوعي والجماهيري، وفي هذا العرض تقدم نصا رائعا ومحكما، نجحت في رسم الشخصيات بأبعادها المختلفة وهي البعد الفسيولوجي والاجتماعي والنفسي، والحوارات المختزلة المكثفة، ثمة إجادة تامة في صنع نص محبوك جيدا، وبدا تأثرها بالمسرح العالمي خاصة أعمال الكاتب الروسي إنطوان تشيكوف.

Ad

ومن الصعوبة بمكان أن تعيد كتابة شخصيات معينة، بمعالجات إنسانية جديدة باهرة، ودور النص الدرامي محكم الصنع، الذي يجعلك تشعر به في كل مرة، حيث استطاعت العامر أن تخلط جوا يحيط به بعض رموز في المجتمع، من أدعياء الدين وأصحاب النفوذ والسلطة والمال وممثلي الإعلام المزيف، عبر شخصيات "القس" و"الممثلة" و"جورج" و"مارك" الذين يجتمعون في الذكرى السابعة لرحيل "آدم"، ومن هنا نستذكر الكاتب المسرحي المبدع الراحل سعدالله ونوس عندما قدم "الملك هو الملك": "أن نتخيل مسموح، وأن نتوهم مسموح أيضاً، وأن نحلم مسموح، ولكن حذار أن يتحول الخيال الى واقع، إنه ممنوع"، و"رحلة حنظلة" المسرحية التي اقتبسها ونوس من بيتر فايس في نصه الأصلي الذي كتبه بعنوان "كيف تخلص السيد موكينبوت من آلامه؟"، حيث منح شخصية "موكينبوت" الألمانية اسما عربيا هو "حنظلة"، إنها معالجة لمشكلات النفس البشرية بتصوير معاناة الإنسان عندما تمارس ضده الضغوط وتقع به تحت طائلة القهر فيفقد في النهاية إنسانيته.

نص "الذكرى السابعة" يتطرق إلى السلطة الفاسدة والفوضى، المتسببة في خلق الأزمات الكبرى التي تستعر على إيقاع الحروب تحد من الخيال وتحبس العقول بسلاسل من الوقائع المدمرة.

أثبت الممثل سعود بوعبيد مهاراته كممثل كوميدي، وامتلاكه أدوات إبداعية تجعله مشروع نجم في المستقبل، كما قدم بقية الممثلين أدوارهم بتميز.

فكرة السينوغرافيا رائعة، التي أصبحت موظفة في العرض ورسخت دلالاته، في انقسام الخشبة إلى مستويين علوي وسفلي، مع رموز لعبة الورق، والإضاءة الحمراء الدالة على الحرب والدمار ودماء الأبرياء.

ويبقى القول، إن تجربة "الذكرى السابعة" لفرقة مسرح الخليج العربي، تستحق المتابعة وإعادة عرضها في أكثر من مناسبة.

طاقم العمل

تأليف: فاطمة العامر، إخراج: علي بدر، تمثيل: سعود بوعبيد، روان الصايغ، ميثم الحسيني، إيمان فيصل، محمد الأنصاري، سعاد الحسيني. مخرج منفذ: بدر الحلاق، ديكور: فهد الهاجري، أزياء: كاترين دواجي، تأليف موسيقي ومؤثرات صوتية: عبدالعزيز المسعود.