فرّ أكثر من خمسين ألف شخص من حلب الشرقية خلال الأيام الأربعة الماضية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أوضح أمس أن 20 ألف نازح لجأوا إلى الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بينما انتقل ثلاثون ألفاً إلى حي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية.

وأكد المرصد أن النظام احتجز واستجوب المئات من الفارين صوب الأجزاء الشمالية الشرقية التي استعادها، مشيراً إلى أن أكثر من 300 شخص في عداد المفقودين حالياً.

Ad

وأفاد "مركز حلب الإعلامي" بأن قوات النظام أنشأت معسكرين أحدهما في مدرسة في حي الصاخور، والآخر في منطقة نقارين بالقرب من مطار النيرب العسكري، لاحتجاز الشبان الفارين مع عائلاتهم من مناطق الاشتباك، موضحاً أنها انتزعت الأوراق الثبوتية لأكثر من ألف منهم.

وفي رسالة نشرها على حسابه على "تليغرام"، أعلن الدفاع المدني في حلب الشرقية (الخوذ البيضاء) أمس عن مقتل أكثر من 45 مدنياً، معظمهم من النساء والأطفال النازحين، في قصف مدفعي استهدف حي جب القبة بالمنطقة المحاصرة منذ خمسة أشهر، مؤكداً أنه أسفر كذلك عن إصابة العشرات.

وأكد مدير المرصد رامي عبدالرحمن أن القصف كان "كثيفاً" والكثير من المدنيين عالقون تحت أنقاض المباني المنهارة، في حين أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مقتل ثمانية بينهم طفلان وإصابة 7 بجروح نتيجة قذائف صاروخية استهدفت أحياء الأعظمية وسيف الدولة وحلب الجديدة والفرقان في الجزء الغربي الواقع تحت سيطرة النظام.

انسحاب المعارضة

ورغم تلقيها خسارة هي الأكبر منذ سيطرتها على شرق حلب في العام 2012 بفقدها يوم الاثنين كامل القطاع الشمالي، رفضت فصائل المعارضة الانسحاب من المعركة، وأكدت أمس أنها تعتزم القتال.

وشدد رئيس المكتب السياسي لجماعة "فاستقم" زكريا ملاحفجي على عدم انسحاب فصائل المعارضة، وقال: "هذا قرار الفصائل، أنا تكلمت معهم بكل ما طرح. فهم لا يمكن أن ينسحبوا ويمكن أن تصير أشياء أخرى"، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل.

وفي مؤتمر صحافي، دعت المعارضة السياسية، أمس، الفصائل المتواجدة على الأرض في حلب إلى توحيد الصفوف بهذه المرحلة الحرجة وجددت رفضها الخروج من المدينة أو الاستسلام.

وأكدت المعارضة أن سقوط حلب بيد نظام الأسد والميليشيات الموالية له سيهدد المنطقة بأكملها. كما ناشدت المجتمع الدولي لوقف المجازر التي يرتكبها النظام والطائرات الروسية بحق المدنيين.

انتزاع حلب

وغداة إعلان مسؤول كبير في التحالف العسكري الداعم للأسد أن النظام وحلفاءه في روسيا وإيران يهدفون لانتزاع السيطرة على حلب الشرقية بالكامل قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب السلطة في يناير المقبل، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أمس، أنه يأمل في أن يُحَل الوضع في حلب بنهاية هذا العام. وتابع: "يجب علينا طرد هؤلاء الإرهابيين بنفس الطريقة التي يجب أن يطردوا بها من الموصل والرقة. إنها مهمة عامة"، مشيراً إلى أن روسيا على اتصال بفريق ترامب بشأن سورية.

غارة إسرائيلية

الى ذلك، أفادت مصادر عسكرية رفيعة "الجريدة" بأن إسرائيل لم تبلغ روسيا بالغارة التي استهدفت موقعا في محيط العاصمة دمشق بعد منتصف ليل الثلاثاء -الأربعاء.

وأكدت المصادر أن إسرائيل تقوم بما هو ضروري لأمنها، وان التنسيق مع الروس في سورية لا يتعدى مسألة الحفاظ على امن طائرات الجانبين وتجنب حصول أي حوادث.

وكانت طائرات إسرائيلية أطلقت ٤ صواريخ باتجاه مخزن ذخيرة تابع للجيش السوري ورتل من السيارات على طريق دمشق - بيروت في منطقة الصبورة، غير بعيد عن مطار المزة العسكري.

وقالت مصادر سورية إن أي شخصية سورية لم تصب في الغارة، ما فتح المجال لتأويلات عن احتمال إصابة شخصية غير سورية قد تكون لبنانية او إيرانية رفيعة، وسط أنباء عن إصابة مسؤول عسكري في الحزب.

وتعهدت إسرائيل بأن تستهدف أي محاولة لنقل سلاح نوعي من سورية الى حزب الله في جنوب لبنان.

التهجير و«الفرات»

وقبل ساعات، تم إجلاء ما لا يقل عن 1200 مسلح وعائلاتهم من بلدة خان الشيخ، أحد آخر معاقل المعارضة غرب دمشق، بعد اتفاق بين النظام والمعارضة ينص على رحيل المقاتلين إلى مناطق أخرى تحت سيطرتهم وعودة البلدة إلى سيطرة النظام مقابل انتهاء الحصار والقصف.

«داعش» يخطف

بدوره، أعلن الجيش التركي أمس الأول فقدان اثنين من جنوده المشاركين في عملية "درع الفرات" الهادفة إلى طرد "داعش" من المناطق الحدودية. وذكر المرصد السوري أن الجنديين فقدا في منطقة الدانا غرب منطقة الباب في محافظة حلب.

وأفادت وكالة "أعماق" المقربة من "داعش"، في بيان على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، بأن عناصر التنظيم أسروا الجنديين قرب قرية الدانا، مؤكدة تدمير مدرعة وجرافة للجيش التركي بصاروخين موجهين، جنوب قرية الأزرق غرب مدينة الباب.

قرار دولي

دولياً، عقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً، صباح أمس، بطلب من فرنسا لبحث الوضع المتدهور في حلب الشرقية، بحسب مصادر دبلوماسية أكدت أن الأعضاء الـ15 استمعوا إلى احاطة بشأن الوضع من أحد مسؤولي الشؤون الانسانية في الأمم المتحدة، وكذلك من المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا عبر الفيديو.

وقبل أن تدعو فرنسا مجموعة "أصدقاء سورية"، التي تضم الولايات المتحدة ودولاً أوروبية وعربية "ترفض منطق الحرب الشاملة" في سورية للاجتماع في 10 ديسمبر، أعلنت باريس ولندن، أمس الأول، أنهما ستحيلان قريباً إلى بقية أعضاء مجلس الأمن مشروع قرار يفرض عقوبات على مسؤولين في النظام السوري أمروا بشن هجمات بأسلحة كيماوية خلص تحقيق مشترك أجرته الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى أنها تمت بواسطة مروحيات واستهدف ثلاث قرى بشمال سورية في عامي 2014 و2015.