لقد برهن الشعب الكويتي على أنه يملك نفساً إصلاحياً مكنه من الإطاحة بمعظم من أضروا به، وقدم رسالة قوية في يوم الاقتراع، الذي كان يوماً للإصلاحيين بامتياز ؛ وأثبت أن من يعمل للكويت يستحق التواجد تحت قبة "عبد الله السالم"، ولا عزاء للمناديب؛ فقد وصلت نسبة التغير إلى (٦٨%)، بدخول (٣٤) نائباً جديداً إلى مجلس الأمة، وهذا يدل على أن أبناء الكويت لديهم المسؤولية والوعي، وهذا ما كنا نراهن عليه في مقالاتنا السابقة. وأكثر ما يشد الانتباه في الانتخابات الماضية هو وصول (٢٦) نائبا إصلاحيا إلى قبة "عبدالله السالم"؛ وهو عدد كاف ومريح لتمرير القوانين والتشريعات الإصلاحية والوطنية، وكذلك القيام بالدور الرقابي على أكمل وجه، حتى إن استدعى الأمر طرح الثقة في الوزراء بمن فيهم رئيس الحكومة. لذلك يجب أن تدرك السلطة وتعي جيداً هذه الحسبة التي خالفت كل التوقعات؛ وتقوم بتوزير رجال دولة حقيقيين يملكون القوة والكفاءة التي تمكنهم من المواجهة والتعامل بكل حنكة مع مجلس قوي كهذا، لأن زمن مجلس المناديب انتهى.
ومن المفيد هنا استحضار أهم نتائج الانتخابات، وهي على النحو التالي:- تراجع قوي للتيار السلفي، بعدم نجاح مرشحيه؛ وهذا يتطلب مراجعة شاملة وشفافة للمواقف السياسية للتيار، والتي خذلت الشعب الكويتي على مدار السنوات الماضية. - أيضاً تراجع تمثيل الطائفة الشيعية بنسبة (١٢%).- كذلك قبيلتا المطران والعوازم أبرز الخاسرين في هذه الانتخابات، وفي المقابل يوجد تقدم ملحوظ لممثلي قبيلة عنزة بواقع (4) نواب. - أيضاً هناك تقدم ملحوظ للحركة الدستورية الإسلامية حيث وصل (٤) نواب من أصل (٥)؛ و"حدس" طوفت على نفسها وعلى الحراك الوطني الحر، فرصة كبيرة، لو قدر لها الله، الاكتفاء بـ"الحربش" ممثلاً وحيداً لها بالدائرة الثانية، لحصد المركز الأول دون منازع، والدليل يكفي فيه أن نراجع ما حصل عليه الحربش (٢٤٤٣) مضافا إليه ما حصل عليه "المطر" (١٧٠٣) هو ذاته نتيجة المركز الأول (٤١٤٦) ؛ وبالتالي خسارة فرصة إيصال رسالة قوية إلى الحراك الوطني الحر بقيادة حدسية، ما من شأنه زيادة الرصيد الشعبي للحركة؛ وبالتالي استثمار هذا الرصيد مستقبلاً لتجهيز ممثل كفء يكون جديراً بأن يخلف الرمز السياسي المرحوم بإذن الله فلاح الصواغ في الدائرة الخامسة. وغير خفي على أحد، الانعكاسات الإيجابية لهذا السيناريو لو تم، على الحلفاء من الإصلاحيين، سواء من القوى السياسية أو المستقلين.فحدس بدلاً من أن تتبنى هذا الاتجاه غامرت بمخالفة كل الاتجاهات المنطقية؛ ودفعت "بالمطر" بحسن نية، فكانت خسارته موجعة، ويكفى أن نذكر أن للخسارة طعماً واحداً هو المرارة؛ سواء كان بالمركز الحادي عشر بفارق بسيط أو بمركز متأخر. زد على ذلك خسارة الحربش للمركز الأول، وحصوله على المركز الرابع؛ ولولا عناية الله والإمكانيات التي يمتلكها الحربش وتاريخه السياسي والجهد المتميز لمتطوعي الحملة الانتخابية، والمزاج العام الإصلاحي لكانت النتيجة كارثية بعدم وصوله، وهو من يمثل قاعدة جماهيرية كبيرة في الدائرة الثانية وفي الكويت عامة. إن نقد "حدس" يندرج تحت بند جلد الذات ومن محب، لذلك من المفيد استحضار جزء من مقال كتبه محمد الوشيحي في فترة حكم محمد مرسي، كان بعنوان "يا إخوان مصر تحربشو"، وأهم ما ذكر فيه أن الحربش لا يملك آلة حاسبة في جيبه. ومجاراة له أقول "يا حدس تحربشو" لكي لا تذهب ريحكم.ختاماً: إن الشعب الكويتي قام بدوره في الانتخابات الماضية على أكمل وجه؛ وعبر عن وعي سياسي راق، وقدم خيارات متعددة إصلاحية من كل أطياف المجتمع، لاسيما الدفع بالوجوة الشابة التي أتوقع لها أن تثري العمل السياسي بما تحمل من رؤي مستقبلية، خاصة بعد الاحتكاك والاندماج مع المخضرمين من الإصلاحيين؛ وتبقى المهمة الآن على ممثليه للقيام بدورهم كما وعدوا أثناء حملاتهم الانتخابية، ويجب أن يدركوا أن العودة والاحتكام إلى الصناديق قادمة لا محالة، عاجلاً أم آجلاً.ودمتم بخير.
مقالات - اضافات
High Light: رسالة شعب
03-12-2016