المفترض أنْ تتوقف كل مساعي الخير لرأب الصدع اليمني وحلِّ الأزمة اليمنية، فقد ثبت، ولاسيما بعد تشكيل "الانقلابيين" حكومة لهم، أنه لا يمكن اعتبارها إلا عنواناً واضحاً لـ"التشطير" والعودة إلى ما قبل بدايات تسعينيات القرن الماضي عندما كان هناك يمن جنوبي تحكمه القبائل "الماركسية" ويمن شمالي بات يحكمه الشاويش علي عبدالله صالح بعد سلسلة التصفيات الجسدية والاغتيالات التي أزاحت من أمام هذا الشاويش الأمي رئيسين، هما أحمد بن حسين الغشمي، وإبراهيم الحمدي، مما أوصل هذا البلد العربي العظيم إلى ما هو عليه الآن من ويلات ومآسٍ ودمار وخراب.لقد كانت هناك إمكانية، قبل هذا التطور الخطير الأخير، لأن يكون هناك وسطاء خير لإصلاح ذات البين، على غرار ما بادرت إليه الكويت المعروفة بمبادراتها الأخوية الخيرة لإنهاء أي خلافات عربية – عربية وإنهاء خلافات الأشقاء أبناء الوطن الواحد والدولة الواحدة، لكن... أما وقد أقدم هذا التحالف الشيطاني الذي جمع بين "متعوس الحظ وخائبي الرجا" على هذه الخطوة الأخيرة التي جاءت استكمالاً لذلك الانقلاب المشبوه على الشرعية اليمنية، فإنه لم يعد للوساطات أي مكان، وأن الجهود الخيرة كلها يجب أن تنصب في الاتجاه الصحيح، وهذا الاتجاه الصحيح هو محاصرة هذا التمرد بالقوة العسكرية، لقطع الطريق على إيران كي لا تكرر في هذا البلد العربي ما فعلته ولا تزال تفعله في العراق وسورية... وأيضاً في لبنان.
كنا قد سمعنا قبل نحو أربعة أيام، وعلى ألسنة كبار المسؤولين الإيرانيين، أنه ستكون هناك حكومة إسلامية واحدة مركزها طهران، وكنا سمعنا أيضاً تهديدات جنرالات الحرس الثوري الإيراني بابتلاع هذه المنطقة كلها والسيطرة عليها، ولذلك عندما يبادر الحوثيون وعلي عبدالله صالح إلى هذه الخطوة التشطيرية فإنهم يعلنون لدعاة هذه الحكومة الإسلامية (الطائفية والمذهبية) أنهم السباقون لوضع حجر المدماك الأول لهذه الحكومة... وإلا فما معنى أن يحصل كل هذا الذي يحصل وفي الوقت الذي تعرضت فيه مدينة حلب إلى ما تعرضت ولا تزال تتعرض له.ولذلك فإننا نقول لذوي النوايا الحسنة والحريصين على أن يبقى اليمن السعيد موحداً لكل أبنائه، وجزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية: "لقد سبق السيف العذل"، ولم يعد هناك أي مجال لكل هذه المساعي الحميدة فعلاً السابقة واللاحقة، وذلك لأن حكماء العرب القدماء كانوا قد قالوا:ووضع الندى في موضع السيف بالعُلامُضِرٌّ كوضع السيف في موضع الندىوبصراحة، فإنه لم يعد هناك أي مجال للتعاطي مع الأزمة اليمنية بعد هذه الخطوة (التشطيرية) التي أقدم عليها تحالف الحوثيين مع علي عبدالله صالح، إلا بدعم الخيار العسكري من خلال التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والتي لو أنها لم تواجه التحدي بتحدٍّ أقوى وأكبر منه لكانت الدول الخليجية كلها الآن في أوضاع غير هذه الأوضاع، ولكان جنرالات الحرس الثوري يتبخترون على شواطئ الخليج العربي، ويفعلون ما يفعلونه الآن في العراق، وفي سورية... وأيضاً في اليمن ولبنان.
أخر كلام
ما بعد خطوة «الانقلابيين» الأخيرة!
02-12-2016