خريطة جديدة لحلب الشرقية تكشف إدلب وتؤمن المدن الكبرى

• فرار 20 ألف مدني
• فرنسا تدعو مجلس الأمن لاجتماع فوري
• ديميستورا لحكومة شاملة

نشر في 30-11-2016
آخر تحديث 30-11-2016 | 00:05
مدرعة نظامية في حي الحيدرية بحلب الشرقية أمس الأول  (رويترز)
مدرعة نظامية في حي الحيدرية بحلب الشرقية أمس الأول (رويترز)
ألقى الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاؤه بكل ثقلهم لاستعادة السيطرة على حلب الشرقية بأي ثمن، في خطوة من شأنها أن توجه ضربة موجعة لفصائل المعارضة، وتعيد تموضع نظامه على الساحة الدولية تزامناً مع تغيير محتمل في الدبلوماسية الأميركية.
غيّرت قوات النظام السوري، بدعم من الميليشيات الموالية لإيران والتنسيق مع وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، الخريطة الميدانية لحلب المقسمة منذ سنوات عدة بين قطاعين، غربي وشرقي، في تطور يساعدها على تأمين حزام دمشق وحمص وحماة واللاذقية، ويكشف ظهر محافظة إدلب الخارجة بالكامل عن سيطرتها.

ووفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، فإن خسائر الفصائل تمثل نحو 30 في المئة من الأراضي التي كانت بحوزتها في حلب الشرقية. لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف تحدث عن نجاح حليفه بلاده الرئيس بشار الأسد في السيطرة على "نصف أراضي" المعارضة وغيّر بشكل كبير الوضع على الأرض.

وبعد هجمات متتالية استمرت أشهر، حققت قوات الأسد أكبر انتصاراتها في اليومين الأخيرين مع سيطرتها على كامل القسم الشمالي، انطلاقاً من أكبر أحيائها مساكن هنانو، الذي يعد أول منطقة سيطرت عليها الفصائل في صيف عام 2012، مروراً بالحيدرية والشيخ خضر ووصولاً إلى حي الصاخور، الذي أدت خسارة فصائل المعارضة له إلى شطر مناطقهم المحاصرة لشطرين شمالي وجنوب.

تحرك الأكراد

ومع استغلال الأكراد المعارك حامية الوطيس في توسيع نفوذها إلى حي الشيخ سعيد بعد بستان الباشا والهلك التحتاني والفوقاني في القسم الشمالي من القطاع الشرقي، يرى خبراء أن سقوط حلب الشرقية "سيشكل نقطة تحول" في مسار الحرب وستسمح للأسد بإحكام قبضته على المدن الكبرى ممثلة في دمشق وحمص وحماة واللاذقية، وقد تفتح الطريق أمام قواته لاستعادة محافظة إدلب، الخارجة عن سلطته بشكل شبه كامل، لمصلحة تحالف "جيش الفتح" بقيادة جبهة "فتح الشام" وحركة "أحرار الشام".

تقسيم المدينة

كما سيطرت القوات الحكومية على "الأرض الحمرا وجبل بدرو والأحمدية وبعيدين والإنذارات وعين التل وشيخ خضر وشيخ فارس والمقبرة الإسلامية الحديثة"، بحسب عبدالرحمن الذي أكد أن الخناق ضاق على المعارضة.

وانسحبت الفصائل إلى القسم الجنوبي من القطاع الشرقي، لتتغير الخريطةن التي فرضتها التطورات الميدانية منذ 2012، فالحديث عن تقسيم المدينة إلى حلب الشرقية الخاضعة للمعارضة والغربية الخاضعة للنظام لم يعد ممكناً.

ومن أبرز المناطق التي لاتزال تحت سيطرة الفصائل المختلفة "حي الشعار وكرم القاطرجي وكرم الميسر وكرم الطحان وبابا النيرب والشيخ لطفي والصالحين وكرم الدعدع وحي الشيخ سعيد".

تصعيد ومحادثات

وشدد المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا على "ضرورة العمل على إيجاد حكومة شاملة في سورية بغض النظر عن معارك حلب الشرقية"، معتبراً أن "هزيمة تنظيم "داعش" تكون فقط بوجود حكومة تشمل الجميع في سورية".

وأكد ديمستورا أن "هناك تصعيداً واضح في وتيرة العمل العسكري"، مشيراً إلى أنه لا يستطيع تحديد "إلى متى سيظل شرق حلب باقياً".

وقبل بدء محادثات دولية ليست على ارتباط بالوضع، طلب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت أمس عقد اجتماع لمجلس الأمن "فوراً" إزاء "الكارثة الإنسانية" في حلب، من أجل "النظر في الوضع في هذه المدينة الشهيدة وبحث سبل تقديم الإغاثة لسكانها".

