«الأمن الاجتماعي – الاقتصادي والمواطنة الناشطة في المجتمع المصري»... بيانات ونتائج
تكمن أهمية كتاب «الأمن الاجتماعي- الاقتصادي والمواطنة الناشطة في مصر» (صادر عن مركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات) في توجيهه الاهتمام ببُعد الأمن الاجتماعي الاقتصادي في المجتمع المصري ومحاولة تحقيق هذا البعد، وتوفير أساس علمي في صورة مجموعة من البيانات والنتائج، تُتيح لصانعي القرار تبيّن أهمية دور الأفراد الناشط والفاعل في
المجتمع في المجالات كلها، لتحقيق أهداف الفرد والمجتمع والتغلب على مشكلاته، على ما ورد في مقدمة الكتاب.
المجتمع في المجالات كلها، لتحقيق أهداف الفرد والمجتمع والتغلب على مشكلاته، على ما ورد في مقدمة الكتاب.
تحدّد سارة البلتاجي إشكالية دراستها «الأمن الاجتماعي- الاقتصادي والمواطنة الناشطة في مصر» بملاحظة الحوادث المتتابعة التي شهدها المجتمع المصري أخيراً ورصدها بعد ثورة «25 يناير»، ومطالبة المواطنين المستمرة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم، في وقت اتخذ فيه المصريون مواقف اجتماعية عدة، واختلفوا في مسألة ملاءمة الممارسات الاحتجاجية التي انتهجها المواطنون في تنظيمهم التظاهرات للمطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ذلك في ظل أوضاع سياسية خيّمت بعد الثورة، وبعد انتخابات 2012 الرئاسية.
إطار نظري
يمثل الفصل الأول، «الإطار النظري لدراسة العلاقة بين الأمن الاجتماعي - الاقتصادي والمواطنة الناشطة»، مدخلاً مفاهيمياً للدراسة، من خلال البحث في الأمن الاجتماعي الاقتصادي والمواطنة الناشطة والمجال العام، وفي أهمّ النظريات السوسيولوجية المفسرة لعلاقة الأمن الاجتماعي الاقتصادي بالمواطنة الناشطة، في تحليل نظريتي الجودة الاجتماعية والفعل الاتصالي.أما الأمن الاجتماعي- الاقتصادي بحسب البلتاجي فهو حالة يشعر فيها المواطن بأن «أنظمة الدولة الرسمية تلبي حاجاته الأساسية، في مجالات الموارد المالية والعمل والسكن والصحة والتعليم، بشرط أن تكون ذات جودة مقبولة تُحدَّد وفقاً لمدى كفاية دخل الأسرة، وتوافر فرص العمل، وملاءمة أوضاع العمل مع الأجور، وتوافر المرافق الأساسية داخل السكن وتمتع جميع المواطنين بخدمات الرعاية الصحية وحصول الجميع على فرص عمل». أما المواطنة الناشطة فقدرة المواطنين على تغيير البيئة الاجتماعية المحيطة بهم؛ للحصول على حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، فيما تكمن أهمية الجودة الاجتماعية في جمعها بين التنظير وبين وظيفتها كونها أداة تنموية لتقويم مشكلات المجتمع الإنساني وحلها.في الفصل الثاني، «مستويات الأمن الاجتماعي - الاقتصادي في المجتمع المصري وتداعيات ثورة 25 يناير»، تناولت الباحثة مستويات الأمن الاجتماعي - الاقتصادي في المجتمع المصري بين عامي 2005 و2010، في ضوء العناصر والمتغيرات الآتية: الموارد المالية والسكن والبيئة والرعاية الصحية والعمل والتعليم، قبل أن تنصرف إلى البحث في تداعيات ثورة «25 يناير» على هذه المتغيرات.
تحولات وهيمنة
في الفصل الثالث «أوضاع المواطنة الناشطة في المجتمع المصري وتداعيات ثورة 25 يناير»، عرضت البلتاجي هذه الأوضاع من خلال عناصر ومتغيرات عدة؛ الاحتجاج، والتغير الاجتماعي، والحياة المجتمعية، والقيم الديمقراطية، والتمثيل الديمقراطي. وفي نهايته، ختمت بخلاصات عامة تؤكد صحة فرضية ثانية من فرضيات الدراسة، مفادها أن «ثورة 25 يناير ساهمت في تعزيز المواطنة الناشطة على مستوى المجتمع المصري كله». بحسب الباحثة، ظهرت التظاهرات والمطالبات الفئوية على المستويات كلها قبل الثورة؛ ما يدل على عدم ارتباط ظهورها بقيام ثورة «25 يناير»، «إلا أن تسليط الضوء عليها من خلال الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني العالمية والمحلية، دفع عدداً من المواطنين نحو تدعيم المطالبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المشروعة؛ ما دعم نجاح قيام الثورة وانضمام عدد كبير من المواطنين إليها، حتى وإن لم يكونوا ناشطين سياسياً قبل الثورة».أما في الفصل الرابع والأخير، «العلاقة بين الأمن الاجتماعي - الاقتصادي والمواطنة الناشطة بعد ثورة 25 يناير»، فبحثت سارة البلتاجي في تحولات المجال العام وانحساره في المجتمع المصري، وهيمنة القوى الاقتصادية والسياسية على المجتمع المصري قبل ثورة «25 يناير»، ثم قيام الثورة وتحرير المجال العام وتحولاته، وتشرذم المجتمع المصري بعدها، عارضةً انعكاس تحولات المجال العام على المواطنة الناشطة في المجتمع المصري، «في ظل مظاهر مختلفة، متمثلة بالتظاهرات الصامتة والاعتماد على الأساليب الفنية الإبداعية في تحرير المجال العام».