صورتان للحالة المندوبية
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
يمكن ملاحظة أن وظيفة مندوب الناخب التي حلت مكان ممثل الأمة تتحدد بأحد وجهين، فهناك النائب المندوب المفروض عليه أن يقضي مهمات الجماعات الأقل ثراء والأقل حظوظاً في الثروة الريعية وفي المناصب الكبيرة، الذين يعدون أنفسهم قد جاؤوا متأخرين في مضمار سباق فرص الثروات، وهذه هي المهمة المفترضة للنائب كتخليص معاملة جواز بسيطة، وتمرير مخالفة بناء... وتوظيف في إدارة تتوفر بها مزايا معينة ككادر خاص مثلاً، وعلاج سياحي... وغير ذلك من الأمور الخدماتية التي يمكن اعتبار (بنوع من التجاوز) أنها بسيطة في الثقافة التاريخية للدولة.الوجه الآخر للعمل الانتدابي أخطر وأكبر، وهنا لا تكون مهمة النائب المندوب "تخليص" معاملة بل "تفصيل" مناقصة أو مزايدة حسب الظروف المطلوبة. النائب في هذا المكان يرتفع ويتعالى بقوة سلطانه وحيثيته الاجتماعية وحيثيات مَن دعمه مالياً من الحالة "المندوبية" الصغيرة إلى ممثل المصالح الكبيرة، هذا النائب أي المندوب الأكبر ينتقد بضراوة واقع السياسة بالدولة ويهاجم الفساد بخطاب عام مستهلك، وفي أحايين أخرى يظهر نفسه بدور العاقل المتزن الذي لا يريد أن تصل الأمور لدرجة الحل... وهو في آخر الأمر "مندوب" لا أكثر، منتدب لتحقيق مصالح جماعات محددة ذات نفوذ تظهر نفسها بالمظهر العقلاني القانوني لكنها في النهاية صورة من صور الفساد، والقانون الذي يسعفها عادة لا يستند إلى المؤسسات الثابتة المستقلة ويمكن أن يكون بحد ذاته أداة فساد مستترة، وهي أخطر على مستقبل الوطن من الفساد البسيط الظاهر.ماذا عن مجلس الأمة الجديد، وما مصيره لو حاول (مجرد افتراض) بعض شبابه تجاوز الحالة المندوبية بأي من الصورتين السابقتين، الصغرى أو الكبرى؟ وهل نتخيل أنه يمكن له أن يستمر قليلاً في معمعة مراسيم الحل أياً كان الظرف المأسوي القادم للحالة المالية للدولة؟... فكروا قليلاً.