6/6 : يا بلاداً خُلِقت كي تُنتَجَب
"ليس أمامنا من خيار سوى انتخاب المرشح النزيه والمتجرد، والمؤهل لأداء مسؤولية النيابة بالأمانة والصدق، وإقصاء جميع من انتفع بوسائل غير مشروعة، ومن سعى لتحقيق مصالحه الخاصة لا مصالح الشعب والوطن، ودارت من حوله شبهات الفساد، وكيفما نكون فسيولّى علينا".بهذه العبارات ختمت مقالتي الجمعة الماضية، قبل يوم الاستحقاق بأربع وعشرين ساعة فقط، وجاءت النتائج لتلامس، بل وتفوق التمني، استناداً إلى رهاننا الطويل على وعي الناخب الكويتي وقدرته على الفرز وحسم الخيارات الوطنية نحو ما يجعل من الكويت دائماً "بلاداً خلقت كي تُنتَجب" كما قال الشاعر الفذ يوسف الشطي في رائعته "يا بلادي".في السادس والعشرين من نوفمبر تعزز فينا اليقين بأن الكويت ومستقبلها بخير ما دامت ديمقراطيتها وشعبها وشرعيتها الدستورية بخير.
وبعد تهنئة الكويت بنتاج عرسها الديمقراطي المتوقد دعونا نتفقد بعضاً من ملامحه:• انتخبنا ككويتيين بحضارية وسلمية فائقة في زمن تخوض دولٌ من حولنا غمار العنف والقتل والغوص في ينابيع الدم، لا حوار فيها ولا ديمقراطية، ولا هم يفرحون!•عبّر الشعب بإرادة حرّة وواعية وسلمية عن تنوعه الفكري والاجتماعي، من خلال صناديق الاقتراع، ليشكل مجلساً نيابياً تمثلت فيه جميع الأطياف بكل توافق ومحبة، وأعاد الاعتبار والهيبة لتشكيلة المؤسسة التشريعية.• أقصت الصناديق بعض الشخوص الذين تمثلت فيهم ألوان من الانتفاع والارتزاق من مواقعهم النيابية، والذين اتخذوا منها تكايا لمصالحهم وإثرائهم المشبوه، وكذلك نبذ الناخبون مرشحين آخرين احترفوا شراء الذمم، (هذا مع الاحترام والتقدير للبعض ممن لم يتم انتخابهم لا بسبب الشك بنزاهتهم بل لأسباب أخرى متعلقة بمعطيات الانتخاب).• لامس التغيير ٦٢ في المئة من تركيبة البرلمان السابق، في حراك شعبي فعّال عنوانه "السأم من أداء غالبية المجلس السابق"، وجدد للبعض منهم ودفع بعناصر أكثر أهلية لأداء دورها في بناء الوطن وتعزيز نظامه الديمقراطي وترسيخ قيم النزاهة والصلابة الرقابية والتشريعية. ولا يبطل ذلك عدم الرضا عن بعض المُنتَخَبين، فذلك هو اختيار الناس وواجب علينا احترامه. • تم التأكيد على أن المشاركة الإيجابية لا المقاطعة هي سبيل التغيير والانتقال إلى الأفضل، فمارس الناخبون حقهم بالانتخاب بنسبة لامست الـ٧٠ في المئة من المسجلين.• تم ترسيخ بناء المستقبل باختيار الشباب الواعد وتكليف ثُلّة منهم لتسنّم المسؤولية النيابية بنِسَبة قاربت ٢٥ في المئة من أعضاء المجلس، ومنحوا الثقة برغم خوضهم غمار الانتخابات للمرة الأولى، بل تم تمكينهم من المراكز الأولى بين المتنافسين.• لم تغفل الصناديق اختيار سيدة مخضرمة ومليئة بالحيوية من الدائرة الثالثة، وهي وإن كانت الوحيدة في المجلس فإنها تعد إشراقة أمل بالمزيد من التمثيل النسائي مستقبلاً.• أخيراً: لم يعد هناك ظلالٌ من شك حول المسؤولية الكبرى لهذا المجلس بتشكيله الجديد، لترسيخ الاستقرار لبلدنا والأخذ بيده لدروب النهوض والنماء، والتعامل بوعي وحذرٍ مع استحقاقات وتحديّات المرحلة التاريخية التي نعيشها ومخاطرها المحلية والإقليمية، ونأمل ألا تكدّر فرحة التغيير مغامرات عبثية قد يمارسها بعض من وصل إلى الساحة النيابية، محملاً بنزعات انتقامية أو توجهات صدامية قد تطيح بآمال الاستقرار وتؤدي إلى حل مبكّر للمجلس يعيدنا للمربع الأول، لا قدر الله.ويبقى السؤال الأهم:هل ستحاكي التشكيلة الحكومية النقلة النوعية في تركيبة البرلمان؟سننتظر!