على أعتاب حكومة جديدة
قال تعالى «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ». صدق الله العظيم.لقد عبر الشارع الكويتي عن رغبته في التغيير من خلال مشاركة واسعة وصلت إلى ٧٠٪ وبتغيير وصل إلى٦٠٪ طال مجموعة من الأسماء التي اعتادت النجاح في المجالس السابقة، وضخ دماء جديدة، مما يؤكد السخط الشعبي من أداء مجلس ٢٠١٣. إفرازات هذه الانتخابات لم تقف عند ارتفاع المشاركة الشعبية والتغيير، لكنها جاءت متوازنة وراعت التركيبة الاجتماعية والسياسية، مما يعزز فرص وجود الكتل النيابية داخل المجلس وتوجيه العمل الرقابي والتشريعي.
هناك مجموعة من الرسائل حرص الناخب على إيصالها بهذه الانتخابات، وفي مقدمتها التمرد على التشاوريات والفرعيات من المرشحين والناخبين لما لها من أثر معيب يعدّ سبة في جبين الديمقراطية الكويتية وهضما للكفاءات من المستقلين. الرسالة الثانية كانت موجهة إلى الأصوات التي تقتات على الطرح الطائفي، وذلك بعد سقوط معظم تلك الأصوات نتيجة وعي الناخب الكويتي واهتمامه بالقضايا الاقتصادية والوطنية، مع إدراكه خطورة المنطقة إقليماً والحاجة إلى صوت العقل بدلاً من صوت التأزيم الذي لا طائل منه سوى تفكيك المجتمع. الرسالة الثالثة كانت موجهة إلى الحكومة والوزراء المنتخبين، وهي بمثابة رسالة مزدوجة تنمّ عن عدم رضا المواطن وسخطه من أداء الجهاز التنفيذي الذي لم يتمكن من إقناع المواطن خلال الفترة الماضية، خصوصا بعد رفع أسعار المحروقات، كوسيلة لدعم العجز في الميزانية دون إيجاد بدائل وحلول أخرى. الحديث عن التشكيل الحكومي يجب النظر إليه من عدة اعتبارات، وفي مقدمتها قراءة سمو رئيس الوزراء لمخرجات الناخب، والتي توافقت مع ما جاء بمرسوم الحل وخروجه من الصندوق الصغير إلى فضاء التغيير، استجابة لتطلعات المرحلة القادمة، على أمل أن تخرج الحكومة هي الأخرى من صندوقها الصغير، ومن حسبة الترضيات والمحاصصة، وتكرار الأسماء بحكومة قادرة على رسم خريطة طريق تستطيع التعاطي مع القضايا الاقتصادية واحتياجات المواطن التعليمية والصحية والإسكانية.ترك الحكومة دون محاسبة ولفترة طويلة سنّة مبتدعة وتجاوز على الدستور، ولعل المجلس السابق تمادى في تطبيق هذه السنّة تحت ذريعة الاستقرار والتعاون وفسح المجال للوزراء بالعمل دون ضغوط، إلا أن هذه التجربة قد أثبتت فشلها وساهمت في سوء الإدارة، ولأجل ذلك ولما تقتضيه المصلحة الوطنية أدعو السادة النواب للتخلي عن هذه الفكرة التي كانت أحد أسباب خروج معظم نواب مجلس 2013، فالناخب اختارك لغاية سامية وللذود عن مصالحه والإخلاص لله وللوطن وللأمير.ودمتم سالمين.