وقال آيرولت، في بيان، "ثمة حاجة ملحة أكثر من أي وقت لتطبيق وقف للأعمال الحربية والسماح بوصول المساعدة الإنسانية بدون قيود".

وضع مخيف

وفي جنيف، وصفه رئيس العمليات الإنسانية للأمم المتحدة ستيفن أوبراين بأنه "مقلق ومخيف"، مؤكداً أن نحو 20 ألف مدني فروا "في الأيام الأخيرة" من حلب الشرقية إلى أحياء أخرى من المدينة تحت وطأة المعارك والقصف والحصار المفروض من قوات النظام منذ يوليو.

وأفادت المتحدثة باسم الأمم المتحدة رافينا شامداساني بأن التقارير الواردة لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تفيد بأن مسلحي المعارضة يمنعون المدنيين الراغبين في الفرار بعد أنباء عن اعتقالهم فور الوصول إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية أو المسلحين الأكراد.

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي بتينا لوشر، إن المدنيين في شرق حلب يواجهون ظروفاً "رهيبة" واصفة الوضع بأنه "انحدار بطيء نحو الجحيم".

تأمين وتعبئة

وبينما يحاول النظام وحلفاؤه تأمين مكاسبه الكبيرة، شدد مسؤول من "الجبهة الشامية" على أن المعارضة ستستميت على الطرف الجنوبي الشرقي، مبيناً أن هناك تعبئة كبيرة للقوات المتحالفة مع النظام في المنطقة، وليس هناك تقدم جديد لها لكن القصف والمعارك مازالت عنيفة خاصة في العزيزية.

وارتكبت طائرات النظام أمس مجزرة في حي باب النيرب المحاصر، جراء استهدافها لنازحين ضمن الأحياء المحاصرة، راح ضحيتها أكثر من 25 مدنياً بينهم نساء وأطفال، في حصيلة أولية أوردتها مديرية الدفاع المدني.

وبعد 5 ساعات، انتشلت فرق البحث والإنقاذ التابعة للدفاع المدني، طفلين من تحت الأنقاض بعد تهدم منزلهما جراء غارة جوية على حي الميسر، وأدت إلى مقتل والدتهم وأختهم ودمار المبنى بشكل كامل.

مصالحة أوروبية

من جهة أخرى، أعلنت اللجنة الرئيسية للمصالحات التابعة للنظام، أمس الأول، عن تشكيل لجنة للمصالحة في أوروبا مقرها برلين، لتسوية أوضاع اللاجئين السوريين هناك وكلّف كلاً من عبدالمسيح الشامي وصباح كاسوحة بمهمة "تسهيل عودة المهجرين إلى وطنهم" وألزمهما "بتقديم تقارير دورية نصف شهرية عن عمل اللجنة".

مدير مخابرات الأسد: سأقاتل حتى آخر لحظة

أجرى الصحافي الشهير روبرت فيسك مقابلة مع مدير المخابرات الجوية للنظام السوري اللواء جميل حسن استمرت 3 ساعات، تطرق خلالها إلى مختلف جوانب الأزمة، إضافة إلى أحداث حماة عام 1982 وأكد فيها أنه سيقاتل "حتى آخر لحظة".

وأفسح فيسك في صياغته للمقابلة هامشاً لوصف رجل الأسد ومتابعة قسماته ورصد انفعالاته، ونقل عنه قوله في بداية الحوار:"بالنسبة للإعلام الغربي، أنا مجرم حرب. لذلك لا أعلم إن كان سيسمح بنشر مقالة في صحيفة الاندبندنت. أنا على استعداد لمواصلة عملي، حتى لو أوصلني ذلك إلى محكمة جرائم الحرب، لأن سورية تستحق التضحية".

وأكد حسن مراراً خلاله حديثه ولاءه للأسد، وأصر على أنه لو كان رد فعله أكثر حزماً في بداية الأحداث عام 2011 لكان تم القضاء في وقت واحد على كل المعارضة المسلحة، كما تم فعله في أحداث حماة الدموية عام 1982".

وعبّر جميل حسن عن قناعته بأن "المتشددين الإسلاميين والمتطرفين الصهاينة التقوا على هدفٍ واحد وقرروا العمل على تقسيم سورية، وكدليل على ذلك، لماذا تنسق جبهة النصرة مع الإسرائيليين في الجولان، ولماذا توفر إسرائيل الرعاية الصحية والعلاج للميليشيات؟ حتى عندما استولى تنظيم داعش على بضعة كيلومترات قرب الحدود الإسرائيلية، لم تقم إسرائيل بمهاجمتهم".

back to top